السبت 06/يوليو/2024

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس

اتسمت السياسة الأمريكية تجاه قضية القدس بالانسجام مع السياسات الإسرائيلية، ويقف الأمريكيون دوماً موقفاً متصلباً منحازاً بشكل واضح “لإسرائيل”، على الرغم من محاولتهم إظهار شيء من التوازن في بعض القضايا المتعلقة بالقدس.

ففي الوقت الذي تعلق فيه الدول العربية الكثير من الآمال على دور أمريكي نشط في التوصل الى حل لهذه القضية استنادا لقرارات الشرعية الدولية التي ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في صنعها، وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة، فإن “إسرائيل” تراهن على دور أمريكي لصالحها دوماً وعلى سياسة أمريكية مضمونها الطروحات والرؤى الإسرائيلية للصراع حول القدس وتسويته، وهل بذلك محقة تماماً.

مرت السياسة الأمريكية تجاه القدس بمراحل:

* مرحلة ما قبل قيام الكيان الصهيوني (1917- 1948): هاري ترومان

اتصفت السياسة الأمريكية تجاه القدس في تلك المرحلة التي امتدت عملياً من وعد بلفور عام 1917م  إلى الإعلان عن قيام “إسرائيل” في 15 أيار 1948م  بالسمات التالية:

أولاً: تنبي الولايات المتحدة الامريكية سياسة الوكالة اليهودية في الضغط على بريطانيا لتسهيل وتسريع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وبخاصة إلى القدس، لما لذلك من آثر في اجتذاب أكبر عدد ممكن من اليهود الأوروبيين وتحديداً فئة الشباب والمثقفين والعمال المهرة وذوي رؤوس الأموال.

ثانياَ: تبني الولايات المتحدة الأمريكية مشروع الوكالة اليهودية المتضمن تقسيم فلسطين إلى دولتين.

ثالثاً: ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مندوبها الدائم في هيئة الأمم المتحدة الضغوط الشديدة على ممثلي الدول الأعضاء، لحملهم على مناصرة مشروع التقسيم، فجاءت نتيجة تلك الضغوطات الأمريكية لصالح مشروع التقسيم وتدويل القدس بالحدود التي تضمنها قرار الجمعية العامة رقم (181) لعام 1947.

رابعاً: اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل بعد إحدى عشرة دقيقة من الإعلان عن قيامها في 15/مايو 1948م وقبل أن تطلب “إسرائيل” ذك من الإدارة الأمريكية.  

* مرحلة ما بعد الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني وحتى الحرب العدوانية التوسعية الإسرائيلية (1948- 1967م):
الدعم السياسي الأمريكي للكيان الصهيوني تجلى في الكثير من المجالات وكان من أبرز مظاهره:

أولاً: المحافظة على الوضع القائم في فلسطين وتأمين خطوط الهدنة داخل القدس هما محورا السياسة الأمريكية نحو القدس حتى استكمال احتلالها عام 1967م.

ثانياً: التركيز على قضية اللاجئين وتراجع الاهتمام الأمريكي بالقدس.

ثالثاً: صدور البيان الثلاثي الأمريكي- البريطاني- الفرنسي عام 1950م الذي تعهد بضمان أمن الكيان الصهيوني وحمايته من أي تهديد يتعرض له، وخطورة هذا البيان أنه جاء بعد احتلال “إسرائيل” للشطر الغربي من القدس.

رابعاً: احتجاج الخارجية الأمريكية التي كان يقودها دالاس عام 1953م على قرار “إسرائيل” بنقل مقر وزارة خارجيتها من “تل أبيب: إلى القدس لأسباب تنطلق من مخاوف الخارجية الأمريكية من أن يؤدي ذلك إلى تمكين الاتحاد السوفياتي من استدراج بعض الدول العربية المؤثرة ومصر في مقدمتها إلى مناطق نفوذه.

خامساً: امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بيد أن ذلك الموقف لا يعني الاقتراب من العرب أو تأييد حقهم، بل ظلت الإدارة الأمريكية وفية لتعهداتها تجاه “إسرائيل” وأكثر ميلاً وانحيازا لها، كما لم تمارس أي ضغوط على الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل لتثنيها عن قرارها.

سادساً: حرص الولايات المتحدة الأمريكية على أن تأتي قرارات هيئة المتحدة المتعلقة بالقدس منسجمة مع سياستها المناصرة لإسرائيل، والمراعية لمصالحها الحيوية في المنطقة العربية والشرق الأوسط ومن بينها “إسرائيل” ووضعها موضوع التنفيذ.

* مرحلة ما بعد حرب الخامس من حزيران:
الحديث عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية المقدسية في هذه المرحلة يعني الحديث عن سياسات الإدارات الأمريكية الآتية تجاه القدس:
* سياسة الولايات المتحدة تجاه القدس في عهد الرئيس “ليندون جونسون” (1963- 1969):
سياسة جونسون نحو القدس لا يمكن الإحاطة بها بمعزل عن المبادئ السياسية التي حكمت سياسته الخارجية تجاه المنطقة العربية والصراع الإسرائيلي- العربي وأثرهما على سياسة الاستقطاب.

وفي هذه المرحلة عاد اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية لقضية القدس، حيث جاء ليشكل تحولاً جوهرياً في سياستها لصالح الكيان الصهيوني، إذ انصب اهتمامها على الشطر الشرقي من القدس بعد أن ظل قبل استكمال “إسرائيل” يتركز على شطريها على حد سواء.

واتضح هذا الاهتمام من خلال:
أولاً:
اتضح التوجه الجديد للسياسة الأمريكية تجاه القدس من خلال أكثر من تصريح للرئيس جونسون، فقد ذكر في خطاب له في 19/6/1967م قائلاً: “يجب أن يكون هناك اعتراف كافٍ بالمصالح الخاصة الثلاثة في الأماكن المقدسة”.

ثانياً: تكمن الخطورة في هذه المرحلة في أن إدارة جونسون لم تكن تنظر لقضية القدس على أنها قضية سياسية، بل مجرد قضية دينية محورها الأماكن المقدسة في القدس، وتأمين حرية الوصول إليها لجميع أتباع الرسالات السماوية الثلاث، وإذا ما عرف المرء أن الأماكن المقدسة التي يعنيها الرئيس جونسون موجودة في الشطر الشرقي من القدس، لأدرك سريعاً أن الشطر الشرقي من القدس سيكون هو فقط موضوع المفاوضات بين أطراف النزاع، أما الغربي فقد بات بحكم المؤكد أن أمريكا تتجه نحو الاعتراف بسياسة الأمر الواقع.

ثالثاً: لم يتوقف الأمر عند حد التفاوض على ابتلاع “إسرائيل” للشطر الغربي للمدينة، إذ أخذ الرئيس الأمريكي جونسون بتصريحاته اللاحقة يوحي باستعداد أمريكي للقبول بضم “إسرائيل” شطري المدينة إليها وإعلانها عاصمة موحدة “لإسرائيل” مقللاً من أهمية ذلك الإجراء الإسرائيلي بعدّه إجراءً إداريا لا يغير في عدم شرعية الاحتلال لأراضي الغير بالقوة.

رابعاً: بادرت الإدارة الأمريكية ووزارة خارجيتها إلى الامتناع عن التصويت لصالح قراري الجمعية العامة (2253) تاريخ 4/7/1967م و(2254) تاريخ 14/7/1967م اللذان نصا على ضرورة إلغاء إسرائيل إجراءاتها التهويدية للقدس، واعتبارها غير مؤثرة على وضع المدينة.

خامساً: يمكن القول بأن الموقف الأمريكي من القدس في عهد الرئيس جونسون قد تمحور حول هدفين أساسيين هنا: الاحتفاظ بالقدس موحدة، إيهام الطرف العربي بأن إجراءات “إسرائيل” بشقيها التشريعي والعملي لا تخرج عن كونها إجراءات إدارية مؤقتة لا يترتب عليها أي مركز قانوني للقدس.

* سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون (1968-1972):
استمر الموقف الأمريكي في عهد إدارة نيسكون كامتداد لمواقف حكومة جونسون الذي أكد عليها وزير خارجية أمريكا آنذاك، وليم روجرز، مبيناً وضع القدس في خطته التي أطلق عليها “مشروع روجرز” في خطاب له بتاريخ 9 كانون الأول 1969 قائلاً: 

“إن وضع القدس يمكن أن يتحدد فقط من خلال اتفاق الأطراف المعنية، وعلى وجه الخصوص “إسرائيل” والأردن أساسا، آخذين بالاعتبار مصالح دول أخرى في المنطقة والمجتمع الدولي. ومع ذلك فنحن نؤيد مبادئ معينة نعتقد أنها سوف تقدم إطاراً عادلاً لتسوية القدس. فنحن نؤمن بالذات بأن القدس يجب أن تكون مدينة موحدة ولا تكون فيها أية قيود على حركة الأفراد والسلع، بحيث تكون المدينة موحدة مفتوحة لكل الأشخاص من كل الأديان والجنسيات. كما أن الترتيبات الإدارية للمدينة الموحدة يجب أن تأخذ باعتبارها مصالح كل سكانها والجماعات اليهودية والإسلامية والمسيحية، مع وجود دور لكل من “إسرائيل” والأردن في الحياة المدنية والاقتصادية والدينية للمدينة”. 

وقد وافقت بعض الدول العربية على هذا المشروع، مما أدى إلى نتائج سلبية جداً على الواقع العربي، وخصوصاً لأن هذا المشروع يربط وضع القدس بقرار مجلس الأمن رقم 242، الذي يثير الجدل وذلك لاختلاف أطراف الصراع في تفسيره. 

ومن الملاحظ أن هذا الطرح يشكل تناقضاً جوهرياً مع المواقف الأمريكية السابقة التي كانت ترفض الإجراءات “الإسرائيلية” الفردية، إذ كانت النظرة إلى القدس مشابهة لأوضاع كافة المناطق المحتلة الأخرى، في حين أن هذه التصريحات لروجرز أقرت بضرورة بقاء القدس موحدة، مما أظهر بأن الولايات المتحدة تعترف بالقرار “الإسرائيلي” بضم القدس. لاسيما بأن هذا الطرح جاء مناقضاً لما صوتت إلى جانبه الولايات المتحدة في مجلس الأمن لصالح القرار رقم 267 الصادر بتاريخ 3 تموز 1969، والداعي إلى عدم جواز الحصول على الأرض بالاستيلاء العسكري، واعتبار جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال الأخرى بما فيها مصادرة الأرض باطلة، ويدعو “إسرائيل” لإبطال كل الإجراءات التي اتخذتها، والامتناع عن اتخاذ أي إجراء يهدف إلى تغيير وضع القدس.

* سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس في عهد الرئيس جيمي كارتر (1977-1980م): 
تميزت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس في عهده بالسمات الآتية:
أولاً: الانتقال من دبلوماسية “الخطوة خطوة” التي كان يقودها ويرعاها وزير الخارجية الأمريكي آنذاك “هنري كيسنجر” وبتنسيق وتعاون تأمين مع حكومة الكيان الصهيوني إلى سياسة “التسوية الشاملة” للنزاع الإسرائيلي- العربي دون ان يتطرق مشروع الرئيس كارتر ولو بكلمة واحدة إلى القدس.

ثانياً: استثناء المواضيع المعقدة والمؤثرة على سير المفاوضات إلى مرحلة ما اصطلح على تسميته منذ ذلك الحين بمفاوضات الوضع النهائي، فكانت القدس واحدة من القضايا التي تم استثناؤها من المفاوضات المصرية – الإسرائيلية، ومن اتفاقيات كامب ديفيد.

ثالثاً: تأكيد الإدارة الأمريكية على مواقفها السابقة من قضية القدس المحددة في كلمتي مندوبيها لدى هيئة الأمم المتحدة، أي أن شرقي القدس بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تعتبر أرضاً محتلة ومحكومة بقانون الاحتلال الحربي الذي يفرض على دولة الاحتلال الصهيوني التزامات تجاه الأرض المحتلة وسكانها.

* سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس في عهد الرئيس رونالد ريغان (1981- 1988م): 
أولاً:
استندت سياسة ريغان تجاه القدس كما حددها مشروعه فتركزت حول مبدأين:
• بقاء القدس موحدة.
• تقرير مستقبلها في مفاوضات الوضع النهائي، بمعنى تأجيلها إلى مفاوضات التسوية النهائية للصراع الإسرائيلي- العربي بحيث أصبح هذا المبدأ وسباقه من ثوابت السياسة الأمريكية تجاه القدس، والهدف من ذلك تمكين “إسرائيل” من تكريسها عاصمة واحدة موحدة وأبدية لها.

ثانياً: جاء مشروع وزير الخارجية الأمريكية آنذاك جورج شولتز متماهياً مع الإطار المبدئي للسياسة الأمريكية تجاه القدس، اذ تضمن مشروعه الذي أعلنه في نيسان 1988م مناقشة موضوع القدس على ضوء نتائج المحادثات العربية الإسرائيلية، لكن أبناءها يحق لهم الانتخاب شان كافة أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة، بم

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 7 شبان فلسطينيين، صباح اليوم الجمعة، جراء قصف إسرائيلي بطائرةٍ مسيرة استهدف مجموعة من الشبّان في مخيم جنين...