الأربعاء 26/يونيو/2024

دار الأيتام الإسلامية بالقدس.. عطاء العلم والعمل

دار الأيتام الإسلامية بالقدس.. عطاء العلم والعمل

في داخل أسوار البلدة القديمة من القدس المحتلة تقع دار الأيتام الإسلامية الصناعية شامخة وصامدة رغم كل المعيقات التي تعاني منها المدينة المقدسة وقد ساهمت على مدار مائة عام في إيواء الطلاب الأيتام وفتح فرص العمل أمام الشباب المقدسي.

ويقول عمر غرابلي مدير الدار حول نشأة الدار وتطورها وأقسامها لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أنشئت دار الأيتام الإسلامية الصناعية عام 1922 بمبادرة من المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي فلسطين آنذاك محمد أمين الحسيني نتيجة للظروف والأحداث المأساوية التي مرت بها فلسطين بسبب الحروب المتلاحقة، وما نتج عن ذلك من مآس وأضرار؛ حيث عمّ الفقر وكثر عدد الأيتام من أبناء الشهداء، فجاءت فكرة إنشاء دار للأيتام الإسلامية، وتضافرت الجهود لإنشاء دار تعنى بهم وتهذبهم وتعلمهم”.

تطور الفكرة

ويضيف الغرابلي: “تطورت الفكرة ليس فقط باستقبال الأيتام الوافدين إليها من جميع مدن وقرى فلسطين وإيوائهم، بل أيضًا في تدريبهم وتعليمهم مهن صناعية، بحيث أصبحت لاحقًا معلمًا ومركزًا للتدريب المهني وخرجت آلاف الطلبة في عدة حرف، منها النجارة والطباعة والحذائية والنسيج والخيزران والتنجيد”.

وأكد لمراسلنا أن ما يميز دار الأيتام هو من ناحية الموقع والبناء؛ فهو يقع في عقبة السرايا بالبلدة القديمة على بعد 70 مترًا من المسجد الأقصى المبارك بمساحة 4 آلاف و600 متر.

بناء تاريخي

و”طنشق” تعنى باللغة التركية “الثمين” أو “الرائع” وهي سيدة كريمة ثرية أحبت القدس، وأقامت بها، وأهدت المدينة تحفة معمارية نادرة، وعرف القصر بعدة أسماء، منها: “دار الست”، و”عمارة الست”، و”الدار الكبرى”، و”العمارة العظيمة”. واليوم يطلق عليه مع مبنى خاصكي سلطان “دار الأيتام”، ويتألف القصر من طابقين أرضي وأول وبينهما طابق ميزانين، والأول يتكون من قاعة استقبال كبيرة ويحيط بها مجموعة من الغرف.

يضم القصر أكثر من 25 غرفة وبه ثلاثة مداخل تذكارية وعدة أدراج، وفي العهد العثماني جرى ضم القصر إلى مجمع العمارة “خاصكي سلطان” وحينما أسس المجلس الإسلامي الأعلى دار الأيتام؛ فقد خصص الطابق الأرضي من القصر لورشة النجارة في حين استخدم الطابق الأول مكان نوم لإيواء الطلاب الأيتام.

ولفت غرابلي إلى أنه “في البداية درس الطلبة مهنًا مختلفة، ولاحقًا تطور الأمر وقررنا توسيع نطاق العمل. وفي عام 1982 جرى افتتاح الفرع الثاني من دار الأتيام في بلدة العيزرية شرق القدس لتوسعة المشروع وتطويره ليصبح كلية أو جامعة وطنية، إلا أن جدار الفصل العنصري قيد من أحلامنا، بحيث أصبحنا ندير مؤسستين بنفس النظام والمعدات والأقسام، ومنع الطلاب الأيتام من الضفة من الوصول إلى القدس، فاضطررنا لتحويلهم إلى دار الأيتام في العيزرية، وبذلك أصبح لدينا فرعان، كل فرع له أجهزته ومعداته ونظامه، ولدينا في فرع العيزرية سكن داخلي ومدرسة أكاديمية وإعدادية وثانوية، وأدخلنا نظام التعليم المهني.. هذا الأمر حد من تطورنا بسبب بذل جهود وأموال كبيرة لإنشاء مؤسستين متشابهتين نتيجة بناء جدار الفصل العنصري”.

وأشار غرابلي إلى أن الدار خدمت الكثير من الأيتام الذين كانوا يصلون المدرسة وسط ظروف صعبة، وكانوا من الفقراء يتلقون التعليم والمأكل والملبس والمشرب، وما زلنا على نفس النظام، كل حياة اليتيم على حساب الدار، إضافة إلى أنه يتلقى “إكرامية”.

رسالة الدار

وقال: “إن رسالتنا في القدس مهمة جدًّا؛ لأن وضعهم صعب، والكثير منهم يتوجهون للعمل لدى الجانب “الإسرائيلي” في الخدمات، وندعوهم لتعلم مهنة ثم الانطلاق بعد التخرج للسوق مسلحين بشهادات مهنية تساعدهم على العمل بكرامة وراتب معقول”.

وبين أن دار الأيتام تشهد حاليًّا قفزة نوعية عن السنوات الماضية، بحيث تم ترميم البناء بشكل كامل، وأصبح تحفة تراثية داخل البلدة القديمة بإشراف من مؤسسة التعاون، مضيفًا أنه تم ضخ أجهزة ومعدات حديثة للأقسام كافة، بحيث أصبح لدينا الآن 10 مهن، هي: النجارة، والطباعة، والخياطة، والخيزران، والتكييف، والتبريد، والكهرباء، والتمديدات الصحية، يشرف عليها كادر بشري مؤهل.

تعاون وتنسيق

وأوضح أن هناك تعاونًا وتنسيقًا بين الدار ومديرية التربية والتعليم في القدس التابعة للأوقاف من أجل العمل المشترك لدعم ورعاية طلاب القدس وتوجيههم للتدريب المهني، مناشدًا الطلاب التوجه للتعليم المهني وتحديدًا لدار الأيتام، ليتمكنوا من اكتساب مهنة تقودهم إلى حياة كريمة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها شباب القدس.

عاصرت الحركة الثقافية

وبين الغرابلي أن دار الأيتام هي المدرسة الوحيدة في فلسطين التي خدمت في مهنة الطباعة والتجليد منذ العام 1922 وحتى الآن؛ فمطابع الدار عاصرت الحركة الثقافية في فلسطين بشكل كبير، وكانت تطبع أربع صحف يومية، منها: “الدفاع” و”فلسطين” و”الجهاد”، وكانت تطبع كتبًا للضفتين: فلسطين، والأردن، وجميع الكتاب والأدباء كانوا يستخدمون طباعة دار الأيتام، وبسبب ظروف الاحتلال تراجع الوضع في هذا العمل.

وتطرق غرابلي أخيرًا إلى المعيقات التي تواجه فرع القدس، منها صعوبة وصول الأجهزة والمعدات، وتقييد الحركة داخل البلدة القديمة والحواجز على مداخل البلدة والتي تعيق وصول الطلبة، “ورغم كل ذلك نحن ما نزال صامدين وصابرين وسنبقى حتى النهاية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، 19 مواطنًا على الأقل، منهم والدة مطارد، خلال حملة دهم - فجر الأربعاء- في...