الجمعة 05/يوليو/2024

طنطور فرعون.. الشاهد على هوية القدس الكنعانية

طنطور فرعون.. الشاهد على هوية القدس الكنعانية

منذ عهود موغلة في القدم شكّل الاستقطاب الديني والعقائدي لمدينة القدس حالة من حالات التطور الديمغرافي؛ فمنذ العصور الكنعانية وما تلاها ساد الاعتقاد بأن للقدس صلة ما بين الحياتين، أي الحياة الدنيا والآخرة، وقد عبر القادمون عن هذا الاعتقاد بالسكن في المدينة أزلاً والتوصية بأن يدفنوا بعد مماتهم في القدس، لذلك كثرت القبور وتناثرت وتفاوتت ما بين قبر بسيط كتبت عليه نقوش وأسماء، وقبر منمق فخم يشهد أولاً على مكانة بانيه، ويعترف ثانيًا بكون القدس جسرًا بين الحياتين.

وهكذا جاء ما يُسمى “طنطور فرعون” وبجانبه قبر زكريا وقبور بني حزير.. قبور متجاورة في أسفل السفح الغربي للجزء الأخير الجنوبي من جبل الزيتون المقابل للجزء الشرقي من سور المسجد الأقصى والقدس.

تاريخ التشييد

وقال الباحث في تاريخ القدس روبين أبو شمسية لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لقد سمي الضريح أو المبنى التذكاري بهذا الاسم ليشهد على مدى تأثر الفن المعماري المحلي بالفن المصري الفرعوني، والتناغم الذي واكب العصر اليوناني من  تمازج للثقافة المعمارية اليونانية والفرعونية؛ وقد أرجع علماء الآثار والدارسون على أن هذه القبور تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، أي آواخر الفترة اليونانية؛ حيث سادت مفاهيم التحضير للدفن بشكل يتوافق مع المكانة التي يحظى بها الميت أثناء حياته، ولذلك جاءت هذه القبور متفاوتة من حيث المبنى.

يقع هذا المعلم التاريخي بين تل الظهور الموجود جنوب المسجد الأقصى المبارك  والسفح الشرقي لتلة راس العامود في وادي قـدرون (وادي النار أو وادي ستنا مريم).. هذا المعلم التاريخي الناهض جاء على شكل مكعب أبعاده موحدة  مقطوع من الصخر، ومنفصل عن الصخر المنقور فيه، ويتساوى قياسه طولاً وعرضًا وعمقا 680 من الأمتار، وارتفاعه نحو 12.80م، وفي كل ركن من أركانه أربعة أعمدة، يعلوها إفريز يوناني فوقه قبة مشيدة من حجارة متناسقة ومدرجة في العمق حتى أعلى القبة التي شكلت مجسمًا لزهرة الزنبق مفتوحة إلى السماء، ويفصل بين الزنبقة والمكعب إفريز من حجارة مجدلة تهيئ الانتقال من حالة الحفر إلى مرحلة التشييد.

واجهة فنية

وبقي هذا الصرح المشيد ضمن مفهوم الواجهة التزينية للقبر الحقيقي الذي يقع خلفه تمامًا وتفصله عن الصرح مسافة 1م تقريبًا؛ حيث حفر قبر جماعي واجهته مربعة ارتفاعها لا يتعدى المترين ويعلو الواجهة بناء جملوني (مثلث) على طراز فن المداخل اليونانية سواء للمباني العامة أو المعابد أو القبور، وإذا ولجنا داخل القبر وجدنا أنفسنا في ساحة لمراسيم الدفن والتهيئة للقبور التي تبلغ خمسة قبور، واحد في الواجهة واثنان على كل جانب، مما يحدو بالظن أنها قبور جماعية لعائلة واحدة.

ادّعى الاحتلال في السبعينيات أن أحد القبور يخص “أبشالوم بن داود” مؤكدين أنه دفن هناك، إلا أن الباحث أبو شمسية قال إن الأبحاث التي أجريت على يد قوات الاحتلال أنفسهم أثبتت أنه لم يكن لهذا الشخص أي علاقة بالمكان، لذلك أهملت بلدية الاحتلال هذه القبور، فلا توجد عليها حراسة، ولا ينالها نصيب من الترميم. 

وأبشالوم هو ابن سليمان، وهو حسب الرواية التوراتية  ثار على أبيه وانتهت حياته بالقتل في القرن العاشر قبل الميلاد. غير أن أكثر علماء الآثار أرجعوه إلى الفترة اليونانية وبالتحديد أواخر الفترة، أي القرن الأول قبل الميلاد، ويعتقد العلماء -ومنهم جو ستيرنج وزياس- أن هذا القبر قد يعود إلى فترة بناء القبور على أيدي عوائل سكنت القدس في الفترة اليونانية وكانت ذات مكانة أو مناصب سياسية أو دينية مرموقة في المدينة سواء كانوا يهودًا أو غيرهم.

وأضاف أبو شمسية: “بينما يظل طنطور فرعون محيرًا لكثير من الباحثين من حيث الآمر ببنائه ولمن، إلا أنه يبقى واحدًا من أهم مباني القبور التي تشهد على عظمة ومهارة الفن المعماري في ذلك الوقت”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 7 شبان فلسطينيين، صباح اليوم الجمعة، جراء قصف إسرائيلي بطائرةٍ مسيرة استهدف مجموعة من الشبّان في مخيم جنين...