الأربعاء 07/مايو/2025

​بنس وما بعد المركزي

عماد الإفرنجي

رغم الملاحظات والتحفظات التي أعلنتها عدد من الفصائل على قرارات المجلس المركزي الأخير لمواجهة إعلان ترمب حول القدس إلا أنني أعتقد أن أحداً منها لن يتخلف عن دعم الرئيس أو غيره في مواجهة المخطط الأمريكي الإسرائيلي حول القدس أو ما تلاها لشطب قضية اللاجئين!!.

ولا يختلف اثنان من الفلسطينيين على ضرورة مواجهة القرار الأمريكي والعمل بكل السبل لإسقاطه -أو على الأقل رفضه- وانتهاء ما يسمى الرعاية الأمريكية لعملية السلام، لكن الخلاف يبرز في أن قيادة المنظمة لم تغادر موقع المراوحة والانتظار، وتراهن على جهود جديدة لإحياء المفاوضات أو تبحث عن راعٍ جديد أو تحسين شروط التفاوض.

المركزي جدّد قراره عام 2015 الذي لم ينفذ بوقف التنسيق الأمني، والشكوك تراود الكثيرين بعدم تنفيذه مستقبلاً، وكلف اللجنة التنفيذية بتعليق اعترافها بـ”إسرائيل”، ومر أكثر من أسبوع على القرارات لكن التنفيذية لم تجتمع، ما يعطي انطباعاً بعدم الجدية في التعامل مع حقيقة المخاطر التي تتهدد القضية الوطنية!!.

المواقف غير واضحة، والتناقض لا زال قائماً بين القول والفعل لدى السلطة التي أعلنت قطع اتصالاتها مع واشنطن لكنها دعت القنصل الأمريكي في القدس لحضور افتتاح المركزي وغيرها، ما يعطي مؤشرات خطيرة حول حقيقة موقف السلطة.

ولم تتوقف الإدارة الأمريكية في خطواتها التصفوية للقضية الفلسطينية، حيث أعلن أمس نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس بوقاحة أن “اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” ونقل السفارة الأمريكية إليها هو تصحيح لخطأ استمر 70 عاماً، وسيتم نقل السفارة من “تل أبيب” للقدس قبل نهاية عام 2019″ ، وهو ما يتطلب اجتماع وطني عام عاجل يشارك فيه كل الفصائل والخبرات والحكماء الفلسطينيين في فلسطين والخارج للبحث بعقل جمعي حول كيفية مواجهة ترمب نتنياهو.

إن الظروف الاستثنائية تحتاج قرارات وأعمال استثنائية، ويمكن للجبهة الشعبية -لما تتمتع به من علاقات طيبة مع جميع الفصائل- القيام بدور الحاضنة لعقد اجتماع فوري للتصدي للقرارات الأمريكية المتلاحقة خاصة حول القدس، تبدأ بتعزيز قرارات المركزي والبناء عليه لجهة تصحيح المسار الوطني بإنهاء وهم التسوية بلا رجعة، وسحب الاعتراف بـ”إسرائيل”، ودعوة الإطار القيادي المؤقت للمنظمة، وبناء استراتيجية وطنية موحدة لإدارة الصراع مع الاحتلال ومواجهة قرارات ترامب.

مواجهة “صفقة القرن” تتطلب تفعيل مسار المصالحة المتعثر، وتفكيك الأزمات التي تعترضها، ورفع العقوبات عن غزة، وتحقيق الشراكة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني بمزيد من الحكمة والصبر.

الرئيس قال ممتعضاً “اتفاق أوسلو انتهى، والسلطة بلا سلطة، واحتلال دون تكلفة”، ولذلك على القيادة اتخاذ قرارات لرفع كلفة الاحتلال كما فعل أبطال جنين، والتحلل من أوسلو رسمياً، والتمسك بالمنظمة وإصلاحها وتطويرها لتمثل الكل الوطني الفلسطيني، وإحالة كل جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية، ودعم وتعزيز نهج المقاطعة.

يجب ألا يتوقف صاحب القرار عند رفض صفقة ترمب؛ بل عليه وضع إجابات محددة وواضحة حول كيفية المجابهة وأشكالها والشروع بخطوات على أرض الواقع وبأقصى سرعة، سيما وأن الأطراف المعادية لشعبنا ماضية في قراراتها التصفوية وتفرض حقائق على الأرض في كل الاتجاهات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات