الخميس 04/يوليو/2024

مسيرة العودة الكبرى والهجوم المضاد

صلاح الدين العواودة

حققت مسيرة العودة نجاحاً كبيراً رغم عدد الشهداء الكبير والثمن العزيز من الدماء الغالية؛ فقد أربكت حسابات الاحتلال، واستنفرت قواته عن آخرها، وجمعت الكابينيت، وتركت قادة الجيش يبيتون ليلهم على حدود غزة، وأثارت الرعب في صفوف المستوطنين الذين اضطروا لأكل وجبة ليلة عيد الفصح خارج مستوطناتهم، وأعادت القضية الفلسطينية قضية اللاجئين إلى الأولويات، وحركت الكابوس في في نفوس المحتلين من شعب يملك ما بأيديهم من أرض وبيوت طالما خشوا ظهوره مطالباً بحقه ملوحاً بمفتاحه القديم، وهو الكابوس الذي يطارد كل سارقٍ ومغتصبٍ للحقوق.

كما أثارت المسيرة خلافاتٍ داخليةً وموجةً من التلاوم حتى الشعور بالذنب والعار بالإضافة إلى ردود الفعل الإقليمية والدولية السياسية والحقوقية على ما اقترفته أيدي الجنود من جريمة بدمٍ باردٍ على مرأى ومسمعٍ من العالم ضد أبرياء عزلٍ ما كان ذنبهم إلا أنهم خرجوا في مسيرةٍ سلميةٍ كحقٍّ من حقوقهم التي كفلتها الأعراف والقوانين الدولية.

ولكن الاحتلال كعادته يخفق، نعم ويتفاجأ حتى في الحروب والانتفاضات والثورات كغيره، ولكنه سرعان ما يمتص الضربة ويستخلص العبر ويستدرك ما فاته ويبدأ بهجوم مضاد بعد تحديد الثغرات التي أُتي منها فيخطط هجومه ويبدأ بتوجيه الأحداث فيصبح فاعلاً بعد أن كان الطرف المفعول به. 

من هنا سيلجأ الاحتلال عسكرياً لتعزيز قواته على جبهة غزة، ولإعادة بناء تحصيناته بنشر قواتٍ أكبر وأكثر ملاءمة لهذه المهمة، وسيبني مزيداً من الحواجز والتحصينات، وسيسعى إلى تحويل المسألة إلى أمرٍ يمكن التعايش معه في محاولةٍ للعودة إلى الروتين اليومي على الحدود، وسيستنفر طاقاته القانونية والدبلوماسية والدعائية للدفاع عن جريمته دولياً ولمهاجمة المسيرة ومنظميها؛ إدراكاً منه بأن مسيرة العودة ستنتهي في الخامس عشر من أيار، وسيعود الفلسطينيون إلى بيوتهم كما في فيلم الحدود، وسيبقى قطاع غزة محاصراً، وستنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ويعود الرئيس الفلسطيني إلى عقوباته المتصاعدة تجاه غزة.

وعليه فإن أهم أسباب النجاح لهذه المسيرة هو حرمان الاحتلال من القدرة على التنبؤ بمراحلها المقبلة لا في الشكل ولا التوقيت كما حصل في أولها، كما أن قناعة الاحتلال بأن المسيرة ستضع رحالها في الخامس عشر من أيار ستجعله لامباليًا تجاه ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية؛ فسيرى أنها أزمةُ وستمضي ،لذلك يجب أن لا يعرف الاحتلال ما هي الخطوة التالية ولا متى ستكون ولا ما هي التكتيكات التي ستستخدم، وهذا يحتم على قيادة المسيرة أن تكون لها خطة استراتيجية مخفية، وأن لا تفصح إلا عن التكتيكات في وقتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات