قرية البرج.. مسار النبي إبراهيم ومعقل صلاح الدين

في أقصى الجنوب الفلسطيني وعلى حدود النقب الصحراوي الملاصقة لمناطق الخط الأخضر، وعلى مشارف مدينة بئر السبع، تقع قرية البرج؛ وهي من قرى مدينة دورا الغربية الجنوبية، حيث تبعد عن مدينة الخليل نحو 25 كيلو مترا، وملاصقة لتجمع بدوي يعرف بعرب الرماضين.

ترتفع البلدة عن سطح البحر نحو 464 مترا، ويبلغ عدد سكانها 2700 نسمة، وهي قرية تاريخية قديمة، تعد آخر تجمع سكاني في جنوب الضفة الغربية.

null
قرية أثرية

وقرية “البرج” من أقدم القرى في محافظة الخليل، ويعود تاريخها للعصر الكنعاني، وكشف الباحث والمؤرخ محمود طلب النمورة في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” جزءا من تاريخ هذه القرية.

وقال في حديث خاص لمراسلنا: “قرية البرج بنيت قبل نحو خمسة آلاف عام على مسار نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام في تنقله وترحاله، وأثبتت النقوش والحفريات الكنعانية والآرامية ذلك؛ حيث يوجد في القرية بقايا قلاع وقصور قديمة تعود للعصور الكنعانية والرومانية والفاطمية والأيوبية”.

null
قلعة البرج

ويضيف المؤرخ النمورة: “قلعة البرج من أهم الشواهد التاريخية في القرية، فهي قلعة رومانية قديمة بنيت في القرن الثاني عشر الميلادي، وكانت تعرف بإسم قلعة (لوفيير) وقلعة (كاسترم فيكم)، كما استخدمت القلعة لأغراض عسكرية ومدنية، فكانت مكانا سكنيا للإفرنجة المقيمين في داخلها، وملاذا آمنا لهم خلال الحروب، وسكنا للمزارعين الإفرنجة المنتشرين في المناطق الزراعية القريبة، وقاعدة هجومية، وبرجاً لحماية الطريق القديم الذي كان يربط المنحدرات الغربية من الخليل (الأراضي المنخفضة) مع المنطقة الجنوبية من فلسطين.

معقل جيش صلاح الدين

ويضيف المؤرخ النمورة: “القلعة هي منشأة مستطيلة الشكل أبعادها (52 في 45 متر)، ويصل ارتفاعها الحالي إلى حوالي خمسة أمتار، كانت محصّنة بأسوار حجرية قوية يحيط بها خندق دفاعي محفور في الصخر، ويوجد بداخلها برج دفاعي أبعاده (25 في 20 مترا) مبني من جدران حجرية منحدرة، وتضم القلعة كنيسة صغيرة ملاصقة لجدارها الجنوبي، والقلعة مبنية على سلسلة من المغائر والسراديب وآبار المياه المحفورة في الصخر”.

ويؤكد النمورة أن جيش صلاح الدين الأيوبي استخدمها لمراقبة القوافل والجيوش القادمة من مصر إلى فلسطين، واتخذت القرية اسمها من برج القلعة الذي كان يستخدم للمراقبة، فباتت في عصور متقدمة تعرف باسم قرية البرج نسبة لقلعة البرج التاريخية، كما يوجد فيها بعض مقامات الأولياء، مثل مقام أبو طوق الذي يعود للعصر الفاطمي.

الجدار يقسم القرية

يعد جدار الفصل العنصري من أخطر المشاريع الاحتلالية التي أضرت بالقرية؛ حيث يقول سرحان العمايرة رئيس المجلس القروي للبلدة، في حديث خاص لمراسلنا: “لقد شطر جدار الفصل العنصري قرية البرج إلى قسمين، ونهب الآلاف من الدونمات، ودمر الكثير من آثار البلدة التاريخية والكهوف والمغارات والمقامات، واستولى الجدار على المدرسة التاريخية القديمة ونبع الماء المعروف ببيارة البرج، وعزلها داخل المنطقة المحتلة عام 1948م”.

null
وأضاف العمايرة قائلا: “سلطات الاحتلال الصهيوني تمنع أهالي القرية من بناء أي بيت أو منشأة بجوار الجدار، بل تمنع المزارعين من زراعة أراضيهم الملاصقة للجدار، وإذا ما زرعوها؛ فإنها تدمر مزروعاتهم، كما اقتلعت قوات الاحتلال المئات من أشجار الزيتون القريبة من الجدار تحت حجج أمنية”. 

null
null