السبت 29/يونيو/2024

بطل عملية الباص جمعة آدم.. تنفس الحرية فأوجع الاحتلال

بطل عملية الباص جمعة آدم.. تنفس الحرية فأوجع الاحتلال

كان ذلك اليوم موعدًا للحرية، فتحول إلى بداية فصل معاناة جديدة، أطول زمنًا وأقسى تجربة في حياة الأسير جمعة إبراهيم آدم (عميد أسرى أريحا)، بطل “عملية الباص” الشهيرة بمحافظة أريحا.

ففي يوم (31-10-1988) كان من المفترض أن يطلق سراح الأسير جمعة آم بعد أن قضى محكوميته البالغة 22 شهرًا، إلا أن هذا التاريخ كان موعد اعتقاله ثانية؛ فقد أفرج عنه قبل انتهاء حكمه بثلاثة أشهر بما يسمى (المنهلية)، فعاد لعمله المقاوم، بعد حريته بثلاثة أشهر فقط، ونفذ مع اثنين آخرين عملية حرق باص يقل جنود الاحتلال، ليحكم بالسجن مدى الحياة.

فلسطيني من أصل نيجيري

ولد الأسير جمعة إبراهيم جمعة آدم في (9-3-1969)، في مدينة صويلح الأردنية، ونشأ وتربى في بلدة الديوك الواقعة شمال غرب مدينة أريحا، وهو أكبر إخوته من عائلة مكونة من أربعة إخوة وأختين، وتعود جذوره إلى جمهورية النيجر في أفريقيا؛ حيث قدم والده إلى فلسطين في العام 1963، بما يعرف بـ (التقديس)، وقد اعتاد الكثير من المسلمين قبل احتلال فلسطين زيارة المسجد الأقصى بعد أدائهم فريضة الحج، واستقر والده بداية في مدينة القدس، وانتقل بعدها إلى بلدة ديوك في أريحا، لكن والد جمعة رحل وهو ما زال فتى صغيرًا في العام 1972.

فتلقى جمعة دراسته المرحلة الابتدائية بمدرسة ترسنطة في مدينة أريحا، وتابع تعليمه الإعدادي في دار الأيتام  في مدينة القدس، ومن ثم انتقل إلى المعهد العربي في بلدة أبو ديس غرب مدينة القدس.

لكنه انقطع عن الدراسة لاعتقاله، ففي العام 1986 كانت إرهاصات انتفاضة الحجارة قد بدأت، وكان جمعة أحد روادها؛ حيث اعتقل وقتها في (2-12-1986) بتهمة رشق الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة، وحكم بالسجن 22 شهرًا، وأفرج عنه في (18-7-1988)، وقبل انتهاء حكمه بثلاثة أشهر بما يعرف بالمنهلية.

عملية الباص

ويروي يونس شقيق جمعة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” تفاصيل العملية قائلاً: “إنه في (31-10-1988) وبعد تخطيط محكم، تعاهد الشبان الثلاثة جمعة إبراهيم آدم، وابن خالته عبد الرحيم مؤمن تكروري، ومحمود سالم أبو خربيش، على تنفيذ عملية حرق لباص لقوات الاحتلال، اعتاد الوقوف في شارع المتنزهات بمدينة أريحا، لجمع جنود الاحتلال يتناوبون على الحدود”، مضيفًا: “وما إن كانت ساعة الذروة الصباحية في الساعة الثامنة والنصف صباحًا، حتى انقض الشبان الثلاثة، ورشقوه بعدد من القنابل الحارقة، ما أدى لاندلاع النيران فيه، ومقتل بعض الجنود وإصابة عدد آخر منهم بحروق متفاوتة”.

إثر ذلك، أغلق الاحتلال مدينة أريحا، ونفذ حملة مداهمات واسعة لمنازل المواطنين، وتفتيش لاعتقال المنفذين، ونجح الاحتلال باعتقالهم، بعدها هدم ثلاثة منازل لعائلة أحمد تكروري ومنزل جدة جمعة آدم الذي تربى به، ومنزل خاله عبد الرحيم مؤمن تكروري الذي تواجد به لحظة اعتقاله.

تعذيب وحرمان

وعن فترة التحقيق روى جمعة لعائلته أنه “جرى تعذيبنا بسادية ووحشية منذ لحظة إلقاء القبض علينا، وكنا مهددين بالتصفية والقتل المباشر على يد الجنود والمحققين على مدى 70 يومًا في معتقل المسكوبية في مدينة القدس”، وقي النهاية حكم عليه في محكمة رام الله بالسجن مدى الحياة.

ومرت سنوات اعتقاله بقسوة؛ فقد كانت والدته الوحيدة التي تزوره على مدار سنوات اعتقاله الأولى، وكانت هي رسوله الوحيد الى أرض الحرية، لكنها في العام 2008 انتقلت للرفيق الأعلى، وكانت المصاب الأكبر الذي يعصف بالأسير جمعة آدم في سجنه.

وطيلة سنوات غياب والدته لم يحصل على أية زيارة سوى مرة واحدة في مارس/آذار من العام 2016 لشقيقه يونس، الذي يحرمه الاحتلال من الزيارة الدورية لكونه معتقلاً سابقًا، ويعاني من أمراض الروماتيزم والسكري والضغط، لكنه يتمتع بمعنويات عالية، و يقبع حاليًّا في سجن ريمون.

ورغم قسوة الاعتقال إلا أن جمعة استطاع الحصول على شهادة الثانوية العامة، ومن ثم أكمل دراسته الجامعية وحصل على البكالوريوس من الجامعة العبرية في العلوم السياسية، والآن يدرس الماجستير في العلوم السياسية متخصصًا بالشؤون الصهيونية في جامعة القدس.

أمل الحرية

ويعدّ جمعة عميد أسرى محافظة أريحا، فقد أفرج عن رفيقه في القضية وابن خالته أحمد تكروري في صفقة وفاء الأحرار. 

ويشير شقيقه يونس إلى أن “أسرى محافظة أريحا يعانون من إهمال كبير؛ فعلى مدار ثلاث دفعات تم إطلاق سراحهم بتفاهمات بين السلطة والاحتلال لمن هم معتقلون قبل اتفاقية أوسلو، ولم يدرج في أي منها أسرى من محافظة أريحا.. كل شهر أتقدم بطلب زيارة لجمعة، لكن مكتب الصليب يمنعنا حتى من طلب الزيارة للمنع الأمني، بحجة أن على العائلة منعًا أمنيًّا، لكن يونس اليوم، يأمل أن يكون شقيقه ضمن صفقة قادمة للمقاومة تبيض فيها سجون الاحتلال”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات