الجمعة 28/يونيو/2024

هوامش أمنية..هل تجرد إسرائيل من استقرارها المستقبلي؟

هوامش أمنية..هل تجرد إسرائيل من استقرارها المستقبلي؟

في إطار سعي الاحتلال الإسرائيلي لتجذير علاقاته الإقليمية والعربية بشكل خاص، عقد معهد الأمن القومي الصهيوني مؤتمره السنوي الحادي عشر بحضور العديد من الشخصيات العربية، قصد من خلالها إيصال رسائل محددة مفادها أن مستقبل تلك البلدان العربية مرتبط باستقرار “الكيان”.

قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام” سلط الضوء على المؤتمر السنوي الحادي عشر لمعهد أبحاث الأمن القومي الذي شارك فيه عسكريون وإعلاميون وسياسيون وخبراء أمنيين وسياسيين، منهم أودي ديكل الذي لخص مناقشات المؤتمر تحت عنوان “إسرائيل في عامها 70: تفوقات إستراتيجية في مقابل هوامش أمنية ضيقة”.

خطر التصعيد
الكاتب أودي ديكل هو جنرال احتياط قائم بأعمال رئيس معهد الأمن القومي، انضم إلى معهد الأمن القومي في عام 2012 كباحث، و خدم مديرا للمفاوضات مع الفلسطينيين فترة حكومة أيهود أولمرت، وشغل منصب رئيس الشعبة الإستراتيجية في شعبة التخطيط بالأركان العامة، وهو رئيس مركز التخطيط الإستراتيجي.  

يدعي الكاتب أن وضع “إسرائيل” الإستراتيجي هو الأفضل على مدى 70 عاماً منذ قيامها، لكن هوامشها الأمنية ضيقة إذ أن مخاطر التصعيد “تحكمها قوانين خاصة بها”.

ويقول: ينبغي اغتنام جميع الفرص الإستراتيجية التي يوفرها هذا الوضع، مثل بلورة ائتلاف ثنائي واسع للتصدي لـ”الإرهاب الجهادي”، ولكبح التأثير “الإيراني السلبي” وخاصة في الساحة الشمالية، وفي نفس الوقت حانت الساعة التي يجب أن ندفع باتجاه الانفصال عن الفلسطينيين وإزالة مصطلح التهديد الوجودي من القاموس الوطني.

ويضيف ديكل: بخلاف ما كان سائداً في الماضي فـ”إسرائيل” لم تعد هي التي تتحمل مسؤولية الجمود السياسي، لكن لا يمكن الاعتماد على الظن باستمرار هذا التوازن لصالح “إسرائيل” لوقت طويل.

ويتابع بالقول: هذا بالإضافة إلى أنه كما قال رئيس الأركان غابي آيزنكوت “هوامش الأمن لدى إسرائيل ضيقة” ويُفهم من قوله أنه رغم أن احتمالية حصول تغيير حقيقي في وضع “إسرائيل” الإستراتيجي والأمني ضئيلة، إلا أنها لا تملك مساحة كافية للمناورة والعمل إذا ما حدثت انعطافه حادة في إحدى الجبهتين الشمالية مع لبنان أو الفلسطينيين، لذلك يتحتم علينا أن نتجهز بمرونة فائقة لمختلف السيناريوهات المتوقعة.

انعدام الثقة- على خلفية الجمود السياسي المستمر، والتطورات التي سُجلت في هذه الساحة مؤخراً زادت من حدة الخلافات بين الطرفين، وعززت انعدام الثقة بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية على حد وصف ديكل.

ويؤكد ديكل على أن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، أظهر الإدارة الأمريكية كوسيط غير نزيه، ودفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الرد بحده، وهكذا تبدد الحلم “بصفقة مُثلى” لحل الصراع من إدارة ترمب بعد أن ساد الاعتقاد بعدم جدوى أي تحرك سياسي بهذا الاتجاه في الوقت الراهن، “فكل اقتراح أمريكي يظهر فيه انحياز لإسرائيل بمواقفها وتوجهاتها سيُلجئ الفلسطينيين إلى الزاوية وربما أيضا إلى طريق العنف”.

وفي المقابل  فإن رفض الفلسطينيين ومن ثم اتهامهم بعدم امتلاكهم رؤية سياسة قد تغري المطالبين بضم الضفة في حكومة “إسرائيل” بإقرار وقائع على الأرض، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان دعا للعمل على ضم مناطق في الضفة الغربية وكخطوة أولى اقترح ضم مستوطنة معاليه ادوميم.

ويضيف: لذلك لا يستبعد أن تقوم إدارة ترمب في محاولة لإعادة تحسين صورتها كوسيط محايد، بتقديم مبادرات للفلسطينيين بهدف إعادتهم إلى طاولة المفاوضات، كما منحت “إسرائيل” بإدارة اعترافها بالقدس عاصمة لها، وفي نفس الوقت قررت تقليص المساعدات للأونروا .

إحدى الأفكار التي طرحت في المؤتمر بهذا الصدد بهدف فك الجمود السياسي كانت الاعتراف بدولة فلسطينية بحدود مؤقتة .

علاقات معلنة
ويوضح الجنرال أن ممثلي حكومة الاحتلال الذين خطبوا في المؤتمر عرضوا أجندة واضحة، مفادها أن التقدم السياسي في الشأن الفلسطيني ليس في الوارد، ولن تكون هناك خطوة جدية في هذا الاتجاه مادام لا يوجد شريك في الطرف الآخر، الرئيس عباس يُنظر إليه كرئيس ضعيف انتهى دوره، لاسيما بعد خطابه الذي ألقاه مؤخراً في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، والذي دحض فيه حق دولة اليهود بالوجود، إضافة إلى ذلك كما يبدو أن “إسرائيل” قررت أنه بالإمكان إقامة علاقات سياسية معلنة مع دول عربية سنية تلك التي تلتمس التعاون مع “إسرائيل” في العمل ضد تهديدات مشتركة وخاصة إيران.

 وبحسب تصور الجنرال ديكل من الممكن استخدام مصالح هذه الدول بالضغط على الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، بدون شروط مسبقة وفي نفس الوقت إنجاز تسويه إقليمية لا يشترط فيها حل النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني.

“المسألة فقط أنه لا يمكن أن يكون تسوية إقليمية دون إحراز تقدم في الشأن الفلسطيني، إلا أن قرارنا بعدم اتخاذ قرار سيؤدي بنا في نهاية المطاف إلى حل دولة واحدة بين نهر الأردن والبحر، وفق تصورهم فإن الانفصال عن الفلسطينيين هو واجب اللحظة إن لم يكن ذلك ضمن اتفاق بين الأطراف، فليكن باتخاذ خطوات في هذا الاتجاه من جهة واحدة، مع الحفاظ على المصالح الأمنية الحيوية لإسرائيل” كما يرى الكاتب.

شريك المؤامرات
قطاع غزة الذي يقف على شفا الانهيار، حظي باهتمام استثنائي في نقاشات المؤتمر، فالسعي إلى المصالحة بين حماس وفتح يراوح مكانه بالرغم من أن الأطراف غير معنية بتفاقم الوضع، إلا أن للأزمة الإنسانية ديناميكيتها الخاصة بها، والانجرار لمعركة عسكرية في غزة سيكون ضربة قاتلة للقطاع.

وفي بحث أجراه المعهد حول الوضع في القطاع أجمعت النتائج على ضرورة حشد دولي وإقليمي مشترك لإعادة إصلاح قطاع غزة في مقابل توقف تعاظم حماس.

وخلص الجنرال إلى أن “الإسرائيليين” أدركوا في السنوات الأخيرة أن الجبهة الداخلية جزء مهم من نسيج الأمن القومي في الدولة، وإن وحدة المجتمع تُشكل حجر أساس لصمودها أمام التحديات الخارجية، ولقد لُمس في الآونة الأخيرة اختلال التوازن بين الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي للدولة، في النهاية واشنطن هي نقطة التقاء هذه النقاط؛ فكبح جماح إيران لن يكون ممكنا بدون تحرك أمريكي، وإعادة تفعيل العملية السياسية مع الفلسطينيين، والتوسط لدى الدول العربية، السنية يتطلب تدخل الأمريكان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات