الأربعاء 07/مايو/2025

الأسير عثمان بلال.. تلميذ العياش القابض على جمر الفراق

الأسير عثمان بلال.. تلميذ العياش القابض على جمر الفراق

أكثر من نصف عمره أمضاه في سجون الاحتلال، عاش الكثير من لحظات الألم والمعاناة، رأى الموت بعينيه، وسطر أروع صفحات المجد قبل وأثناء وبعد اعتقاله، ومع ذلك فهو يمتلك إيمانا يقينيا بأنه على موعد مع الحرية يرجو أن يكون قريبا.

إنه الأسير عثمان سعيد بلال (48 عاما)، ابن مدينة نابلس، الذي ما إن يحل ذِكره حتى تحل نفحات من أيام العز القسامية، وذكريات العمليات القسامية التي تحمل بصمات الشهيد المهندس يحيى عياش.

اعتقل عثمان في (19-8-1995) وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة، لضلوعه بعمليتين استشهاديتين نفذهما استشهاديان قساميان في صيف ذلك العام.

وينتمي عثمان لأسرة مجاهدة، فوالده الشيخ الداعية الراحل سعيد بلال، أحد رجالات الرعيل الأول للإخوان المسلمين في فلسطين، والذي دخل السجون منذ أوائل الثمانينات بسبب نشاطه الجهادي.

كما اعتقل أشقاؤه الأربعة، بكر، وعمر، ومعاذ، وعبادة، وحتى والدته لم تسلم من الاعتقال، مرة للضغط على زوجها خلال اعتقاله في الثمانينات، ومرة أخرى عام 2009 عندما اعتقلت لمدة يومين رغم كبر سنها، للضغط على أبنائها المعتقلين.

أما “عثمان” الذي نشأ في أحضان المساجد وترعرع في مدرسة الإخوان المسلمين، فقد انضم لكتائب الشهيد عبد الله عزام التابعة لحركة حماس، قبل أن تندمج بكتائب الشهيد عز الدين القسام.

واعتقل للمرة الأولى في العام 1993، على خلفية عملية قتل اثنين من جنود الاحتلال طعنا في الثكنة العسكرية المقامة على سطح عمارة العنبتاوي وسط نابلس، وخضع لتحقيق قاس استمر نحو ثلاثة شهور، ولم يستطع المحققون إثبات أية تهمة ضده، فحكم عليه بالسجن عاما واحدا.

وبعد الإفراج عنه تعرض عام 1994 لمحاولة اغتيال على يد المستعربين وسط المدينة، لكن الرصاصة أصابت كتفه، ونقل إلى المستشفى بحالة خطيرة، وتمكن الأطباء من علاجه.

كان عثمان الساعد الأيمن للأسير القائد عبد الناصر عيسى، الذي كان يقود إحدى الخلايا العسكرية تحت إشراف مباشر من العياش.

وبتوجيهات من العياش، خططت الخلية بالاشتراك مع خلية أخرى في القدس يقودها الشهيد محيي الدين الشريف، لعمليتين استشهاديتين، نفذت الأولى في 24 تموز/ يوليو 1995، في “رمات غان” قرب “تل أبيب”، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.

صمود أسطوري

وقبل يومين من موعد تنفيذ العملية الثانية، اعتقل عثمان بعد اعتقال عبد الناصر، وكانت لدى الاحتلال معلومات مؤكدة عن وجود نية لتنفيذ عملية ثانية، لكن دون معرفة أين، وكيف، ومتى، ومن هو المنفذ؟

خضع “عثمان” لتحقيق قاس وعنيف على أيدي محققي “الشاباك” الذين مارسوا بحقه أشد صنوف التعذيب، في مسعى منهم لانتزاع أية معلومة قد تساعدهم بمنع وقوع العملية، لكنه صمد صمودا أسطوريا، إلى أن تأكد من تنفيذ العملية في “رمات أشكول” بالقدس المحتلة، موقعة عشرات القتلى والجرحى.

