الرضيع خضر الشقرة.. عندما تساوي الحياة علبة حليب

كل ما تتمناه أسرة الرضيع خضر أحمد الشقرة (6 شهور)، والمصاب بمرض متلازمة صعوبة امتصاص السكر، هو توفير حليب (GALACTOMIN 19 FORMULA)، وإلا أصيب بحموضة في الدم، وتضخم في الطحال والكبد، وحرارة وإسهال، ما يؤدي إلى الموت.

بدأت حكاية الشقرة مع المرض منذ اليوم الأول، عندما اكتشفوا نقصا متزايدا في وزنه، وإعياء شديدا ألزمه حضانة الأطفال في مستشفيات غزة قبل نقله وتشخيص حالته في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة.

ومنذ ديسمبر الماضي تعيش سامية الشقرة (25 عاما) والدة الطفل الرضيع خضر، في قسم الأطفال بمستشفى مبارك بمدينة خان يونس، بعد أن عجزت عن تأمين الحليب الخاص به.

ويعد الطفل الشقرة حالة نادرة في قطاع غزة، أصيب قرابة عشر حالات فقط بذات المرض، لكن معاناته تكمن في عدم قدرته على توفير الحليب الخاص الوارد بواسطة وزارة الصحة برام الله، والتي ترفض تزويد مستشفيات غزة به.

ورغم تفاعل قضية الطفل إعلامياً، وتوجيه أسرته عدة نداءات استغاثة، إلا أن وزارة الصحة برام الله تحتفظ بالحليب في مخازنها، وترفض إيصاله للأطفال المصابين بغزة، حيث يبلغ ثمن العبوة في أسواق الضفة 100دولار، وهي مفتقدة بالكامل في أسواق قطاع غزة.

null
مرض نادر
ومنذ اليوم الأول لولادة الطفل خضر، تفرغت والدته بالكامل من أجل رعايته تاركةً خلفها أربعة أطفال موزعين لدى جدتهم لوالدهم، وجدتهم لوالدتهم وهم: (محمد 7 سنوات، حياة 6 سنوات، كاملة 4 سنوات، عاطف 3 سنوات).

وفي قسم الأطفال بمستشفى مبارك في مدينة خان يونس، تغرق سامية في بحر من الهموم لا يسليها سوى الزائرات من أقاربها اللواتي يتناوبن على زيارتها منذ 3 شهور متواصلة.

لا يكف الطفل عن الصراخ بعد أن كرر قسم التمريض أخذ عينة للدم من جسده كل 3 ساعات لمتابعة حالة دمه خشية تطور حموضة الدم وتضخم الكبد والطحال.

تقول سامية: “من يوم ولادته أصيب بإسهال، وأول أسبوع نزل وزنه من 4 كجم إلى 2 كجم،  ثم أخبرونا أن لديه جفافا، ومكثنا 10 أيام في الحضانة، وجربنا كل أنواع الحليب، وزاد الإسهال والحرارة والانتفاخ وظهرت الحموضة”.

وعجزت مستشفيات غزة عن الوصول لحل، وبعد (40) من ولادته وصل وزن الطفل إلى كيلو ونصف جرام، فنقل لمستشفى المقاصد بالقدس، وهناك أثبت تحليل الأجنة إصابته بمتلازمة سوء امتصاص السكر، وقرروا تناوله الحليب الخاص بمرض نادر.

وتتابع: “الحصول على الحليب صعب، فهو مفتقد بقطاع غزة ونحتاج كل 3 أيام علبة، وإذا لم يأخذه تتدهور حالته، وحاولنا شراءه لكن لم نجده في السوق، وفي إحدى المرات، وفرناه من صيدلية وحيدة بغزة بـ500 شيكل بالاستيراد من الضفة، لكنه موجود بمخازن الوزارة بالضفة”.

ويصف أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال بمستشفى مبارك، مرض الطفل الشقرة بأنه (سهل ممتنع) فإذا تناول الحليب الخاص يعيش حياة طبيعية وإلا يصاب بحموضة الدم وتضخم الكبد والطحال والحرارة والإسهال حتى الموت.

null
بين الحياة والموت
وصل الحليب بشكل متقطع عبر المعارف والعلاقات والمرضى العائدين من العلاج في مستشفيات الداخل المحتل وأمضت سامية وزوجها حياتهما بين البحث عن الحليب وملازمة المستشفى إن لم يتوفر الحليب.

آخر علبة حليب وصلت الرضيع خضر كانت في ديسمبر الماضي وبعد نفادها تدهورت حالته الصحية ومن يومها وهو حبيس حجرة قسم الأطفال في المستشفى.

ويعاني الرضيع الشقرة حالياً من مشكلة حموضة الدم، والإسهال، والقيء، والحرارة، وتضخم الكبد، وهو لا يكف عن البكاء المستمر ليل نهار.

وتقول عائشة زعرب جدة الطفل، إن وزارة الصحة برام الله ترفض توفير الحليب لحفيدها الذي من المحتمل أن يغادر الحياة في أي لحظة بعد تدهور صحته.

وتتابع: “الحليب متوفر في مستودعات الوزارة برام الله وجزء منه أوشكت صلاحيته على النفاد، خضر وأطفال مثله يموتون، وكل حاجتهم علبة حليب”.