الأحد 11/مايو/2025

خطاب الوعد الأمريكي في الكنيست

ياسر مناع

 مع بداية العهد الجديد للرئيس لدونالد ترمب بدأ سباق الولاء بين أركان الإدارة الأمريكية لـ”إسرائيل”، أراد ترمب تقديم عربون صداقة في عامه الأول كدليل على أنه الأوفى بين الرؤساء؛ فأعلن القدس موحدة عاصمة لدولة “إسرائيل” غير آبه بأحد، ولكن نائبه “مايك بنس” كان على قدر أعلى من الذكاء، زار “إسرائيل” وبتواضع ألقى خطاباً في الكنيست حظي بتصفيق حار، احتوى على ضمانات أمريكية جاءت في ظل تساؤلات “إسرائيلية” نتجت في ضوء أحداث متسارعة وإعادة بلورة للمحاور في العالم؛ وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

أراد “بنس” في خطابه أن يعود إلى رئيسه وفي جيبه ورقة ضمان لولاية جديدة ثانية في السنوات القادمة إذا ما حدث شيء ما لم تشتهه سفنه. 

في بداية الأمر أحب “بنس” أن يؤكد لـ”إسرائيل” بأن قضيتها المحورية وأساس الصراع في المنطقة وهي القدس؛ هي على ذات الدرجة من الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، فأكد على أنها لن تكون إلا عاصمة موحدة “لإسرائيل” مطمئن لها من أي ردة فعل فلسطينية أو عربية جراء هذا الشأن، ولا يمكن التراجع عن هذا الإعلان في أي عملية تفاوضية قادمة مع الفلسطينيين، كما أن “بنس” أشار بأن موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس سوف يكون قبل نهاية العام القادم.

“بنس” لم يوجه الخطاب في هذه النقطة إلى “إسرائيل” فقط بل إلى الفلسطينيين أيضا، فتحدث “بنس” بصورة غير مباشرة على استحالة المفاوضات من غير الرعاية الأمريكية، وهذا ما أرادته “إسرائيل”، ويكأن بنس قصد إسماع رئيس السلطة أبو مازن وهو في خضم زيارته لأوروبا للبحث عن راعٍ جديد للسلام واعتراف بدولة فلسطين. 

تطرق “بنس” إلى الملف النووي الإيراني الذي يشكل مصدر قلق لـ”إسرائيل” في ظل تعاظم الدور الإيراني في المنطقة، حيث ترى “إسرائيل” بأن النفوذ الإيراني يقترب منها عبر الجبهتين: الشمالية متمثلة في حزب الله، والجبهة الجنوبية التي تتمثل في حماس والمقاومة، وجدد إلى إمكانية انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني إذا لم توافق إيران على بعض الملاحظات والتعديلات؛ حيث رأت “إسرائيل” في هذا الاتفاق الخطر وعدّته كارثيا، لذلك حاولت بدورها منذ اللحظة الأولى العمل على إفشاله فلم تنجح بذلك، فلمحت إلى وجوب بعض التعديلات على الاتفاق، والتي تضمن أمنها، وتضمن بذات الوقت عدم امتلاك إيران السلاح النووي، ومن الواضح أنها نجحت في ذلك. 

وتطرق بنس في خطابه إلى الدور الأمريكي ونشاطها العسكري المشروع على حد وصفه في سوريا، ويكأنه يؤكد بشكل غير مباشر على أحقية “إسرائيل” في التدخل العسكري وشن الهجمات الوقائية على الأراضي والأهداف السورية، ويعود أساس هذه الأحقية لوحدة مصير الشعبين، وقوة الترابط فيما بينهما كما قال.

وفي خطوة احتجاجية قام النواب العرب في الكنيست برفع لوحات تحمل صورة القدس مكتوب عليها القدس الشريف عاصمة فلسطين كخطوة احتجاجية على خطاب بنس، ولكن الملفت في الأمر هي الطريقة العنيفة التي تم التعامل فيها معهم وإخراجهم من القاعة بصورة توحي بأن “إسرائيل” لن تسمح لأحد بالحديث عن القدس إلا كما هي تريد بعد هذا الدعم الأمريكي المطلق.

يمكننا القول أن “بنس” قد نقل في خطابه الولاء والتطمين الأمريكي لـ”إسرائيل” لكنه أراد هو أيضا أن يقدم ولاءه الشخصي المطلق بطريقته الخاصة؛ حيث أنهى خطابه بعبارات باللغة العبرية. 

من الواضح أن الخطاب لم يزد الأمور تعقيدا، لأن الوقائع تشير إلى أن الأزمة منذ بدايتها معقدة وصعبة جداً، وأن القضية تتطلب موقفاً رسمياً وشعبياً موحداً يكون قادراً على النهوض بحراكٍ على أرض الواقع يخرج القضية من حصارها المحكم والذي يهدف إلى تصفيتها.

يبدو أن أمريكا التي وصفت إعلانها كخطوة هامة في عملية السلام قد بدأت بفرض وقائع “صفة القرن”، وإن صح التعبير “مأساة القرن”، فبعد إعلان القدس كعاصمة لـ”إسرائيل” اتخذت إجراءات وخطوات ضد الأونروا بتقليص المساعدات لها، فمن الممكن أن يتم إيقاف عملها في الضفة وقطاع غزة في الوقت القريب، أضف إلى ذلك المستوطنات التي قد حسم أمرها مسبقاً، فيكون بهذا قد تم التخلص من عقبات رئيسية من عقبات الحل النهائي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....