السبت 29/يونيو/2024

سرعة ردود السلطة وفتح على الانفجار.. هل أُعدّ السيناريو مسبقًا؟

سرعة ردود السلطة وفتح على الانفجار.. هل أُعدّ السيناريو مسبقًا؟

في حادثة تفجير العبوة الناسفة على طريق موكب رامي الحمد الله وماجد فرج في قطاع غزة، يبدو أن يدًا كانت على مقبس التفجير، وأخرى تخط البيان الصحفي الذي كال الاتهام لحركة حماس.

وكان مسؤولون في فتح والسلطة الفلسطينية، سارعوا بعيد التفجير بلحظات قليلة، لتحميل حركة حماس المسؤولية الكاملة، ضمن روايات سريعة ومبكرة عما جرى دون أي أدلة تؤيد اتهاماتهم، فيما قدم إعلام السلطة روايات مهولة حول تفاصيل ما جرى دحضتها الوقائع وتسجيلات الفيديو.

وكالة وفا التابعة للسلطة الفلسطينية، حملت حركة حماس المسؤولية، وقالت: إن الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، نجيا من محاولة اغتيال، فيما نقل تلفزيون فلسطين الرسمي عن الرئاسة الفلسطينية تنديدها بـ”الاستهداف الجبان لموكب رئيس الوزراء في غزة”، محملة حماس المسؤولية.

أما الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينية، فقد قال في تصريحات صحفية: إن الرئيس محمود عباس “سيعقد سلسلة اجتماعات لاتخاذ قرارات وإجراءات بشأن الاعتداء على موكب الحمدالله في غزة”.

سرعة الاتهام

محمود العجرمي، الخبير الأمني يرى أن ردود فعل فتح والسلطة التي اتهمت حركة حماس كانت منظمة وممنهجة في سرعتها، وأن خبرته الأمنية تدلل أن الإعداد المسبق كان ساذجاً لاتخاذ قرارات لاحقة تتهرب من المصالحة وتعاقب غزة.

ويضيف: لم يسجل التاريخ في سجل حماس مهمة تفجير مثل التي اتهموها فيها داخل وخارج الوطن، بينما هناك عمليات ومحاولات اغتيال كثيرة لقادة فتح تركت علامات استفهام أهمها اغتيال عرفات الذي لم تشكل له فتح لجنة تحقيق حتى اليوم.

ضابط الإيقاع الذي أعد السيناريو أراد الاستفادة من التوقيت؛ فزيارة الحمد الله وماجد فرج لم تكن ضمن برنامج عمل جوهري ومشوار افتتاح محطة التحلية كان عقدة القصة التي فتحت بوابة التصريحات والاتهامات.

يقول إبراهيم حبيب، الخبير في الشؤون الأمنية: إنه من المبكر توجيه أصابع الاتهام لجهة بعينها، لكن المهم أن نسأل من المستفيد من توجيه أصابع الاتهام لحركة حماس، بعد تنكر حكومة رامي الحمد الله لمسؤوليتها متذرعة بالتمكين وأسباب أخرى.

ويتابع: “هناك من بادر سريعاً بالاتهام ليستثمر الحدث، وأمن غزة مهنيته عالية وسيخرج بموقف بعد وقت قريب لن يتجاوز أيامًا، لكن سرعة اتهام السلطة والمخابرات لحماس وتضخيم الحادث هو محاولة لإحراج حماس وتحميلها فشل المصالحة، وربما يتلو ذلك تصعيد مثل عزل اللواء توفيق أبو نعيم مسؤول أجهزة الأمن”.

المقصود في الفصل الثاني من الحكاية بعد بدء مرحلة متقدمة عن ملف الموظفين والأمن برعاية المخابرات المصرية إحداث خلل أمني تستفيد منه السلطة الفلسطينية في تبرير موقفها الانفراد بالسيطرة على أجهزة الأمن، وإلا تعلن صراحة فشل المصالحة ووصولها لجدار الصدّ.

