الخميس 27/يونيو/2024

لماذا يقاطع المعتقلون إداريًّا المحـاكـم؟

وليد الهودلي

بداية لا بد من معرفة طبيعة هذه المحاكم وعلاقتها بالاعتقال الإداري عندئذ ندرك تماما لماذا تقاطع هذه المحاكم ..

إن تسمية ما يحدث من مثول المعتقل الإداري أمام قاض عسكري في غرفة تأخذ شكل المحكمة، محكمة فيها تجنٍ كبير على هذا المسمى .. المسمى المناسب الذي يتلاءم مع ما يحدث هو مهزلة وليس محكمة، بعد الاعتقال مباشرة وفي غضون اثنتين وسبعين ساعة يمثل المعتقل أمام قاض عسكري ليبلغ المعتقل بقرار اعتقاله وتوقيفه حيث تسمى محكمة توقيف، ينتظر المعتقل في السجن حتى تقدم المخابرات تقريرا للمحكمة، وهذا التقرير يكون سريا لا يطلع عليه المعتقل ولا محامي الدفاع، ثم يستدعى ثانية لجلسة محكمة تسمى محكمة التثبيت أي تثبت هيئة المحكمة ما كتبت المخابرات في تقريرها السري من فترة اعتقال .. عندئذ من حق المحامي أن يستأنف على هذا القرار فيؤتى بالمعتقل ليستمع القاضي إلى طرفين: طرف وهو المخابرات حيث تقدم تقريرها السري الذي لا يطلع عليه أحد سوى القاضي، والطرف الثاني هو محامي المعتقل الذي يأتي للدفاع دون أن يرى لائحة اتهام أو يطلع على شيء من محتويات الملف السري .. فهل ترى القاضي العسكري يأخذ برأي مخابراته أم برأي المعتقل ومحاميه ؟؟

الإجابة معروفة عادة ما يكون الشأن كله لاعتبارات التقرير السري الذي تقدمه المخابرات .. بعد ذلك من حق المعتقل أن يتوجه لما تسمى المحكمة العليا وهي كسابقاتها تأخذ بالتقرير السري دون الكشف عن أي جزء من محتوياته لا للمعتقل ولا لمحاميه ..

وعدا عن هذه الممارسة التي تأخذ شكل المحكمة والقانون دون أن يكون لها أي نصيب منها، فإن هناك تعذيبا نفسيا للمعتقل وأهله، إذ إن كل مرة يجري فيها زيارة المحكمة لا بد وأن تتسلل بعض الآمال بالحرية وأن يذهب المعتقل بخياله خارج السجن، وأن تداعب مشاعر الأهل لحظة الانعتاق والتحرر من هذا الاعتقال . وهكذا تستمر لعبة الاعتقال الإداري بمحاكمها الهزلية يصل المعتقل إلى حافة الحرية نهاية كل فترة، فإذا بهم يعيدوه من جديد إلى فترة اعتقال جديدة، وكم يتمنى المعتقل أن تبلغه المخابرات كم تريد إبقاءه في السجن دفعة واحدة ليرتاح من هذه الحرب النفسية هو وأهله.

ثم رحلة البوسطة إلى هذه المحاكم رحلة من العذاب؛ حيث السفر على مدة أربعة أيام في رحلة لا تستغرق أربع ساعات على أبعد تقدير . من سجن مجدو في الشمال مرورا بعدة سجون يمكثون على بوابة كل سجن ساعة أو ساعتين والأسير في صندوق حديدي يكتوي بحر الصيف صيفا أو زمهرير الشتاء في فصل الشتاء . وزد على ذلك آلام التفتيشات النفسية وعربدة زبانية البوسطة، وما إلى ذلك من ممارسات وإجراءات لا يقصد منها إلا الإهانة والتعذيب النفسي المرير.

وواضح أن الهدف من هذه المحاكم هو إضفاء الشكل القانوني على ممارسات غير قانونية لذلك من المهم جدا هذه الخطوة التي قام بها المعتقلون الإداريون وهي مقاطعة المحاكم فلتستمر ولتحظى بتغطية إعلامية تفضح هذه الممارسات، وتفتح ملف الاعتقال الإداري على مصراعيه محليا ودوليا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات