كيف نجت نجيّة من ذلّ السؤال؟

لا تعدم الفلسطينيات وسيلة، حتى يحفظن شموخهن وكرامتهن؛ فصور التحدي والنجاح في ريف الضفة الغربية لا تنتهي، فـ”نجية منصور” من سلفيت، نجت من “ذل السؤال” وشدة الفقر، بالعمل في جمع الحطب ورعي الأغنام، لتعيل نفسها، ووالدتها البالغة من العمر 100 عام.

إصرار وتحدٍّ

“نجية” ومن تلقاء نفسها أوجدت فرصة عمل لها من خلال إصرارها على توفير لقمة خبزها، إذ تتجول في أراضي سلفيت القريبة من منزلها، وترعى الأغنام التي تملكها، لتوفر ثمن الشعير والعلف، من الأعشاب البرية.

تقول “نجية”: “إنها بقرار داخلي قررت أن ترفع عن نفسها ذل السؤال والحاجة، وطرق باب المؤسسات والجمعيات، كما تفعل الكثيرات؛ فاشترت معزتين، وتكاثرتا وصرن ثمانيًا، تبيع من جبنتهن وحليبهن ما يوفر لها وأمها قوت يومها”.

بيع الجبنة

وعن كيفية تدبير أمور حياتها ومصاريف المنزل من الماعز، تقول: “أبيع كيلو الجبنة بـ25 شيكلًا، لأقاربي ومعارفي من أبناء الحارة، حيث تعدّ الجبنة البلدية التي أصنعها من أفضل الأجبان؛ لأنها من الأعشاب البرية الخالية من الملوثات البيئية، وهي معروفة المصدر بالنسبة لمن يشتريها”.

 وتضيف: “الجيران يعرفون نظافة وجودة الجبنة التي أصنعها، ولذلك يقبلون عليها، وأبيع أحيانا ما توفر من مخلفات الماعز حيث تستخدم في الطابون مثلا، أو توضع في حقول الزيتون بدل السماد الكيماوي”.

وتشير نجية إلى أنها نادرا ما تشتري الخضار من السوق، فخلال عملية رعي الماعز تقطف أنواعًا  معينة من النباتات البرية التي يمكن أن تطبخ في المنزل، مثل الخبيزة والزعتر والزعمطوط، والعكوب، والشومر.

ولا تكتفي “نجية” برعي الماعز؛ بل إنها تجمع الحطب لتوفر مصاريف التدفئة، كما تنظف أحيانا العكوب (تعكيبه)، أي تنظيفه من الأشواك، وتتقاضى خمسة شواقل عن كل كيلوغرام، وهو ما يزيد من فرص دخلها، وتحسين معيشتها.

ثقافة واسعة

وتؤكد “نجية” أن كل فلسطينية هي صاحبة مكانة وكرامة، ولا تستحق الواقع المؤلم الذي تواجهه، قبل أن تستدرك، ولكن “العمل حق وواجب وأجر وثواب، وفي العمل يجد الإنسان راحة وطمأنينة”.

وتبدو نجية ذات ثقافة واسعة؛ إذ تقول: “المرأة الفلسطينية هي شريكة النضال والعطاء والبناء، ولا يجب أن تسلب حقها في العمل، فهي تستحق أن يكون واقعها أفضل بكثير؛ فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والعمة والخالة، ولا يجوز الانتقاص منها بتاتا خاصة في الميراث”.