حماس والأردن . . ظروف تدعو إلى تنسيق الجهود

تشير العديد من تطورات القضية الفلسطينية إلى ضرورة حصول تنسيق للجهود بين كل من الأردن وحركة حماس؛ إذ يظهر لكل متابع أن سلوك إدارة ترمب في الملف الفلسطيني لا يراعي مصالح حيوية للأردن، وكانت آخر فصول هذا السلوك تصريحات جاريد كوشنر بأن “إسرائيل” لها الوصاية على القدس وما فيها، وهو موقف يتفق مع أفعال فريق ترمب، ولذلك فإن أي “تطمينات” مخالفة له لن تعدو أن تكون تخديرا إلى حين فرض بقية الوقائع على الأرض. 

وقد أظهر سلوك حركة حماس؛ وخصوصا في دعم مسيرات العودة قدرتها على ردٍّ فاعل للصفقة؛ وأن لديها أدوات فاعلة على الأرض، وخصوصا في غزة والقدس.

وفي حين يتولى الأردن رسميا الإشراف على المسجد الأقصى، فإن لجمهور الحركة الدور الشعبي الأكبر في الدفاع عنه.

وفيما شهدت الفترات السابقة تنافسا في الدور في القدس، مدفوعا بالهواجس المتبادلة بين الطرفين، فإن الموقف الحالي يظهر مصلحة مشتركة في تنسيق العمل في الميدان لإحباط مساعي الاحتلال في تقسيم الأقصى وترسيخ سيطرته على القدس.

وكما هو معلوم، فقد تبنت تركيا دعم وصاية الأردن على المقدسات في القدس مدخلا لمواجهة مساعي السعودية لتولي الوصاية عليها، وهو ما يثير مخاوف الكثيرين من أهداف ولي العهد السعودي بخصوص ذلك في ضوء تواتر المعلومات عن دعمه لـ”صفقة القرن”.

ومن المفترض أن يشكل التقارب التركي مع الأردن في ملف القدس عاملا مشجعا للطرفين لإذابة الجليد بينهما، والعمل على أساس المصلحة المشتركة بينهما  -وإن كانت جزئية-، علما بأنه لا يمكن التفريق بين الجهود التركية وجهود الحركة الإسلامية في الداخل وجهود جمهور حركة حماس في القدس والضفة في العمل المقدسي. 

وهذا يستدعي التفاهم بشأن آليات العمل لحماية القدس والأقصى، في ملفات عديدة منها: الموقف من زيارة القدس، الذي كان أحد ملفات الخلاف بين الطرفين. كما أن إتاحة المجال لتوسع مسيرات العودة انطلاقا من الأردن سيضيف زخما هاما إلى جهود معارضة صفقة القرن التي تسعى إلى شطب ملف اللاجئين.

وفي حين تبدي حركة حماس حرصا على التنسيق مع الأردن في هذا الشأن وغيره؛ فإن التحدي الرئيسي يكمن في مدى استعداد صاحب القرار في الأردن لتوسيع هامش مناورته في مواجهة عنجهية وتهور إدارة ترمب وحلفائها في الإقليم، الذين لا يظهرون أي حساسية أو تفهم تجاه مصالح الأردن ومستلزمات توازنه واستقراره.