الثلاثاء 02/يوليو/2024

الجبهة الشمالية بين الحسابات الإيرانية والاسرائيلية

 ناصر ناصر

 بغض النظر عن الموقف من ايران وسياساتها في سوريا والمنطقة ، وبتحليل موضوعي بعيدا عن الميول و العواطف، فإن إسرائيل وإيران تتصرفان كدول تتخذ القرارات بشكل عقلاني، وبما يخدم ما تعتقده كل دولة أنه مصلحة لها.

فإيران لا ترغب وبسبب حساباتها الخاصة القائمة على مصالحها وقدراتها في الدخول في المبارزة أو المعركة التي تستميت اسرائيل في جرها لها ، حتى لو أدى بها الى دفع ثمن ذلك جزءا من سمعتها في الرأي العام ، الذي يميل الى الردود الفورية باستمرار أو تفاخر وتباهي اسرائيلي على حسابها.

فالمصلحة الايرانية تقتضي بعدم الدخول حاليا في معركة مع اسرائيل من سوريا  بسبب عدم جاهزيتها العسكرية بالدرجة الاولى والسياسية بالدرجة الثانية ، فهي ما زالت في طور بناء القواعد لوجودها المستقبلي في سوريا ، وهي لن تستخدم قدراتها الواسعة والفتاكة المتمركزة في الأراضي الايرانية أو قدرات حلفائها الفعالة في الأراضي اللبنانية ، كما لن تقوم على الأرجح باللجوء الى أسلوب المنظمات لضرب أهداف اسرائيلية في العالم.

لهذا السبب بالذات و لإدراك اسرائيل لهذه الحسابات الايرانية فهي تستمر بالعربدة والتباهي والاستفزاز كي تكسب من ذلك سمعة وهيبة داخل مجتمعها و في الاقليم ، كما تجبي من الايرانيين ثمنا هاما من خلال ضربها لأهداف ايرانية هامة في سوريا ، فالسؤال المهم في هذا الاطار هل ستنجح ايران في تعزيز وبناء قدراتها المدنية والعسكرية في سوريا على الرغم من الضربات الاسرائيلية ؟ وهل ستجد طريقة للتمكين بعيدا عن أنظار الاستخبارات الاسرائيلية المعززة ببعض العناصر العربية؟

إن الاجابة على السؤال السابق تكمن في صراع الارادات والقدرات الذي يتمتع به كل طرف بميزات ونقاط ضعف، فالميزة الايرانية تكمن بعراقة الدولة وانتشار نفوذها في المنطقة، وايديولوجيتها التي تعتبر فلسطين جزءا أساسيا من سرديتها و مشروعها الاقليمي، وما يترتب على ذلك من استعداد لدفع الاثمان الباهظة من أجل تحقيق الهدف المطلوب، أما نقاط ضعفها فتتلخص في بعد قواتها في سوريا عن المركز والحاجة الى المزيد من الوقت.

أما الميزات الاسرائيلية فتتلخص في  القدرات الجوية والاستخباراتية العالية ورعاية وحماية القوة العظمى – أمريكا وتحالفها مع بعض عرب المنطقة، وإصرارها على حماية ما تعتبره “زورا” حدودا لدولتها، في مقابل نقاط ضعف واضحة تتلخص في محدودية اسرائيل من حيث المساحة والسكان وعدم القدرة على الصمود في أوضاع عالية التوتر لفترات طويلة “قصر النفس”، وحساسيتها للخسائر البشرية.

إنه صراع صعب وطويل وقد يستطيع الموقف الفلسطيني وبشكل أكثر تحديدا التأثير به الى حد كبير. ويبقى السؤال الاخير أين الحسابات العربية في الجبهة الشمالية؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات