هل تنجح القسطرة الموضعية بإعادة الحياة لغزة؟

تفاءل الفلسطينيون ببعض التسهيلات التي منحتها مصر لقطاع غزة من خلال إدخال البضائع الأساسية والمهمة إلى القطاع خلال اليومين الماضيين عبر معبر رفح البري.

هذه التسهيلات عدّها البعض نتيجة “التفاهمات” التي تمت في القاهرة بين وفد حركة “حماس” والسلطات المصرية، دون أن يغفل آخرون أنها قد لا تكون انفراجة كبيرة بقدر أنها “موضعية”، وهو ما جعل البعض يصفها بعملية “قسطرة موضعية”.

وفي تصريح صحفي، لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” أكّد الناطق باسم معبر رفح معتز دلول، أنّ أكثر من 40 شاحنة محملة بالوقود المصري والبضائع دخلت يومي الجمعة والسبت، إلى القطاع عبر معبر رفح.

وصرّح القيادي في حركة “حماس” إسماعيل رضوان، بأن “إدخال هذه الشاحنات يأتي ضمن الوعود الإيجابية للشقيقة مصر للتخفيف عن قطاع غزة”.

وكانت الحركة قد أوضحت، على لسان عضو مكتبها السياسي وعضو وفدها في القاهرة حسام بدران، أنّ وفدها برئاسة إسماعيل هنية استمع إلى مواقف إيجابية خاصة فيما يتعلق بحياة وأوضاع المواطنين في قطاع غزة، وكذلك قضية المصالحة والجهود المصرية بهذا الصدد.

حديث مبكر
المختص في الشأن الاقتصادي لؤي رجب، أكّد لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” أنّه من المبكر الحديث عن “انفراجه حقيقية” خلال الأسابيع القادمة، سيما بعد تدهور الأوضاع الأمنية في سيناء وصعوبة إدخال البضائع  وتنقل والأفراد.

وأشار رجب، إلى أنّ تحفظ السلطة الكبير على التفاهمات بين “حماس” والقاهرة قد يعيق تقدم النتائج بشيء ملموس على الأرض، سيما وأنّه حصلت قبل ذلك تفاهمات ولقاءات من القطاع الخاص قبل عامين مع الجانب المصري ولم تثمر شيئا.

وتوقع المختص الاقتصادي، أنّ تشهد الأيام القادمة بعض التغييرات الشكلية على صعيد حركة التجارة “ممكن أن نسميها تسهيلات، حيث دخلت في الأيام الماضية العديد من الشاحنات المحملة بالسولار لمحطة التوليد، وبعض أنواع معينة من البضائع” كما قال.

تعميق الأزمة
رئيس تحرير جريدة الاقتصادية محمد أبو جياب، عدّ دخول البضائع إلى غزة من مصر دون تصدير بضائع غزة إليها أو من خلالها سيعمق الأزمة في المستقبل القريب.

وأشار إلى أنّ فتح باب التصدير سيعالج مجموعة كبيرة من الأزمات المستعصية، ويحدث نقلة نوعية اقتصادية في غزة، ومن جهة أخرى سيعيد الحياة للقطاع الصناعي والإنتاجي، ويعزز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، ويوفر آلاف فرص العمل والتشغيل داخل هذه المصانع والقطاعات.

وأكّد أبو جياب، أنّ التصدير سيشكل رافداً مالياً لغزة يعوض نقص السيولة، ويحافظ على دورة المال والاقتصاد الحقيقية، مبيناً أنّ ذلك كله يتطلب رؤية اقتصادية وازنة يتبناها المستوى السياسي في غزة لتدخل ملف المقايضات الأمنية والسياسية مع دول الإقليم على طريق تحقيقها.

ويواصل وفد حركة “حماس” برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، مباحثاته منذ ثلاثة أسابيع مع المسؤولين المصرين في القاهرة من أجل التخفيف عن أهالي قطاع غزة ومتابعة تطورات تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطيني الأخير برعاية مصرية.

استعادة الدور
ويعدّ المحلل السياسي والاقتصادي سمير حمتو، أنّ دخول البضائع من الجانب المصري إلى غزة، خطوة تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية واستراتيجية مهمة.

وقال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إنّه “على الصعيد السياسي تؤكد هذه الخطوة أنّ مصر تستعيد دورها الطليعي في الأمة العربية، وتساهم بشكل فاعل في تخفيف الحصار عن أهل قطاع غزة”، متوقعاً أن يكون ذلك بداية لتصحيح المسار الذي يمكن أن يتعمق ويتوسع بشكل أكبر في شتى المجالات.

وبين حمتو، أنّ مساهمة مصر في تخفيف الحصار له مدلولاته السياسية والاقتصادية، حيث “يدلل على أنّنا أمام مزيد من الانفراجات في الفترة المقبلة للتخفيف من وطأة الحصار الذي ألقى بظلاله السلبية على مختلف مناحي الحياة الفلسطينية”.

لكّن المحللين الثلاثة أجمعوا في حديثهم، أن قطاع غزة ليس بحاجة إلى مزيد من السلع؛ إنما يحتاج الى حرية في الحركة، وحق السفر والتنقل، وأيضاً يحتاج الى السيولة النقدية.

حيث أكّد حمتو، أنّ العقوبات التي فرضتها السلطة؛ من خصم للرواتب، وعدم صرف رواتب موظفي غزة، أحدثت أزمة كبيرة في السيولة النقدية.

ويضيف: “يشهد قطاع غزة تكدساً في السلع في ظل عدم وجود مشترين، وبالتالي يجب العمل على تطبيق اتفاق المصالحة، والضغط على السلطة لرفع عقوباتها على قطاع غزة، والقيام بدورها المطلوب منها، وعدم التذرع بذرائع تحت مسميات مختلفة”.