فئران القضية

جملة واحدة حفظناها يوم كنا صغارا: فلسطين حرة من البحر إلى النهر قبل أن نعرف ماهية فلسطين و خرائطها، حفظنا درس القلب و الذاكرة قبل درس الجغرافيا و نسجنا وطنا من صور و رموز، ففي يافا كان برتقالها، و عكا لا تخاف لذا جاورت البحر و كسرت جيش نابليون، و حدثونا عن الجنان الغناء في مرج بني عامر و عن القرى الصغيرة قبل المدن و عن مواسم الحصاد و الأفراح و عن الذين قضوا و أوصوا بعودة رفاتهم و عن القواشين و المفاتيح و عن و عن و عن، متون و روايات ممتدة و متوارثة مهما تغير أصحاب السند في الصغر كان الوطن شيئا لا يفسر كرعشة المحب اذا لاقى، و كرجفة المحموم اذا فارق، و كفرح الأم اذا احتضنت بكرها في تلك الايام كان الوطن كاملا برغم احتلاله، طاهرا لا تدنسه نجاسة عارضة، لا يخضع للحسابات مهما كانت الوقائع على الأرض بهذا الحلم و الايمان تسلح المقاومون و طالبوا الشهادة و هم يقدمون الأغلى زرافات و وحدانا مؤمنين ان لا قليل في جنب الوطن و أن تتابع الضربات يجندل أعتى الخصوم.
فهل دافع من دافع و قاتل و من قاتل و أُسر من أُسر و ضحى من ضحى من أجل أرباع و أثلاث؟ هل بذلوا ارواحهم الزكية من أجل حدود الرابع من حزيران أو الضفة الغربية أو غزة أريحا أولا أو القدس الشرقية فقط؟ هل قدموا الفداء الأخير و الأعظم من أجل شرعنة الكيان المحتل و انشاء دولة لهم و الاعتراف بالامر الواقع؟
لقد قضم الساسة و المتآمرون أحلامنا بتحرير وطننا الذي فتحنا عليه عيون قلوبنا كاملا حرا سالما منعما و غانما مكرما لقد قضم الساسة و المتآمرون و طننا كأنه قطعة جبن تتنازعها فئران فتقضم لقمة كل فترة و لا تبقي الا فتات دويلة تريد فرضها على أصحاب الحق الكامل غير المنقوص كأفضل ما يمكن تحقيقه و استرداده!!
و من بعد فلسطين الحرة من البحر الى النهر صارت فلسطين دولة تنتظر اعترافا مرهونا بقبول التجزئة و الانتقاص و حتى ما ظنناه مسلمات و مقدسات كالقدس و اللاجئين و حق العودة باعوه في لعبة المفاوضات و قضموا البقية الباقية من كرامة و وطن نتشبث بهما!
لقد فهمت الان لماذا نصحنا الحديث النبوي أن نقتل الفئران (الفويسقة) لانها تفسد و تنشر الوباء و يشابهها في ذلك البشر اذ يقومون بذات سلوكها فيفسدون كل وسط يكونون فيه و يقضمون و يلوثون و ينتقصون و يغيرون أصل الأشياء.
إن الخطورة في القبول بأنصاف الحلول يكمن في نسيان الحق و تجزئته و المساومة عليه حتى لا يبقى للاجيال القادمة شيئا يتذكرونه او يتمسكون به فيقبلون بمسخ الحقوق و الأوطان و جوار عدو لن يرضى الا بزوالنا التام! إن أنصاف الحلول قد تصبح كل الهزائم، فليفاوض من يفاوض و ليهادن من يهادن و ليعقدوا الصفقات و التسويات و التصفيات، و لكن ليعلموا انهم لا يقومون بذلك باسم الاغلبية، الاغلبية التي تحلم بالقدس و يافا و حيفا و عكا و تل الربيع بقدر نابلس و الخليل و بقية مدن فلسطين و تعرف طريقا واحدا لاستردادها كتبه غسان كنفاني بحبره ثم بدمه يوم عاد ببطل قصته (عائد الى حيفا) الى بيته التي تقطنه المرأة الصهيونية التي استولت عليه و على ابنه و قال لهما “تستطيعان البقاء مؤقتا في بيتنا فذلك شيء تحتاج تسويته الى حرب” بها نسترد أحلامنا و بها نحولها الى واقع و ما بين الحلم و الواقع ارادة الثبات على المبادىء مهما طال الزمن و زمن الظلم لا يطول.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...