خطة مكتملة

الجوقة كلها كانت مكتملة من اللحظة الأولى تعزف من نوتة واحدة، ففي حين قال رامي لحمد الله في تصريح صحفي، فور وصوله مقر مجلس الوزراء في رام الله قادما من غزة: “إنه تم استهدافنا بعبوات مزروعة بعمق مترين، و إصابة 7 من الحرس، وهم يعالجون الآن في رام الله”.

وتابع: “الحديث عن سلاح واحد وشرعية واحدة، وكيف لحكومة أن تستلم غزة ولا تقوم بتحمل مسؤولية الأمن”، مطالبا حركة حماس بتمكين الحكومة وتسليم الأمن الداخلي، لأنه لا يمكن للحكومة أن توجد بشكل فعلي دون أمن.

وما هي إلا دقائق حتى خرج عزام الأحمد القيادي في فتح قائلاً: إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قطع زيارته الرسمية للأردن، وسيعود إلى رام الله اليوم لمتابعة الانفجار الذي استهدف موكب الحمد الله، وطالب بتسليم كل شؤون قطاع غزة لحكومة الوفاق الوطني، مضيفاً: “القيادة ستعقد عددًا من الاجتماعات بهذا الشأن”.

وعلم مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” من مصدر أمني أن العبوة التي انفجرت في موكب الحمد الله لا تحتوي على شظايا، وهي غير موجهة، ومحلية الصنع متوسطة الحجم، زرعت في الجزيرة بين خطي الطريق على بعد مئات الأمتار من معبر بيت حانون، وفجرت عن بعد.

وأضاف: المطلوب كان إحداث قلاقل وتحميل حماس المسئولية؛ فسابقاً كانت محاولات لم تخرج للواقع من متطرفين خارجين عن القانون قبل 4 أشهر و8 أشهر خططوا لاستهداف موكب الوفد المصري ووفد الحمد الله والقنصلية الفرنسية، وهم الآن تحت قبضة الأمن.

كما علم مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن موكب الحمد الله وماجد فرج كان بعدد سيارات أكبر من المعتاد، وأنهم أجروا اتصالا قبل الساعة الثانية عشرة من ليلة أمس يخبرون بشكل مفاجئ عن زيارتهم.

ويقول المحلل العجرمي: إن حماس قدمت تنازلات جوهرية في المصالحة بينما تنكرت فتح لكل التفاهمات المبرمة من آذار، وإن تصريحات حسين الشيخ بعد الانفجار خرجت عاجلا تلوح بأن ما جرى سيتلوه خطوات منع التواصل مع غزة.

ويضيف: “محمود الهباش المسؤول في السلطة وأحد وزرائها تحدث عن إجراءات جديدة ومؤلمة لاستعادة غزة منبّها لأهمية التزام حماس بالسير على نهج فتح السياسي”.

أدوار متكاملة

ويبدو واضحاً أن المزاج الإقليمي والدولي يحاول إخراج حماس من المشهد السياسي، ولعل ما يؤيد ذلك تصريحات (غرينبلات) مساعد الرئيس الأمريكي (ترمب) قبل أيام الذي دعا حماس لمراجعة رؤيتها، والانصياع لشروط الرباعية، وترك السلاح، والاعتراف بـ”إسرائيل”.

ويقول الخبير العجرمي: إن تضخيم الحدث ووضع سيناريو مسبق يؤكد وجود تقاسم وظيفي بين السلطة والأمريكان والاحتلال في محاولة تقصّد حماس، وأن المسرحية التي أعدتها السلطة تحاول فيها الهروب من المصالحة.

ويضيف: “فور عودة الحمد الله وماجد فرج كانت الصور جاهزة ومرفوعة واتهامات حماس مركزة والحديث عن قطع زيارة عباس الذي لم يقطع برنامجه في حروب غزة، وهذا مخطط لعزل غزة وشيطنة المقاومة وفق مخطط البيت الأبيض”.

أما المحلل حبيب فيؤكد أنه لو كانت جهة مهتمة مؤخراً باغتيال الحمد الله لفعلت ذلك بسهولة لكن متابعته للتصريحات السريعة والمتعاقبة التي ركزت على تضخيم حدث تتحمل مسؤوليته حماس ما هو إلا بروبجندا إعلامية للسلطة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات