محمد الطوس.. الأسير الشاعر غادر جبال الخليل منذ 33 عاماً

في قرية الجبعة قصة وحكاية.. جبعة الجنوب التي تبعد عن مدينة بيت لحم نحو 15كم فيما تبعد عن مدينة الخليل نحو 18 كم جنوبًا.. تلك البلدة الصامدة التي تحيطها المستوطنات لا سيما مجمع عتصيون وقد حاصرها الاحتلال بالطرق الالتفافية المغلقة أمام الفلسطينيين، فالبوابة الحديدية بين الجبعة وصوريف لا زالت مغلقة، ولذلك يشعر أهل الجبعة أنهم في حصار مستمر.
عُرفت الجبعة بمقاومة أبنائها للاحتلال الجاثم، فاعتُقلوا وهُدمت منازلهم واستُشهد الكثير منهم، وبقيت جذوة المقاومة مستمرة رغم المضايقة والحصار.
مجموعة جبل الخليل
محمد أحمد عبد الحميد الطوس -ابن الجبعة وأحد مناضليها- ولد فيها عام 1953م، وكان شابًّا يحب وطنه ويحلم بتحريره واستقلاله والدفاع عنه، فدَفعته الحمية والوطنية للقيام بأعمال مناهضة للاحتلال، ما أدى إلى اعتقاله وهو شاب في الثامنة عشر من عمره.
الطوس كان يعمل في مهنة البناء، ولم يتمكن من إكمال تعليمه.. تأثر بوجوده بين المناضلين والمقاومين الأسرى، وخاصة من حركة فتح، فقرر بعد خروجه من السجن تشكيل خلية مسلحة تقاوم الاحتلال؛ حيث عُرف التشكيل بـ”مجموعة الخليل”، وكانت على صلة بحركة فتح، وكانت مكونة من محمد الطوس ومحمد حسن سعيد، ومحمد عدوان، ومحمود النجار، وعلي خلايلة، وقد قامت هذه المجموعة بعدة عمليات ضد جنود الاحتلال والمستوطنين الصهاينة والمتنزهين من الشبيبة اليهودية الذين كانوا يأتون ويتمتعون في فضاء جبال وأودية الجبعة وبيت شميش.
تتبعت مجموعة الخليل بقيادة محمد الطوس تحركات جنود الاحتلال والمتنزهين، فقتلت العديد منهم، وبات أفراد المجموعة مطاردين للاحتلال؛ حيث كانوا يتخذون من كهوف صوريف والجبعة وبيت نتيف وبيت جبرين ملاذًا آمنًا لهم، وعندما اشتدت عمليات البحث عن المجموعة وأماكن تواجدها؛ قرر أحمد الطوس ورفاقه الخروج بعيدًا عن الوطن، وتمكنوا من التواصل مع دليل ليقوم بتهريبهم عبر الطرق الوعرة في منطقة السموع جنوبي الخليل، وبالقرب من الحدود الأردنية، لكن كمينًا لجيش الاحتلال نصب لهم، ما أدى إلى وقوع مجزرة دموية قتل فيها أفراد المجموعة كافة عدا محمد الطوس الذي أصيب بإصابات بالغة؛ حيث اعتقلته قوات الاحتلال وهو مثخن بالجراح عام 1985م ، ونقل إلى التحقيق، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.

أبناء الأسير محمد الطوس
ركام البيوت الثلاثة
آثار جرائم الاحتلال ضد رجال المقاومة لا زالت شاهدة في قرية الجبعة، ففي المنطقة الغربية الجنوبية من البلدة كان يسكن محمد الطوس هو وزوجته أم شادي وأطفاله الثلاثة، ولدان وبنت في بيت متواضع، فلم يفسح الاحتلال لهم أن يكملوا حياتهم بهدوء فدمر منزلهم الذي تحول إلى كومة من الركام، فانتقلوا إلى بيت عمهم الملاصق للمكان، لكن حقد الاحتلال عاجلهم بهدم المنزل الثاني وإلقائهم في العراء، فانتصر أهل الخير لهذه العائلة المنكوبة، وساهموا معهم في بناء بيت ثالث، الذي عاجلهم الاحتلال بتدميره أيضًا.. ولا زال ركام المنازل الثلاثة شاهدًا على جرائم الاحتلال.
فاجعة الزوجة
يقول شادي (نجله البكر): “لم يفسح الاحتلال لنا تنفس الصعداء، وحرمنا عدة سنوات من زيارة والدي تحت حجج المنع الأمني، وعندما تمكنت والدتي من الحصول على تصريح أمني يسمح لها بالزيارة كل ستة أشهر، أصابها المرض وخاصة مرض الشرايين، وكلما زارت والدي تأثرت كثيرًا وارتفع ضغطها، فأصيبت بجلطة دماغية عام 2013م ما زاد من سوء حالتها الصحية”.
ويضيف شادي في حديث خاص لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “بدأت أنا بزيارته عندما كان يسمح لنا، لأننا منعنا أمنيًّا من الزيارة أيضًا أنا وشقيقي وشقيقتي لفترة طويلة، فكان والدي يبكي دمًا على مرض أمي رغم صلابته وقوته.. وكان يوم (2-2-2015) يومًا حزينًا علينا وخاصة على والدي أبو شادي؛ حيث فارقتنا الوالدة وانتقلت إلى ربها وهي تنتظر الإفراج عن الوالد؛ حيث أدرج اسمه في القائمة الرابعة التي تقدمت بها السلطة للإفراج عن الأسرى القدامى؛ فكانت الوالدة رحمها الله تزين البيت أكثر من مرة كلما ذكرت الأخبار أن الفرج قد اقترب، إلا أن فرحتها لم تكتمل”.
الأسير الشاعر
لقد حفرت سنوات الاعتقال في وجدان الأسير الطوس مشاعر جياشة نحو الوطن والأهل والنضال، فكتب الشعر يتغنى به الوطن، ورسم تأملات جالت في خاطره، إلا أن هذا التراث الثقافي لم يكتب له أن يرى النور، كما يقول ابنه شادي.
ويضيف شادي: “والدي شاعر ورسام، لكنه لا يزال يحتفظ بما كتب داخل سجنه؛ فهو يرى أن يفرج عن الشاعر والشعر معًا، وإلا فلا جدوى لما كتب كما يرى عميد الأسرى”، مؤكدًا أنه تم تهريب قصيدة من قصائد الأسير أبو شادي فقرعت أسماع المنشد والمغني أبو عرب، فهزت مشاعره ووجدانه وجعل منها لحنًا وأغنية هزت مشاعر المستمعين.. (يا يمه في دقة ع بابنا.. يا يمه هاي دقة أحبابنا.. يا يمه هاي دقة قوية .. يا يمه دقة فدائية .. يا يمه عشاق الحرية)”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...