الشهيد أبو مساعد.. اغتيال الطفولة برصاص متفجّر
في منزل الطفل أمير أبو مساعد لم يستشعروا بعدُ غيابه تمامًا؛ فكونه أصغر أطفال الأسرة التسعة لا تزال لمسته باقية في كل زاوية، وكلماته الصغيرة عن القدس تتردد في آذان والديه وأشقائه.
أربع رصاصات إسرائيلية اخترقت صدر الطفل أمير قبل أيام، وبترت ذراعه فصمت للأبد قبل أن ينزف ثلاثة فتية بجواره من رصاصات اخترقت أحشاءهم وسيقانهم.
عندما اقترب الطفل أمير أبو مساعد (15 عاماً)، رفقة عدد من الفتية من السلك الفاصل شرق مخيم البريج تفاجأ بإطلاق نار مباشر ومزدوج من رشاش آلي في موقع أبو مطيبق العسكري ومن قناصة الاحتلال.
اليوم الأخير
في مسائه الأخير كانت المنطقة الحدودية هادئة حتى سقط أمير وزملاؤه فاجتهد عدد من الشبان بالجوار في نقل المصابين ريثما تصل عربة الهلال الأحمر لكن أمير كان قد فارق الحياة، ونال الرصاص المتفجر من أحشاء زملائه.
ويقول غسان شقيق الشهيد أمير: إن شقيقه بدا غاضباً من لحظة إعلان ترمب القدس عاصمة للاحتلال، وإنه على صغر سنه كان متأثراً ومتفاعلاً مع ما يجرى.
ويضيف: “يشارك في الاحتجاج السلمي، ويصطحب مقلاعه معه، ويتمنى اجتياز السلك الفاصل والوصول إلى القدس، وهو دائماً يردد: أتمنى أفتح منفذًا في السلك الفاصل لنتوجه إلى القدس”.
ويتعجب غسان من استخدام الاحتلال النيران المتفجرة والقذائف المحرمة لإبعاد الأطفال والشبان الذين يشاركون بشكل متكرر في الاحتجاجات الحدودية.
ومنذ لحظة استشهاد أصغر أطفاله يبدو السيّد عبد الحميد مقلاً في الكلام سوى من أحاديث متفرقة مع الأقارب والمعزّين المتوافدين لمنزله.
يقول عبد الحميد: “طفلي الصغير كان قريبًا من السلك الفاصل، وأصيب برصاص ثقيل ومتفجّر. ابني جريء جداً، ودائماً يتكلم عن القدس وعن جرائم الاحتلال”.
جرحى وشهود
ترك مراسلنا منزل أبو مساعد، وتوجه لمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وبعد البحث في سجلات الجرحى مع إدارة المستشفى حدّد حجرات الشهود العيان المصابين في الحادثة.
في حجرة رقم 6 يرقد الفتى آدم بارود (19 عاماً)، وقد التفّ حوله أشقاؤه وأصدقاؤه للاطمئنان على صحته التي تعاني الخطر رغم إجراء عدة عمليات جراحية له.
تتسلل الكلمات بصعوبة من فمه، وهو يقول: “توجهت للسلك الفاصل، وكنت مع الشهيد أمير، وعندما أذن العصر أديت الصلاة، ثم اقتربنا من الحدود، وشاهدت الجنود يشتموننا، ثم أطلقوا الرصاص على ركبتي فسقطت وبدأت أنزف، وعندما حاولت الهروب أطلقوا رصاصة متفجرة ثانية أصابت ظهري قبل أن يصلني الشبان”.
في عربة الإسعاف اجتمع آدم مرةً أخرى بأمير الذين كان قد تركه منذ ساعة فقط، ولكن هذه المرة في حال مختلف فأمير كان صامتاً وذراعه مبتورة، وآدم كان ينزف الدماء من ركبته وبطنه حتى وصلا المستشفى، وتفرّقا للأبد.
وفي حجرة رقم 7 بقسم الجراحة، يبدو الشاب محمود المصري في حالة سيئة، فجرحه لا يزال في مرحلة الخطر بعد استخراج رصاصة من بطنه وبقاء ثانية في الكبد.
يخفي المصري نصف وجهه بضمادة مبللة ويقول: “لا أستطيع الكلام.. أنا متعب جداً.. ولا تزال رصاصة في بطني تؤلمني ..”.
يتدخل شقيقه محمد مضيفاً بعض التفاصيل: “إصابته في بطنه، ورصاصة في الكلية، وقد خضع لعملية لكنه بحاجة لعملية بعد أسابيع لاستخراج رصاصة الكبد” .
ويروى أحد الشهود العيان الذي رفض الكشف عن هويته أن الشهيد والمصابين اقتربوا بشكل سلمي من أحد أنابيب تصريف مياه الأمطار الحدودية في منطقة منخفضة، وتفاجؤوا بإطلاق نار مزدوج فسقطوا دفعةً واحدة، ولم يكن في المكان عربة إسعاف.
ويقول مصدر طبّي في مستشفى شهداء الأقصى: إن إصابة الطفل أبو مساعد غريبة من نوعها؛ فمدخل الرصاص سعته 4 سم ومخرجها 5 سم وقد أدت لبتر ذراعه وتهتك في أعضائه الداخلية، وهو ما أيده التقرير الطبّي الصادر عن المستشفى.
ويستخدم الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة القدس في أكتوبر 2015 الرصاص المتفجّر في استهداف الأطفال والشبان على طول السلك الفاصل؛ ما أدى لاستشهاد عشرات الشبان، وبتر أطراف العشرات وإصابتهم بإعاقات دائمة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...