الإثنين 21/أكتوبر/2024

فئران القضية

 د.ديمة طارق طهبوب

جملة واحدة حفظناها يوم كنا صغارا: فلسطين حرة من البحر إلى النهر قبل أن نعرف ماهية فلسطين و خرائطها، حفظنا درس القلب و الذاكرة قبل درس الجغرافيا و نسجنا وطنا من صور و رموز، ففي يافا كان برتقالها، و عكا لا تخاف لذا جاورت البحر و كسرت جيش نابليون، و حدثونا عن الجنان الغناء في مرج بني عامر و عن القرى الصغيرة قبل المدن و عن مواسم الحصاد و الأفراح و عن الذين قضوا و أوصوا بعودة رفاتهم و عن القواشين و المفاتيح و عن و عن و عن، متون و روايات ممتدة و متوارثة مهما تغير أصحاب السند في الصغر كان الوطن شيئا لا يفسر كرعشة المحب اذا لاقى، و كرجفة المحموم اذا فارق، و كفرح الأم اذا احتضنت بكرها في تلك الايام كان الوطن كاملا برغم احتلاله، طاهرا لا تدنسه نجاسة عارضة، لا يخضع للحسابات مهما كانت الوقائع على الأرض بهذا الحلم و الايمان تسلح المقاومون و طالبوا الشهادة و هم يقدمون الأغلى زرافات و وحدانا مؤمنين ان لا قليل في جنب الوطن و أن تتابع الضربات يجندل أعتى الخصوم.
 
فهل دافع من دافع و قاتل و من قاتل و أُسر من أُسر و ضحى من ضحى من أجل أرباع و أثلاث؟ هل بذلوا ارواحهم الزكية من أجل حدود الرابع من حزيران أو الضفة الغربية أو غزة  أريحا أولا أو القدس الشرقية فقط؟ هل قدموا الفداء الأخير و الأعظم من أجل شرعنة الكيان المحتل و انشاء دولة لهم و الاعتراف بالامر الواقع؟ 

لقد قضم الساسة و المتآمرون أحلامنا بتحرير وطننا الذي فتحنا عليه عيون قلوبنا  كاملا حرا سالما منعما و غانما مكرما لقد قضم الساسة و المتآمرون و طننا كأنه قطعة جبن تتنازعها فئران فتقضم لقمة كل فترة و لا تبقي الا فتات دويلة تريد فرضها على أصحاب الحق الكامل غير المنقوص كأفضل ما يمكن تحقيقه و استرداده!!

و من بعد فلسطين الحرة من البحر الى النهر صارت فلسطين دولة تنتظر اعترافا مرهونا بقبول التجزئة و الانتقاص و حتى ما ظنناه مسلمات و مقدسات كالقدس و اللاجئين و حق العودة باعوه في لعبة المفاوضات و قضموا البقية الباقية من كرامة و وطن نتشبث بهما!
 
لقد فهمت الان لماذا نصحنا الحديث النبوي أن نقتل الفئران (الفويسقة) لانها تفسد و تنشر الوباء و يشابهها في ذلك البشر اذ يقومون بذات سلوكها فيفسدون كل وسط يكونون فيه و يقضمون و يلوثون و ينتقصون و يغيرون أصل الأشياء.

إن الخطورة في القبول بأنصاف الحلول يكمن في نسيان الحق و تجزئته و المساومة عليه حتى لا يبقى للاجيال القادمة شيئا يتذكرونه او يتمسكون به فيقبلون بمسخ الحقوق و الأوطان و جوار عدو لن يرضى الا بزوالنا التام! إن أنصاف الحلول قد تصبح كل الهزائم، فليفاوض من يفاوض و ليهادن من يهادن و ليعقدوا الصفقات و التسويات و التصفيات، و لكن ليعلموا انهم لا يقومون بذلك باسم الاغلبية، الاغلبية التي تحلم بالقدس و يافا و حيفا و عكا و تل الربيع بقدر نابلس و الخليل و بقية مدن فلسطين و تعرف طريقا واحدا لاستردادها كتبه غسان كنفاني بحبره ثم بدمه يوم عاد ببطل قصته (عائد الى حيفا) الى بيته التي تقطنه المرأة الصهيونية التي استولت عليه و على ابنه و قال لهما “تستطيعان البقاء مؤقتا في بيتنا فذلك شيء تحتاج تسويته الى حرب” بها نسترد أحلامنا و بها نحولها الى واقع و ما بين الحلم و الواقع ارادة الثبات على المبادىء مهما طال الزمن و زمن الظلم لا يطول.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

القسام تبث مشاهد قنص واستهداف ناقلة جند

القسام تبث مشاهد قنص واستهداف ناقلة جند

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، مساء اليوم الاثنين، مشاهد من استهداف ناقلة جند إسرائيلية وقنص جندي في...