السبت 06/يوليو/2024

اغتيال البطش استهداف للأمة

صلاح الدين العواودة

تناولت كثير من وسائل الإعلام، كما وتناول الباحثون والمحللون اغتيال الشهيد العالم فادي البطش وبكثير من الاهتمام والتفاصيل ومن عدة زوايا، أهمها عربدة الكيان الصهيوني وجهاز الموساد تحديداً التابع له، والذي يحظى بالسمعة الأسوأ في العالم من حيث عدد ونوعية المستهدفين ووسائل الاستهداف المستخدمة؛ حيث ينفرد الكيان الصهيوني بقدرته على اختراق الدول والاعتداء على سيادتها دون إمكانية ملاحقته بينما تلاحق دول عظمى على جرائم أقل بكثير كما تم تجاه روسيا مثلاً عقابا لها على اغتيال الجواسيس الروس الفارّين إلى الغرب. ففي عملية اغتيال واحدة تعتدي “إسرائيل” على مجموعة دول تبدأ من المواطن المستهدف إلى البلد مسرح الجريمة مروراً بمطارات دولية وجوازات سفر مزورة أو حقيقية لدول أخرى تمر الجريمة من خلالها.

ولكن التغطية الأهم لمثل هذا الحدث تأتي عادة من وسائل إعلام القتلة أنفسهم والذين لا يخفون فرحتهم بل احتفالهم بالجريمة عادة حتى السخرية من أدواتهم اللغوية التي يستخدمونها عادة للحديث عن جريمة قاموا بها، ولكن مصادر المعلومات عن الجريمة أجنبية ، فيقولون ضاحكين: ووفقا لمصادر أجنبية قمنا بقتل أو باغتيال أو بتدمير وهلم جرا، ويبدأ كل منهم برواية روايته؛ لماذا وكيف ومن ومتى حتى يأتوا على تفاصيل العملية سيما وأن الهدف الأول للعملية عادة هو تعزيز قدرتهم على الإرهاب وهو ما يسمونه (الردع)، لذلك هم يحرصون على أن تتحدث وسائل الإعلام الأجنبية عن الجريمة وعلى أن تنسبها لهم وإلا لن تتحقق الفائدة من الجريمة خصوصا في هدفها الأول وهو زيادة أو استعادة (الردع). وفي حالة الشهيد البطش حرصوا في البداية على تسويق تبرير الاغتيال من خلال الادعاء بأن الشهيد هو من أعضاء كتائب الشهيد عز الدين القسام، ولكن تدريجيا وكما العادة يتم زيادة التفاصيل بالتقسيط وفقا لما تسمح به الرقابة العسكرية حيث لا تسمح بنشر معلومات كاملة وإنما جزئية، مما يعني أن المتابع للقضية الواحدة يجب أن يقرأ كل ما نشر عنها حتى يستطيع تركيب “البازل” في النهاية إلى أن يأتي فرار السماح بنشر التفاصيل في يوم من الايام.

منذ البداية تحدث إعلام القتلة عن الطائرات بدون طيار وعن تطوير الصواريخ والغواصات بدون غواص وكان أهم المتحدثين عن الجريمة هو د.رونن برغمان الصحفي الاستقصائي المختص بقضايا الموساد وجرائمه حول العالم والذي يقيد كلامه عندما يتحدث بالقول: وفقا لما تسمح به الرقابة العسكرية، وهو ما يعني اعترافا صريحا بالجريمة، وأن لديه كافة التفاصيل وهو أكثر من يفصل في حديثه، وهذا أكثر ما يفسر ملاحقته من قبل أجهزة أمن الاحتلال لدرجة وضع أجهزة تنصت في مكتبه وسيارته، وهو من تحدث عن أبعاد العملية الأوسع من قطاع غزة وحماس والصواريخ بقوله أن البطش يعبر عن حالة وهي تجاوز قطاع غزة المحاصر وإمكانياته المحدودة والذي يقع في مرمى الصواريخ الإسرائيلية إلى العالم الواسع من جامعات ومراكز بحثية ومختبرات بقدرات دول وبعيدة عن مرمى نيران سلاح الجو الإسرائيلي.

بصراحة يقول بيرغمان إن المسألة تتعلق بدول وإمكانياتها لا بحماس وإمكانياتها، فالمسألة أبعد بكثير من مسألة الصواريخ والطائرات بدون طيار وحتى حماس؛ الحديث عن أبحاث علمية و تكنولوجيا ومعارف حصرية لدول محدودة في العالم على رأسها “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية فهذه التكنولوجيا كانت خطورتها بالوصول إلى ماليزيا وتركيا ودول أخرى وليس إلى قطاع غزة المحاصر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات