عاجل

الأحد 06/أكتوبر/2024

عمار الزبن.. نجل الشهيدة وذو المؤبدات الـ27

عمار الزبن.. نجل الشهيدة وذو المؤبدات الـ27

نجل شهيدة وشقيق شهيد، نشأ وترعرع في حواري مدينة نابلس، ومن مساجدها تشرب معاني الانتماء للدعوة والجهاد، أحبه كل من عرفه لدماثة أخلاقه وسلوكه، رضع حب الوطن والإسلام من تضحيات عائلته.

ولد الأسير عمار الزبن في العام 1976، ليكبر وحب فلسطين في قلبه سويا، وقد عاش سنوات مليئة بمعاني المقاومة والجهاد، سطرتها أسرته التي كانت أنموذجا  للتضحية والفداء، ابتدأت بعد أن استشهد شقيقه “بشار” في العام 1993 على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني.

عمار “المقاتل الصامت أوالمجاهد الهادئ”، كما أطلق عليه  كل من عرفه، اتخذ له صحبة، تشرّب وإياها معاني المقاومة والجهاد، بعيدا عن الأضواء، كيف لا وقد كان أخلاؤه الشهداءَ مهند الطاهر، وأيمن حلاوة، ومحمود أبو الهنود، ليصنع ورفاقه المجاهدون المعجزات من خلال عمليات الرد على جرائم  الاحتلال.

“شهداء من أجل الأسرى”

خلية “شهداء من أجل الأسرى”، كان يقف “الزبن” على رأسها رفقة مجموعة من المجاهدين القساميين، وأخذت على عاتقها الرد على جرائم الاحتلال في العام 1997، إذ نفذت عدة عمليات استشهادية أسفرت عن مقتل أكثر من 27 صهيونيا وإصابة العشرات.

شهور مضت على تلك العمليات، ليتفاجأ الجميع باعتقال “الزبن”، بتهمة الوقوف خلف تلك العمليات الاستشهادية، لتبدأ معالم التضحية والعطاء والفداء بالتكشف، فذلك الرجل الغامض الهادئ، هو من صنع المعجزات وأوقع الألم في صفوف الصهاينة من خلال عمليات خليته النوعية، إلى جانب الشهيدين يوسف السركجي وإبراهيم بني عودة.

ولعل عمل “الزبن” في جهاز الشرطة الفلسطينية، وحالة الغموض والهدوء التي كانت تكتنف حياته هي من جعلت الكثيرين يتفاجؤون بحجم أفعاله ليصبح القدوة المثلى للجندي الصامت الشجاع.

وحتى أيامه الأخيرة كان “الزبن” يتصرف بهدوء كامل وبصمت مطبق، يتنقل من مدينة إلى أخرى، بل سافر إلى الأردن، دون أن يشعر أحد به، إلى أن بدأت معالم عمليات خلية “شهداء من أجل الأسرى” وخيوطها تتكشف، لتكمن له مخابرات الاحتلال أثناء عودته من عمان، ليصبح آنذاك عنوانا لكل الصحف وإنجازا تتغنى به مخابرات الاحتلال الصهيوني.

27 مؤبدًا
من جديد يعود “عمار” إلى الاعتقال ليكون الثالث، فبعد أن اعتقل للمرة الأولى في عام 1993 عامين ونصفًا، تلاها الاعتقال الثاني عقب استشهاد شقيقه بشار، وإلقائه كلمة في تأبينه ألهبت الجماهير، مكث على إثرها ستة أشهر بالاعتقال الإداري.

أما الاعتقال الحالي، فقد انتقمت قوات الاحتلال الصهيوني من “الزبن” لمشاركته في خلية “شهداء من أجل الأسرى” ونشاطه في كتائب الشهيد عز الدين القسام بالحكم عليه بـ27 مؤبدا، في العام 1999م، ظنا منها بأنها في هذا الحكم ستهدم ذلك الجبل الأشم وروحه المعنوية.

وبعد الحكم الكبير بحقه، تعمدت قوات الاحتلال الصهيوني أيضا، أن تحول بين الأسير الزبن وعائلته، ومنعت عنه الزيارة لمدة تقارب خمس سنوات.

أما والدته الصابرة المجاهدة، فهي الأخرى ارتقت شهيدة، بعد أن خاضت إضرابا عن الطعام، تضامنا مع الأسرى المضربين في عام 2004، لتصاب بتراجع حاد في حالتها الصحية، وليعلن عن استشهادها أثناء إجرائها عملية جراحية  في أحد مستشفيات مدينة القدس.

ولقد ترك رحيل والدته واستشهادها أثرا كبيرا في نفسه، “ففكرة الموت لأحد الوالدين تكون صعبة بالعادة، فكيف إذا كان الأمر يتعلق باستشهاد الأم، وهي تتضامن مع ابنها الأسير؟!”.

أمل خلف القضبان

ولم  يكن العام  2012، اعتياديا في حياة الأسير عمار الزبن، حيث رزق بطفله “مهند”، بعد أن نجح بتهريب نطفة من السجن، وليعاود الكرة بعد ثلاثة أعوام، ليبصر مولوده الثاني “صلاح الدين” النور.

ورغم أنف الصهاينة، احتضن “عمار” نجليه مهند وصلاح الدين، ومتّع ناظريه بهما، في مشهد إنساني اختلطت به الدموع ومعاني الإصرار على الحياة.

كما نجح “الزبن” ورفاق الأسر في تحويل المعتقلات إلى أكاديميات للتعلم، حيث أرغموا “إدارة السجون” على إدخال برنامج الدبلوم والبكالوريوس إلى السجن، (قبل أن يقدم الاحتلال على وقفها بعد عامين)، ليجد  الظروف مهيأة لإكمال دراسته في جامعة القدس.

وتواصلت صولات “الزبن” خلف القضبان، في خط معالم الإبداع الأدبي لديه،  فقط استطاع أن يؤلف ثلاث روايات، بدأها بـ”عندما يزهر البرتقال”، وتلتها “خلف خطوط العدو” (تجسد حادثة اختطاف الجندي الصهيوني “نحشون فاكسمان” في العام 1994)، فيما كانت روايته الثالثة بعنوان “الزمرة”، وتحدثت عن قصة مقاومين من كتائب القسام، مكثوا في أحد الأنفاق المدمرة لمدة أربعة عشر يوما.

عطاء وإبداع “الزبن” لم ولن ينضب؛ فهو يحضر لإصدار روايتين أخريين، فضل عدم الإفصاح عنهما حتى تكتمل الصورة حولهما، كما أن قلمه يعبر عن ضمير الأسرى وأمانيهم  بالتحرر والانعتاق من سجون الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات