الثلاثاء 06/مايو/2025

الحارقات والبرج.. حكاية الثورة بمخيم العروب

الحارقات والبرج.. حكاية الثورة بمخيم العروب

رغم أنه محكم وشاهق ومحاط بالأسلاك الشائكة وعليه نوافذ زجاجية وتحيط به السواتر الإسمنتية، إلا أنه مجلل بالسواد، كطابون “أم أحمد الجوابرة” التي هجرت من “عراق المنشية”، وانتهى بها المطاف بمخيم العروب، فالبرج العسكري المقام على مدخل المخيم شمال الخليل، جلله سواد الحارقات الليلية، فلقد زرعه الاحتلال في هذا المكان لا لينتج خبز الطابون، وإنما ليزرع الموت في كل بيت من بيوت المخيم.

شباب الانتفاضة داخل المخيم، الظامئين للمجد والعودة، يتنقلون خفية في ساعات الليل بحارات “الجوابرة” و”الطيطي” و”الكرنز”، وفي الحقول المحيطة بالمقبرة، يحملون على خاصراتهم أحزمة ليست من المتفجرات، وإنما من الزجاجات الحارقة، التي جعلوا لها جيوبا في الحزام، وكأنها قنابل (MELZ) أي رمانات يدوية، والبرج العسكري لا يزيد سواده إلا الحارقات التي تعبر عن عنفوان المواجهات الشعبية على مدخل المخيم.

لـ”الحارقات” قصة؟اجتمع خمسة من شباب الانتفاضة من مخيم العروب في إحدى ليالي الصيف المنصرم، في ساحة المقبرة غربي المخيم، اثنان منهم لم يمر على الإفراج عنهم من سجن عوفر سوى شهر ونصف، أحدهما حكم عليه بالسجن 27 شهرا، لأنه ألقى 3 حارقات على البرج، والآخر أمضى عشرين شهرا أيضا بسبب إلقائه حارقتين على البرج نفسه، إذ بات يشكل القضية رقم واحد في المحاكم العسكرية الصهيونية.

جلس الخمسة بالقرب من تابوت كتب عليه (هذا قبر الشهيد القسامي محمد عزيز رشدي، الذي استشهد يوم 13/9/1993)، وقد جهز كل واحد منهم نفسه بالعديد من الزجاجات الحارقة، “أحدهم قال أنا أدخل من محطة العروب الزراعية وأعصفهم بخمس حارقات”، وقال الثاني: “أنا التف عليهم من أمام المسجد الجديد، فالقي حارقتين”، وكذا حال الثالث سيهاجمهم من مدخل حارة الجوابرة، والرابع من مدخل المقبرة، والخامس وجها لوجه من الشارع الرئيس، المهم أن تزلزل أركان البرج ويحترق ويزينه دخان المقاومة، هذا المشهد ليس جزءا من رواية تراجيدية، وإنما هو حقيقة كشفتها لوائح اتهام الشبان الخمسة من مخيم العروب والذين رفضوا الكشف عن أسمائهم.

عدو الفلسطينيين
الأسير المحرر علي وهدان (29 عاما) من مخيم العروب، اعتقل ثلاث مرات، وكلها بتهم إلقاء زجاجات حارقة على البرج العسكري، وحكم ما مجموعة ست سنوات وثلاثة أشهر، قال بكل وضوح: “البرج العسكري المقام على مدخل المخيم، بات عدوا لكل فلسطيني يسكن المخيم، فهو الموت، وهو العدو الذي يؤرقنا، ولذلك فإنه هدف المقاومين الأول”.

وأضاف وهدان في حديث خاص، لمراسلنا: “لا نحب أن نرى هذا البرج إلا مجللا بالسواد، كعنوان للاحتجاج والرفض للاحتلال، لا بل عنوانا للثورة والمقاومة،  لذلك ستستمر المواجهات وإلقاء الحارقات حتى نطرد المحتل”.

ويبدو أن المتلازمات الثلات (الحارقة والبرج والمخيم) هي نموذج  لحياة الدراما الثورية أمام المخيمات الفلسطينية وخاصة مخيم العروب، الذي بات يسجل تقدما في خندق المواجهة مع الأبراج العسكرية.

أحكام جائرة
بدوره، يؤكد أمجد النجار، مدير نادي الأسير الفلسطيني في محافظة الخليل، في حديث خاص لمراسلنا: “أن غالبية التهم والقضايا التي توجه في المحاكم الصهيونية ضد شباب مخيم العروب، هي إلقاء حارقات على البرج العسكري، إذ تصل نسبتها إلى أكثر من 70%  من بين مجموع التهم الأخرى”.

ويشاطر كريم عجوة، محامي نادي الأسير الفلسطيني، “النجار” الرأي، مدللا بالأرقام: “لقد ترافعت خلال العام المنصرم، عن العشرات من شباب مخيم العروب، وقد كان من بين كل عشرة معتقلين (7-8) أسرى تهمهم إلقاء زجاجات حارقه على البرج المقام أمام المخيم”.

ويضيف المحامي عجوة، لمراسلنا: “الأحكام التي توجهها المحاكم الإسرائيلية ضد ملقي الحارقات تختلف من أسير لآخر، فمسافة الإلقاء تلعب دورا هاما في الحكم، فمن يلقي حارقة من مسافة صفر قد يحكم أربع سنوات، ومن يتكرر عدد مشاركاته في الإلقاء تحكم عليه المحاكم الصهيونية أحكاما عالية”.

تلكم هي قصة العلاقة العضوية ما بين (الحارقة والبرج والمخيم)، هي أشبه بعلاقة غرامية ثورية معقدة يصعب أن تنتهي فصولها ؟!!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...