أكمل عثمان تعليمه في السجن، والتحق بالجامعة العبرية المفتوحة لدراسة العلوم السياسية، لكن إدارة السجون وضعت الكثير من العراقيل التي حالت دون إكمال دراسته، لكنه لم يستسلم، واستطاع انتزاع شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى بغزة.

ويقبع عثمان حاليا في سجن “جلبوع” بعيدا عن شقيقه معاذ المحكوم بالسجن المؤبد 27 مرة، والذي يقبع في سجن نفحة، بعد أن فرّق بينهما السجان في عملية قمع طالت عددا كبيرا من الأسرى في سجن “ريمون”.

ولا يستطيع أحد زيارته إلا شقيقته الوحيدة، أما شقيقه عمر فهو ممنوع من الزيارة، إلا بتصريح استثنائي يصدر كل عامين تقريبا، في حين لم تستطع والدتهم من زيارته منذ انتقالها للعيش مع ابنها عبادة الذي أفرج عنه في صفقة “وفاء الأحرار” وأبعد إلى غزة.

رجل الأفعال لا الأقوال

ويقول عمر لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”،إن عثمان كان أقرب إخوانه إليه، وهو شخصية محببة ومرحة ويتمتع بأخلاق دمثة، وهو يمتاز بالهدوء، وكثرة الصمت، وقلة الكلام.

ويضيف أن عثمان يتمتع بشخصية قيادية، وهو ما أهّله لنيل ثقة إخوانه الأسرى الذين انتخبوه رئيسا للهيئة القيادية لأسرى حماس في إحدى الدورات الانتخابية، فضلا عن عضوية الهيئة، لما يتمتع به من قدرات تفاوضية مع إدارة السجون.

كما يتبوأ باستمرار مناصب قيادية، وهو لا يكاد يجد متسعا من الوقت بسبب انشغاله بمهامه القيادية، وقد حاول اعتزال العمل القيادي أكثر من مرة، لكن في كل مرة يتراجع تحت ضغط إخوانه الأسرى.

ويشير عمر إلى أن عثمان تعرض للعديد من المراحل الصعبة والقاسية، ابتداء من لحظة اعتقاله والتحقيق معه، ولم تتوقف طيلة سنوات اعتقاله.

فقد تعرض للعزل الانفرادي مرتين بعد تنفيذه محاولتي فرار من السجن، إحداهما من سجن عسقلان، والأخرى من سجن “كفار يونا”.

أما على الصعيد العائلي، فإن أشد اللحظات قسوة كانت لحظة سماعه نبأ وفاة والده عام 2005 متأثرا بمرضه، والمرة الثانية لحظة سماعه نبأ وفاة شقيقه الأكبر “بكر” عام 2016.

يقول عمر: “كان لخبر وفاة بكر وقع أشد على عثمان، نظرا لأن الوفاة كانت مفاجئة، وهو لا زال في مقتبل العمر”، ويضيف: “قال لي عثمان ذات مرة إن الحياة هانت كثيرا في عينيه بعد وفاة بكر”.

وتزداد مرارة وفاة بكر بالنسبة لعثمان بفعل طول سنوات الفراق، فطوال 21 عاما عاشها بكر بعد اعتقال عثمان، لم يلتق الشقيقان إلا مرة واحدة.

ويقول عمر: “خلال إحدى اعتقالات بكر، طلب زيارة شقيقه عثمان، فتم نقله ليمضي معه نهار يوم واحد لم يزد عن 8 ساعات، ثم أعيد إلى سجنه”.

يتمسك عثمان، كغيره من أسرى المؤبدات، بحبل الله، ورغم أنه لم ينعم بالحرية في صفقة “وفاء الأحرار” إلا أنه مطمئن إلى أن الله تعالى سيهيئ الأسباب الكفيلة بالإفراج عنه.

ويقول عمر واصفا معنويات شقيقه عثمان: “ثقته بالله عالية جدا، وفي كل زيارة أجد معنوياته مرتفعة، فلا مجال لليأس، ولولا ثقته بالله لتحطمت معنوياته”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...