الإثنين 12/مايو/2025

الحاج الصعيدي.. أنامل ذهبية تعزف على مغزل خشبي

الحاج الصعيدي.. أنامل ذهبية تعزف على مغزل خشبي

تجمعه بالخيوط الملونة وقبعات الصوف علاقة خاصّة بدأت قبل نكبة فلسطين وتعدت زمن الاحتلال، فداوم على ملازمة مهنته وتلبية طلبات الزبائن.. إنه الحاج محمد الصعيدي صانع القبعات.

يعيش الصعيدي جل وقته في عالمه الخاص، حيث يصنع قبعات الصوّف، تلك المهنة التي تعلمها من والدته قبل أن يهاجر من قرية (يبنا) عام (1948).
 
الآن وقد قارب عمره على (100 عام)، لا يجد صديقاً غير مغزله الخشبي وخيوط ملونة ينظمها في صفوف متعرّجة فيمنحها الحياة،  قبل إضفاء اللمسة الأخيرة على القبعة.
 
قبعات الصّوف

في حجرة خافتة الإنارة بسبب انخفاض سقفها حيناً وغياب التيار الكهربي معظم الأحيان، يحرّك مغزل الصّوف بخبرة عالية وهو ينظم خيوط الصوّف لصناعة واحدة من آلاف القبعات التي صنعها.
 
يقول لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بدأت صناعتها منذ كان عمري 26 سنة والآن تعدى عمري 96 سنة، أستخدم خيوط الصوف والمغزل، وأصنع قبعات للبيع ولمن يطلب، وزبائني من كل قطاع غزة، وكل يوم أصنع واحدة”.
 
رغم أن مهنة الصعيدي لا يتخللها تفاصيل كثيرة، فالأدوات هي (المغزل الخشبي وخيوط الصّوف)، إلا أنه حافظ على مهنته طوال سبعين سنة وأنتج آلاف القبعات يدوية الصنع بمقاسات مختلفة وألوان مختلفة.
 
ويتابع: “أمي علمتني هذه المهنة في قريتنا يبنا، أيامها كان الصّوف الطبيعي من الخراف والماعز عندما نقص شعرها، ونحصل على الصّوف الطبيعي ونصنع منه القبعات، واليوم إذا رأيت قبعة صنعتها بعد سنوات طويلة أعرف أنها من صنع يديّ”.


null

مهنة متوارثة

في صندوق كرتوني، رتّب الحاج الصعيدي قبعات الصّوف الجاهزة للبيع بعناية، وقد ضمت ألوان كثيرة وأحجام مختلفة، في حين بدأ هو في نسج قبعة جديدة.
 
يستطرد الصعيدي خلال المقابلة الصحفية منشداً كلمات من النثر اعتاد ترديدها فيقول: “قلبي يريدك كما يريد الأعمى الشّوف.. حبيبي .. حبيبي ..أسألك يا الله ترحمني” .
 
أكثر ما يزعجه هو مفاصلات الزبائن الذين لا يقدرون جودة العمل، ورغم أن ثمن القبعة غالباً لا يتجاوز خمسة شواكل، إلا أن بعضهم يحاول دفع أقل من ذلك.
 
داوم الحاج الصعيدي سنوات طويلة على عرض بضاعته في أسواق قطاع غزة الشعبية خاصّة سوق مدينة غزة ومدينة خان يونس، لكن صحته منذ سنوات لم تعد تساعده.

ويتمتع الصعيدي بذاكرة قوية لا تقتصر على مهنته البسيطة، بل يحفظ عن ظهر قلب أسماء جيرانه وأبنائهم، لكنه منذ سنوات يلازم حجرة العمل القديمة التي اعتاد الجلوس فيها، ولا يترك مغزله إلا وقت الصلاة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات