الخميس 26/سبتمبر/2024

تسعيني يروي مرارة اللجوء.. هكذا توقفت الذاكرة على أعتاب حيفا !

تسعيني يروي مرارة اللجوء.. هكذا توقفت الذاكرة على أعتاب حيفا !

على أعتاب العقد التاسع من عمره، يسرد الحاج مصباح أبو الهيجاء في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، تفاصيل بلدته المهجر منها “عين حوض” قضاء حيفا، كما لو تركها بالأمس، إذ توقفت ذاكرته على أطلالها في العام 1948.

يتحدث واصفا شجرة الصنوبر البارزة في “عين حوض”، ومن حولها شجرة الزيتون والتين البياضي، التي كان يقضي وقتا طويلا من يومه تحت ظلالها، قائلا، لمراسلناِ: “وأنا أتحدث إليك، كل تفاصيل عين حوض ماثلة أمامي”.

وقد التف أحفاده حوله، يتحدث والدمعة تنساب من عينه، “خسرنا زينة وجنة الأرض، كانت المال والوجاهة”، وتابع : “البلاد لم تبع، ولكن غرر بأهلها الطيبين وتركوا لوحدهم”.

وفي البلدة التي تقع قضاء حيفا، ولد الحاج أبو الهيجاء، وأنهى تعليمه الابتدائي في مدرستها المتواضعة، ثم تركها ليساعد والده في كسب لقمة عيش العائلة، وتزوج فيها قبيل النكبة بأشهر، لتنجب زوجته مولوده الأول في أيام النكبة الأولى، الذي ما لبث أن فارق الحياة.

وتتوقف ذاكرة “أبو الهيجاء” طويلا يتذكر الحياة، عند بذور القمح والعدس التي بذرها خلف والده على الخيل  في أرض عين حوض قبل النكبة، وكذلك كرم العنب والزيتون الذي كان يعتني به يوميا، حيث اشتهر مسقط رأسه بزراعة الحبوب والخروب والزيتون.

وتقع عين حوض شمال مدينة حيفا، وبجوارها أقيمت مستوطنة “عتليت” من الغرب، ومن الشرق “دالية الكرمل” و”أم الزينات”، ومن الشمال الطيرة وحيفا ومن الجنوب المزار، وتتكون من عائلة واحدة هي أبو الهيجاء.

ويتمتع الحاج “أبو الهيجاء” بذاكرة تفصيلية تتذكر أدق الأمور، إذ يسهب بالحديث عن المساحات الكبيرة من الأراضي والسهول المليئة بالزيتون والخروب وعين الماء المسماة “عين حسن الحسين”، (كان يصل ارتفاع الماء بها إلى متر، ولا تنقص ملم واحد، بالرغم من كثرة استخدامها)، كما قال.
 
كما لا ينسى حكايات المختار، صاحب الأمر والنهي في البلدة، وكذلك مسحراتي رمضان، الذي كان يحمل برميل ماء فارغ ويقرعه لإيقاظ المواطنين للسحور، ويقدم له بعض المواطنين الميسورين خمسة قروش لكي يعيش هو وعائلته، “أما في صبيحة يوم العيد فكنا نزور كل البيوت في القرية ونجمع الحلوى ونعود للبيت محملين بكمية كبيرة منها”، يضيف الحاج مصباح.
  
مع الهاجاناة

ولكن كل ذلك تبدد بهجوم عصابات الهاجاناة عل البلدة، والتي طوقتها لتبدأ اشتباكات مع الأهالي، يقول الحاج التسعيني، ويتابع، بعد أن اختزل قصة احتلال بلدته، فهو لا يريد أن يتذكر التفاصيل المؤلمة: “ارتقي شهداء في اليوم الثالث للحصار؛  فطلبنا الإسناد من قرية اجزم الواقعة في الجهة الجنوبية للقرية، وحضرت مجموعة مسلحة من الشبان ودارت الاشتباكات”.

ويضيف: “حينها تدخل بعض وجهاء القرى المجاورة لقريتنا لكي يتم تسليم السلاح والعيش بسلام، إلا أن أهالي القرية رفضوا الفكرة، وقالوا سنستمر بالمواجهة حتى نمنعهم من دخول القرية، وبدأنا بإخراج الأطفال والنساء من القرية، وتحصن المقاتلون بعين حوض، وبدؤوا بمواجهة عصابات الهاغاناة، ولكن بسبب قلة الإمكانيات والسلاح سقطت عين حوض، والطيرة، والمزار، وعين غزال، والطنطورة …..وهكذا سقطت عين حوض”… تتحشرج الكلمات في حلق أبو الهيجاء ألما وكمدا. 

قبل أن يستجمع أنفاسه، يتابع على مضمض: “كان اليهود يتعمدون إشاعة الأخبار التي من شأنها زرع الخوف بين المواطنين، بأن العصابات تقتل الأطفال وتحرق البيوت وتغتصب النساء، ما يؤدي لهروب المواطنين في بعض المناطق خلال أيام النكبة”.

مرارة اللجوء

“بعد سيطرة الهاغاناة على قريتنا، خرجنا إلى جنين و مكثنا عدة أيام ومن ثم إلى كفردان، وبعد ثلاث سنوات استقرينا في مخيم جنين، حيث تجمع عدد كبير من اللاجئين من القرى المهجرة، لتبدأ قصتنا مع المخيم”، يقول الحاج المكلوم.

وعن العودة لمسقط رأسه، يقول: “الله أعلم وهو القادر على كل شيء ، يمكن أولاد ولادنا يرجعوا على عين حوض، ولكنه حق لا يسقط بالتقادم”، منتقدا في ذات الوقت الواقع العربي الذي يشيع جوا من الإحباط، وتسعى بعض أنظمته لإسقاط حق العودة.


null

null

null

null

null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

أضرار وإصابات في هجوم بالمسيرات على إيلات

أضرار وإصابات في هجوم بالمسيرات على إيلات

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيرة أطلقت من العراق انفجرت مساء اليوم الأربعاء في مدينة إيلات على البحر الأحمر،...