عاجل

الأحد 04/مايو/2025

انفجار غزة والفشل المقصود

وليد عبد الحي

الانفجار الذي وقع في غزة مستهدفا ” ذيل” موكب رئيس وزراء سلطة التنسيق الأمني أثار تكهنات حول الجهة التي تقف وراءه ودوافعه. ومسارعة أطراف في سلطة التنسيق الأمني لاتهام حركة حماس “بالغمز أو اللمز” يستدعي تأمل المشهد من خلال تحديد البيئة والزمن الذي جرت فيه “المحاولة”.

أولا: ثمة هدف مركزي مشترك لكل من الولايات المتحدة و”إسرائيل” وسلطة التنسيق الأمني وهو “زيادة الضغط على حركة حماس” لتسليم الشأن الأمني في القطاع لسلطة التنسيق الأمني، وهو ما يعني تحويل القطاع إلى منطقة منزوعة السلاح ومنزوعة المقاومة، ولإنجاز هذا الهدف تم اعتماد سياسة التجويع والإفقار والضغط النفسي والمعنوي على سكان القطاع بهدف تأجيج المشاعر الشعبية في القطاع ضد المقاومة، ولما لم تؤت هذه الاستراتيجية أُكُلها، كان لا بد من الضغط بوسائل أخرى، ويبدو أن الاستراتيجية الجديدة تقوم على أساس خلق الانطباع بأن المصالحة الفلسطينية تحتاج ” لبيئة أمنية راسخة” لضمان قدرة أجهزة سلطة التنسيق الأمني وإداراتها على أداء وظائفهم في القطاع، وعملية التفجير تعني تفجير سؤال محدد هو: كيف ستعود السلطة لممارسة عملها في القطاع إذا كان الجانب الأمني ليس بيدها؟ وهو ما يعني أن المرحلة القادمة ستعرف مطالب من السلطة بأنها ستشترط مزيدا من الصلاحيات “الأمنية” في القطاع ، وهو ما يعني التسلل الهادئ إلى الجسد الأمني في غزة، ليكون أول الغيث ثم ينهمر، وصولا لجعل كل السلاح “بيد السلطة”.. وهو الهدف المركزي والاستراتيجي والأهم لكل من “إسرائيل” وواشنطن وسلطة التنسيق الأمني.

ثمة هدف مركزي مشترك لكل من الولايات المتحدة و”إسرائيل” وسلطة التنسيق الأمني وهو ” زيادة الضغط على حركة حماس ” لتسليم الشأن الأمني في القطاع لسلطة التنسيق الأمني، وهو ما يعني تحويل القطاع إلى منطقة منزوعة السلاح ومنزوعة المقاومة

ثانيا: إن التفجير ليس المقصود منه قتل رئيس الوزراء، ولو كانت حماس تريد قتله فإن الأمر لن يكون بهذه الطريقة وبهذا “الفشل المقصود” ، لكن ذلك سيوفر لرئيس سلطة التنسيق الأمني عذرا جديدا للامتناع عن زيارة غزة التي لم يزرها لا لعدم توفر الظرف الأمني، بل باعتبار عدم الزيارة طريقة لاستمرار الضغط على غزة. والانفجار يوفر مبررا جديدا لعدم القيام بالزيارة لأن غزة “غير آمنة” والدليل هو ما جرى مع الحمد الله، لذا يصبح امتناع الرئيس مبررا ويستمر الضغط على غزة.

ثالثا: المسارعة لاتهام حماس بعد دقائق من الانفجار هي محاولة لتحميل حماس (أمام مصر بشكل خاص وأمام المجتمع الغزي) المسؤولية عن عدم توفير الظروف التي تجعل بيئة المصالحة الفلسطينية قابلة للتنفيذ. والغريب أن الناطق الرسمي باسم حركة فتح طالب بضرورة الإعلان عن نتائج التحقيق بأقصى سرعة، ويحمل حماس مسؤولية أي تأخير، رغم أن سلطته لم تعلن حتى الآن من اغتال ياسر عرفات رغم مرور ثلاثة عشر سنة على الحادث.

رابعا: هل التزامن التقريبي لعملية “الفشل المقصود” معزول عن الاجتماع الذي تم عقده بين عدد من الدول العربية و”إسرائيل” والولايات المتحدة لبحث موضوع “الظروف الإنسانية ” في قطاع غزة، مع ملاحظة أن الاجتماع تشارك فيه الدول التي تصنف حركة حماس كحركة إرهابية، وتم ترتيب الاجتماع من مستشار ترمب وزوج ابنته “كوشنير” ومن الممثل الشخصي له في المفاوضات الدولية “جاسون غرينبلات”، ولعل الغياب العلني للسلطة عن المشاركة لا ينفي “الحضور الخفي” على غرار “الفشل المقصود”.

لعل المدخل الأنسب لتحليل الحدث هو “فتش عن المستفيد” ، ولا أرى أن حماس مستفيدة بأي شكل من الأشكال من عملية “الفشل المقصود” ولكن الانفجار يوفر معطى جديد للمطالبة بالخضوع الأمني لغزة لسلطة التنسيق الامني.. ربما.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات