البساط السموعي .. دفء ينسجه التراث

على بعد 18 كيلو مترًا عن مدينة الخليل تقع بلدة السموع، وهي آخر تجمع سكاني مأهول جنوبي الضفة الغربية، وتبعد عن مدينة القدس المحتلة 45 كيلو مترًا، فيما ترتفع عن سطح البحر 725 مترًا، ويبلغ عدد سكانها نحو 25 ألف نسمة، وفي عام 1966م وقع هجوم صهيوني على أرض السموع وجرت معركة بين الجيش الأردني والجيش الصهيوني أسقطت على إثرها طائرة صهيونية، فيما صدر قرار من مجلس الأمن رقم 228 يدين هذا الهجوم وانسحبت بموجبه القوات الصهيونية من البلدة.
بساط تاريخي
بلدة السموع كنعانية الجذور، وكونها بلدة على مشارف النقب الفلسطيني فقد اهتم أهلها بزراعة الزيتون ورعاية الأغنام والمواشي، والإقبال على صناعة بعض الحرف اليدوية، ولعل البساط السموعي (السجاد المصوف) هو العنوان التراثي الرئيس الذي يميز هذه البلدة عن غيرها من البلدات الفلسطينية.
وتعود جذور البساط السموعي المسمى (المزودة) إلى ما قبل عشرة أجيال أي قبل 330 عامًا، فيما شهد شيئًا من التطوير إبان العهد العثماني، وقد أصبح البساط السموعي ملاذ البدو ومطلب القرويين الذين يفرشونه في أرضيات خيامهم وبيوتهم، وأصبح البساط السموعي كالبساط الأحمر الذي يفرش للزعماء في المناسبات الرسمية.. رغم أنه أحمر اللون أيضًا لكنه مصنوع من صوف الأغنام.. كما وصف لنا الشاعر والأديب السموعي شفيق أبو حماد.

null
موروث تراثي
ويضيف أبو حماد في حديث خاص لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “البساط السموعي عنوان تراثي مميز لبلدتنا ولا يصنع مثله بتاتًا في فلسطين ولا في منطقة الشرق الأوسط، فالبعض من المناطق يصنعون بسطًا من الخيوط القطنية أو من الكتان، أما من صوف الضأن والأغنام فهذه ميزة اختص بها أهل السموع وأعدوا لها العدة؛ حيث يوجد في البلدة نحو أربعين ألف رأس من الضأن من أجل هذا الهدف، إضافة إلى إنتاج السمن البلدي والألبان والأجبان”.
ويعدّ السجاد السموعي (البساط) تحفة نادرة ومميزة غالية الثمن؛ حيث يكلف ثمن المتر المربع 45 دينارًا أردنيًّا، فيما يبلغ ثمن البساط المتكامل الذي تبلغ مساحته 12 مترًا مربعًا 600 دينار أردنيّ أي ما يعادل 900 دولار، وهو ثقيل الوزن؛ حيث يزيد وزنه عن 100 كيلو غرام ولا يستطيع الرجل حمله لوحده بل يحتاج إلى مساعدة من الآخرين.

null
الدور النسوي
ويعدّ عبد النبي الحوامدة رئيس جمعية السموع الخيرية، أن الاهتمام بالبساط السموعي هو نوع من الإصرار على الحفاظ بهذا الشاهد التراثي التاريخي وليس منتوجًا مربحًا تجاريًّا فحسب.
وأضاف الحوامدة في حديث خاص لمراسلنا: “لقد اهتممنا في جمعية السموع ببقاء إنتاج البساط السموعي ودعمه كشاهد تراثي على تاريخ وتراث السموع، فهناك نحو 150 امرأة وفتاة، وخاصة النساء كبيرات السن من السموع والبلدات المجاورة لها، يعملن في صناعة البساط السموعي بطرق يدوية بدائية”.
ويضيف الحوامدة: “تشتري الجمعية وتجمع أصواف الأغنام من أصحاب المواشي في السموع والبلدات المجاورة وتوفرها للنسوة اللواتي يشتغلن في نسيج وصناعة البساط السموعي، وبعض هؤلاء النسوة يتقاضين أجورهن من الجمعية كدعم لبقاء هذا الموروث التراثي الثقافي من الانقراض”.

null
مراحل الصناعة
وتمر صناعة البساط السموعي بمراحل هامة في إنتاجه؛ حيث تكشف لنا الحاجة أم نايف الزعارير من نساء السموع والتي عملت في نسيج البساط السموعي فترة من الزمن فتقول: “يمر البساط السموعي خلال صناعته بطريقة يدوية بخمسة مراحل، المرحلة الأولى يتم فيها غسل أصواف الأغنام من الأوساخ والقاذورات ومن ثم تحويلها إلى حوايا بشكل كروي، وأما المرحلة الثانية فهي غزل الصوف بواسطة مغازل يدوية قديمة وتحويله إلى خيوط، وتأتي المرحلة الثالثة التي يتم فيها صبغ الصوف بألوان مختلفه أهمها اللون التقليدي الأحمر، وبعضها يصبغ بالأزرق والبني والبنفسجى، فيما تأتي المرحلة الرابعة والتي نقوم من خلالها بتقوية الخيوط بواسطة مغازل، بحيث نجمع بين الخيطين لنصنع منها خيطًا واحدًا وذلك لمتانة الخيط، ونختتم بالمرحلة الخامسة التي ننسج من خلالها البساط عبر (النول) وهي طريقة يدوية تقليدية قديمة”.
القوة والمتانة
ويشتهر البساط السموعي كونه مصنوعًا من الصوف بقوته ومتانته وطول عمره، فهو يعمر نحو أربعين عامًا أو يزيد، وهناك بسط من صناعة السموع لا يزال يحتفظ بها بعض الأثرياء كقطع ثراثية، مر على صناعتها نحو 85 عامًا بحسب ما أفادنا بذلك المربي شفيق أبو حماد.
وتطورت منتوجات بلدة السموع التراثية بجانب البساط السموعي إلى صناعة بيوت الشعر للبدو والمزودة والبيجاد والكنف والخرج والمخلاة والفردة، وكلها عباره عن أدوات يقوم البدوي أو القروي والمزارع في نقل بضائعه داخلها، او تستعملها المرأة البدوية في تخزين حاجياتها المنزلية الثمينة بداخلها.

null
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...