الأحد 04/مايو/2025

قرية قُصرة.. البطولة التي لا تنكسر

قرية قُصرة.. البطولة التي لا تنكسر

لا يكاد يذكر اسم بلدة قُصرة جنوب مدينة نابلس إلا ويلمع في الذاكرة إلقاء شبانها القبض على مجموعة من المستوطنين وإشباعهم ضرباً، حتى سال الدم منهم، بعد محاولتهم اقتحام البلدة في بداية العام 2014.

وتكررت هذه الصورة عدة مرات، لذلك سعى الاحتلال ومستوطنوه مراراً لكسر هذه البطولة والنيل منها، بتكثيف اقتحاماته للبلدة، وإيقاع أكبر الضرر في سكانها، بل وحتى خرجت دعاوى لقادة الاحتلال لدخول جرافاته وتدمير البلدة عن آخرها.

نموذج للمقاومة

وتقع قرية قُصْرَه على بعد حوالي 24 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس، وتبلغ مساحتها العمرانية حوالي 9000 دونمٍ، ومساحة أراضيها ما يقارب 27000 دونم، بسطت البلدة بيوتها على جبل كامل، يرتفع 750 متراً عن سطح البحر، وبتعداد سكاني تجاوز 8000 مواطن.

تقع البلدة في واقع استيطاني قاس، وتحيط بها ثلاث مستوطنات هي: (مجدليم) وتقع على مدخل البلدة الشرقي، و(إيش كوديش) وتقع جنوب شرق القرية، و(إحيا) جنوب القرية، وتتعرض باستمرار لاقتحامات متواصلة من هؤلاء المستوطنين وبأسلحتهم التي يعتدون بها على المواطنين الآمنين في أعمالهم ومزارعهم.

البلدة التي شهدت اعتداءات متواصلة من المستوطنين شكلت نموذجا مقاوماً لبقية القرى الفلسطينية بتشكيلها لجان حراسة ليلة منذ سبع سنوات، من شبانها وأبنائها، وعند وقوع أي اعتداء، تصدح مكبرات الصوت في المساجد مباشرة، تدعو المواطنين للنفير لحماية البلدة، ما شكل رادعاً لاعتداءات المستوطنين، وقد تمكن أهالي البلدة في الثامن من نيسان 2014 من احتجاز 17 مستوطناً خلال محاولتهم اقتحام البلدة وأشبعوهم ضرباً.

هذه الحادثة تكررت بكامل تفاصيلها عقب قتل المستوطنين الصهاينة يوم الخميس 30/11/2017 الشاب محمد أحمد زعل خلال تواجده في أرضه، حيث استطاع شبان البلدة، احتجاز مجموعة من المستوطنين في مكان الحادث، وأوسعوهم ضرباً.

دعوات للانتقام

ويؤكد عضو مجلس قروي قصرة عبد العظيم الوادي لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن هناك خطة وتنظيم ممنهج استيطاني سياسي صهيوني لقمع ترابط أهالي بلدة قصرة الصامدة، الذين استطاعوا الدفاع عن بلدتهم خلال السنوات السبع الماضية ببسالة، رغم كونهم عزلاً أمام سلاح المستوطنين وجيش الاحتلال”.

مضيفاً: “لقد رصدنا العديد من التصريحات على الصعيد الرسمي الصهيوني وعلى الصعيد الاستيطاني بضرورة قمع المواطنين في قرية قصرة، ودخول جرافات صهيونية لهدم منازل (الإرهابيين) في البلدة – كما وصفتنا هذه التصريحات-، وترحيل سكانها إلى مكان آخر”.

ويؤكد عبد العظيم: “نحن ننعم في البلدة بالدين الإسلامي وروح الترابط الاجتماعي، وستبقى بلدة قصرة مدرسة وطنية بامتياز، ونحن أصحاب الحق، وكل هذا يعطينا اليقين أننا سننتصر”.

رعاية رسمية

وعن سبب تزايد اعتداءات المستوطنين يؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة: “إن هذا التزايد الجنوني لاعتداءات المستوطنين جاء لأن المستوطن بات يشعر أنه بلا رقابة أو رادع محكمة، لأن حكومته هي حكومة استيطان”.

مضيفاً في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”:” لقد بات المستوطن هو الذي يحكم، والجيش الصهيوني يأتمر من مستوطن واحد على الأرض، وهذا بالتأكيد زاد من قوتهم وبطشهم، وهناك قوانين دولية تمنع ما يجري، لكن لا يوجد أي قوانين دولية تطبق على الاحتلال، وأصبح الاحتلال والمستوطنون يشعرون بجنون العظمة”.

واقع يدفع للانفجار

يشير مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس: “لقد أصبحت القرى الفلسطينية عبارة عن مخيمات نتيجة الضغط السكاني الكبير فيها مقابل التوسع الاستيطاني”، موضحاً: “لا يمكن للمواطن التوسع في البناء لا في منطقة (ب) ولا في المنطقة (ج)، والضفة كلها هوِّدت، حتى الدخول لقطف زيتونك بحاجة لإجراءات طويلة جداً”.

وحذر دغلس: “بالتأكيد هذه الأمور ستدفع الشعب الفلسطيني للغضب والانفجار، لأن قتل المواطن محمود زعل قبل أيام بالرصاص وهو أعزل، وإطلاق النار وإصابة مواطنين بالرصاص أحدهما إصابة خطيرة، هذا حال لا يمكن للمواطن السكوت والصبر عليه”.

ووجه دغلس كلامه لدولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية بالقول: “نقول للكيان الصهيوني، وللولايات المتحدة التي تفكر بنقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال؛ كفاكم”.

وأضاف: “لن يمر هذا الأمر لأن الشعور الديني هو الذي يسيطر على الموقف، وسيفجر كل الساحات في العواصم العربية الإسلامية، وهذا لن يدوم طويلاً لأن حكومة الاحتلال تجند كل أبناء الشعب الفلسطيني ضدها وهذا سيسبب انفجار الشعب الفلسطيني في وجهها”.  

أيام عصيبة

وحذر عبد العظيم الوادي عضو مجلس قروي قصرة: “من وجهة نظري هناك أيام عصيبة ستأتي على قرية قصرة إن لم يكن هناك حراك وطني جماهيري فلسطيني، لدعم صمود وتعزيز أبناء هذه البلدة التي أصبحت تفقد الشهيد تلو الشهيد، وأصبحت قوانا تستنزف، وأصبحنا نخشى أي انتقام من المستوطنين، لأهالي المنازل القريبة للمستوطنات الصهيونية”.

مؤكداً: “المطلوب تعزيز صمود المواطنين بتوفير مختلف أشكال الحماية والدعم لهم، حتى نعزز فيهم روح الصمود والتحدي لحماية أراضيهم، وردع اعتداءات المستوطنين على أرواحهم وممتلكاتهم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات