السبت 10/مايو/2025

نقاط التماس.. شعلة المواجهة بالضفة المحتلة

نقاط التماس.. شعلة المواجهة بالضفة المحتلة

بعد ساعات من خطاب الرئيس الأمريكي الذي أعلن فيه القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، وقرار بلاده نقل سفارتها في تل أبيب إليها، عادت نقاط التماس والاحتكاك في مدن الضفة الغربية المحتلة وقراها ومخيماتها، لتجتذب الفلسطينيين للتعبير عن غضبهم ورفضهم للقرار.

وفي كل مرة يشعر فيه الفلسطينيون بالضيم والقهر، تبدأ الدعوات بالتوجه للحواجز ونقاط التماس.

مواقع التماس

فمنذ أن أعاد الاحتلال انتشاره في الضفة عقب اتفاق أوسلو، وتسليم إدارة المدن والبلدات الكبرى للسلطة الفلسطينية، غدت مواقع التماس هي المتنفس الوحيد الذي تجد فيه الجماهير فرصتها لمقاومة المحتل، ولإبداء رفضها لانتهاكاته وجرائمه ضد الأرض والمقدسات.

وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمان، كانت مواقع الاحتكاك شعلة لانطلاق الانتفاضات والهبّات الجماهيرية، مثل انتفاضة الأقصى عام 2000، ومن قبلها هبّة النفق وهبّة الأسرى، وسالت فيها دماء الآلاف من الشهداء والجرحى.

وبعد اجتياح مدن الضفة عام 2002 وما أعقبه من اقتحام يومي لمختلف المناطق فيها، أتيحت فرصة المواجهة داخل تلك المواقع، لكن التوقيت الذي تتم فيه الاقتحامات بعد منتصف الليل، يضعف من مشاركة الجماهير في التصدي لها.

ورغم انتشار العشرات من نقاط التماس في الضفة، إلا أنها تتفاوت فيما بينها في درجة قربها أو بعدها عن التجمعات السكانية، وهو ما يفسر ضعف المشاركة في المواجهات من موقع لآخر.

ففي مدينة نابلس شمال الضفة، تتركز نقاط الاحتكاك في الحواجز المحيطة بالمدينة، وأبرزها حوارة جنوبا، وبيت إيبا غربا، وبيت فوريك شرقا، والتي تجد الجماهير صعوبة في الوصول إليها بسبب بعدها عن مركز المدينة.

أما في الخليل جنوب الضفة، وبسبب الوجود المستمر لقوات الاحتلال في مركز المدينة، فإن المواجهات الجماهيرية تأخذ زخما أكبر، وتكون أشد ضراوة.

ويرى القيادي والناشط في المقاومة الشعبية خالد منصور أن الحراك الحالي لا يزال دون مستوى الانتفاضة، مفسرا ذلك بقلة التجمعات المشاركة فيه وضعف حجم المشاركة الشعبية، بينما الانتفاضة تعني مشاركة جماهيرية أوسع، وانتشارها على عدد أكبر من التجمعات.

3 شروط
لكن مع ذلك، يعتقد منصور أن هذا الحراك يمكن أن يتحول إلى انتفاضة، إذا تحققت ثلاثة شروط.

وفي مقدمة الشروط، وفق منصور الذي تحدث لـ”المركز“، إعلان موقف سياسي واضح من قيادة السلطة بمغادرة مربع أوسلو والرهان على أمريكا والمفاوضات الثنائية، وهو ما سيعطي الجماهير ثقة بأن السلطة قد اختارت طريق المقاومة.

أما الشرط الثاني فهو إنهاء الانقسام؛ لأن شعور المواطن باستمرار الانقسام يصيبه بالإحباط، ويترتب على إنهاء الانقسام الاتفاق على برنامج سياسي وخطة عمل، وهو ما من شأنه تشجيع الناس وحشد الطاقات في مواجهة الاحتلال.

ويتمثل الشرط الثالث في تشكيل قيادات ميدانية مركزّة من كل القوى الفاعلة للعمل في كل المحافظات، لتعمل على حشد الناس وفق برنامج نضالي يومي تشارك فيه كل فئات الشعب، من نساء وعمال وطلاب.

ورغم إيمانه بأهمية ما يجرى على نقاط التماس حاليا، إلا أن منصور يعدها غير كافية، ويقول: “يجب أن تلتهب كل مناطق التماس في الضفة وهي تُعدّ بالمئات، خاصة في ظل وجود عشرات الطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون”.

ويؤمن منصور بأهمية رفع تكلفة الاحتلال، منبّها إلى أن الاحتلال يرصد عدد المواقع المشاركة بالمواجهات، وإذا زادت باضطراد فإنه سيحسب لها ألف حساب، أما إذا اقتصرت على مواقع محدودة، فيمكن له أن يتكيف معها.

كما يؤكد ضرورة أن لا تقتصر المواجهات على شكل معين، ويعتقد أن استمرار الحراك سيفتح المجال لتطوير أشكال المواجهة إلى أشكال إبداعية، ويفتح الطريق لظهور مبادرات فردية وجماعية.

ورغم قلة نقاط الاحتكاك اليومية وبُعدها عن الجماهير، ينظر العديد من المراقبين إلى هذه النقاط بأهمية بالغة، ويؤمنون بقدرتها على إعادة العمل الجماهيري الشعبي لمكانته في قيادة الاحتجاجات والانتفاضة.

أهمية الحراك الجماهيري
ويشير الباحث فؤاد الخفش إلى أهمية التحرك الجماهيري، والذي كان له الدور في إشعال فتيل انتفاضة الحجارة التي بدأت بتحركات جماهيرية شعبية، قبل أن تتحرك الفصائل لتنظيمها والدخول فيها، وكذلك انتفاضة الأقصى التي بدأت ردّ فعل جماهيريًّا شعبيًّا عارمًا وعفويًّا.

ويعد الخفش في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن تعزيز الحراك الحالي وتحوّله إلى انتفاضة عارمة، يحتاج إلى توفر عاملين؛ أولهما إنهاء حالة الانقسام التي نتج عنها تغييب حركة حماس التنظيم الفاعل على الأرض.

أما العامل الثاني، فهو حاضنة رسمية تضمن استمرار الانتفاضة وتصاعدها وضبطها، وهذه الحاضنة توفرت في الانتفاضتين الأولى والثانية، في حين أن قيادة السلطة الحالية لا يمكن أن تسمح بها وتوافق عليها وتحتضنها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات