على أوتار الأحزان.. رفاق جمال مصلح يرثونه شهيدًا

بعد انفراط عقد المشيعين لازم القبر قلّةً من أصدقائه وأبناء عمومته وقد تبرّع أحدهم بنثر أوراق الورد فوق القبر بينما حاول آخرون مواساتهم بالدعاء له.
 
عيون الشاب جمال مصلح ابن عم الشهيد جمال متورّمة من شدّة البكاء على رفيقه وأحد أبناء عمومته، فقد اتفقا سويًّا في الاسم والطباع، وحافظا على المشاركة في احتجاج الحدود حتى كان (جمال وجمال) معًا حتى فارق أحدهما الحياة.

null 
وكان الشهيد جمال محمد مصلح (21 عامًا) قد استشهد فجر السبت بعد إصابته برصاصة متفجّرة اخترقت بطنه وأدت لتفتيت أجزاء من أعضائه الداخلية، ما أدى لتدهور حالته الصحية حتى فارق الحياة بعد ساعات من إصابته.

فتى الانتفاضة

“أنا ابن الانتفاضة.. أنا اسمي جمال مصلح.. سوف أكون شهيدا عند الله.. يا رب انصر غزة.. قولوا آمين.. علقوا على أوتار الأحزان أمامه.. ادعوا وقولوا أمين”.. بهذه العبارة ختم الشهيد مصلح آخر مشاركاته على صفحته على (فيسبوك) التي أسماها (أوتار الأحزان) قبل أن يمضي للمشاركة في احتجاج الحدود ويصاب برصاصة قاتلة.
 
بعد انتهاء تشييع مصلح يتحدث صديقه جمال عن يوم استشهاده وهو يلوّح براحته نحو القبر، مضيفًا: “كان يستخدم المقلاع للتعبير عن غضبه وكل خميس يقول لي غدًا سأستشهد، وأنا أرافقه حتى يوم استشهاده، رأيت مصابًا يسقط في الجوار وعندما وصلته كان هو”.

أطلق قنّاص صهيوني رصاصةً عليه لم تصبه، وعندما حاول الابتعاد وانحنى مسرعًا أتبعه بأخرى اخترقت ظهر جمال، وخرجت من بطنه فسقط مضرجًا في دمه.

ويتابع: “رافقته في الإسعاف كان يردد الشهادتين، وقال لي قل لأبوي وقل لأمي يسامحوني، وفي الطريق أخبرني أن ألمًا شديدًا في بطنه وقبل وصولنا المستشفى فقد الوعي”.

ويقول سامي مصلح عمّ الشهيد جمال إنه كان من عدة شهور يردد تمنيه الشهادة والتضحية من أجل القدس حتى تكلم أمامه قبل أسبوع أنه بعد أسبوع فقط سيكون شهيدًا!.

ويضيف العم سامي: “كان يقول اليهود خربوا البلاد، رغم أن القدس والأقصى لنا.. أنا مشتاق للجنّة وحريّة فلسطين قريبًا”.

 

null
ولا زال الشاب ديب مصلح، ابن عم الشهيد، يذكر عبارة رددها صديقه قبل رحيله بأيام في حالة من الفرح والمرح أثارت استعجابه يوم ردد “سأموت شهيدًا”.
 
أم الشهيد

وظهرت والدة مصلح رابطة الجأش في مقابلة تناقلتها وسائل الإعلام وهي تقول: “هنيئًا لابني جمال، حضّر حاله من أسبوع وكتب على فيسبوك أنه خلال أسبوع سيكون شهيدا، صلى الفجر في جماعة، وعند الحدود أدى صلاة أخرى جماعة، وبعد ربع ساعة أصيب ابني، استشهد متوضئا، وهذا شرف أن يستشهد فداء القدس”.
 
وتابعت: “أقول للمتخاذلين عن القدس: نحن بخير، قال -تعني جمال-: “يا أمي والله أنا شهيد يوم الجمعة”.. أتمنى من كل العالم التحرك من أجل القدس، ومن لا يستطيع فعل شيء فليدع للقدس وأهل الانتفاضة”.

وعلى بعد عشرات الأمتار من قبر جمال، بدا السيّد جمال عبد الرازق في غاية التأثر على حادثة استشهاد الشاب الذي لم يعرفه من قبل، ولا يسكن في ذات المخيم.
 
ويضيف: “أنا فقط شاهد عيان في المستشفى، عندما وصل رأيته ينزف، وعلمت من الأطباء كيف أتلفت الرصاصة المتفجّرة أعضاءه.. تأثرت بمشهد أهله وهم يدعون له بالشفاء في ساعاته الأخيرة، وعندما سمعت باستشهاده لم أكن أملك إلا المشاركة في الوداع”.

اغتيال مخطط

ويقرأ عيد مصلح، القيادي في حركة حماس، ما وقع مع الشهيد جمال، بأنه اغتيال مخطط له يمارسه الجنود بحق الشبان العزّل على الحدود.
 
ويتابع: “يريد الاحتلال عزل الجيل عن قضية القدس والأسرى، والاحتلال راهن على ثني الجيل عن قضيته من جهة الأخلاق والسلوك، وحاول تغييبه، لكنه فشل فقلب الجيل الشاب ينبض بالقدس”.
 
ولازال الناس في مخيم المغازي يتناقلون قصص الشاب المرح جمال محمد مصلح الملقب بـ (بسيسو) وأحاديثه الأخيرة التي تدلل على صدق مشاعره بالرحيل.

null