الماريونيت.. أدوات هاني لتعليم إبداعي بغزة

حين ارتدى هاني ملابس الدمى للمرة الأولى قبل تسع سنوات مشاركاً في برنامج ترفيهي لأطفال غزة بعد حرب غزة (2009)، لم يكن يعلم أن صداقته مع الدمى والعرائس ستتطور بعد سنوات، وتصل إلى الفوز بمبادرة (إلهام) الشهيرة.

بدأ المعلم هاني الشريف (33 عامًا) قبل سنتين استخدام أزياء الدمى في شرح دروسه لطلاب الصف الخامس بمدرسة معين بسيسو في مدينة غزة، فكانت تجربته مميزة من جهة التحصيل وإقبال طلابه على حصصه، حتى فاز بمبادرة أقامتها مديريات تعليم قطاع غزة عن المبادرات الإبداعية في التعليم.

بعد سنوات من الخبرة، وسنة من استخدام أزياء الدمى في شرح الدروس، أدخل هاني منذ مطلع العام أسلوبين جديدين في الشرح هما (مسرح الدمى ومسرح خيال الظلّ) ما شكل قفزة نوعية أهلته للفوز في مبادرة مؤسسة (إلهام) برام الله فحصل على تصنيف فئة (أ) من بين أكثر من (700) معلم في الوطن.

null

التعليم بالدمى والمسرح

تناقلت مدارس قطاع غزة تجربة هاني، وطاف بأزياء الدمى كثير من الصفوف ممثلاً دروس الصف الخامس مع طلابه وأشهرها (النمر والحطاب وذكاء القاضي) حتى أحبه طلاب مدرسته، وتابع الكثيرون حسابه على (فيسبوك) وقناة (يوتيوب).

ويضيف: “اتخذت من الدمية وسيلة للتعلم فتحقق لي تثبيت معلومات الدروس بدل الأسلوب التقليدي المتبع، قبل أسابيع أدخلت أسلوبين جديدين هما مسرح العرائس، ومسرح خيال الظل إلى جانب أزياء الدمى وأنا أستخدم كل أسلوب حسب المهارة والهدف الذي أريده في الدرس”.

null
في دروس أزياء الدمى، يحيك هاني الأزياء بيديه، ويخصص رأس الدمية تبعاً للشخصية المستهدفة من شخصيات الرسوم المتحركة أو أفلام الكرتون، وعند حاجته لتعزيز مهارة الاستماع يستخدم مسرح العرائس، أما مسرح الظل فهدفه الأساسي جذب الانتباه.

خيال الظلّ

بعد تمثيل الدرس بأسلوب مسرح الدمى أو خيال الظلّ يسأل هاني طلابه عادةً ماذا فهموا وما استفادوا فيجيبوا عليه بإجابات صحيحة تؤكد أهمية ما فعله لتعزيز تحصيلهم الدراسي.

null
ويتابع: “أقوم أنا بالدور الأساسي في مسرح خيال ظل، وهو صندوق كرتون واجهته من القماش، وبه إنارة داخلية والشخصيات من الفلين أحركها بأعواد خشبية، وفي الخلفية مصباح كهربي يظهر ظلها، وهذه طريقة سهلة هدفها جذب الانتباه، ويقوم بالمهمة شخص واحد، أما مسرح الدمى فيلزمه اثنان”.

بعد قبول فكرة هاني من مؤسسة (إلهام) ووصوله مرحلة التقييم، استخدم أسلوبه الجديد مع درسي (ذكاء القاضي والنمر والحطاب) ثم سلّم اللجنة ملفات فيديو مصوّرة شاملة لفكرة المبادرة والتطبيق العملي حتى أعلنت النتائج بفوزه قبل أيام.

يبدو هاني معجباً بعدة صور التقطها زملاؤه له وهو في شرح أحد الدروس مستخدماً مسرح خيال الظلّ، وقد علت وجوه الطلاب علامات الانتباه الشديد والتركيز وكثيراً الابتسامة.

وتقع مدرسة بسيسو التي يعمل فيها الشريف في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وقد تعرضت في حرب (2014) لمجزرة شهيرة ما أدى لتردى الحالة النفسية لمعظم أطفال الحي، وتأثر تحصيلهم الدراسي حيث لاقت طريقة هاني استحسان أولياء الأمور، وتبرع تجار القماش منهم بكثير من المواد اللازمة لصناعة الدمى.

null
نماذج ملهمة

ويقول أيمن العكلوك ممثل مؤسسة (إلهام) في قطاع غزة بغزة، إن مؤسسته تتبع تجربة عالمية للإبداع، هدفها إبراز نماذج ملهمة، وهي تسهدف في قطاع  التعليم (المعلم والمدي والمرشد التربوي ومشرف الصحة والطلبة).

ويضيف:”هاني فاز بالفئة (أ) وهذا إنجاز مهم وشرط الفوز هو قابلية المبادرة دائماً التعميم والإشهار، وقد تحقق ذلك في مبادرته، وربما تكون هناك مبادرات قوية لكنها غير قابلة للتعميم، لكن هاني أضاف لأسلوب الدمى مسرح العرائس ومسرح الظل، وهذا يعمم في التعليم مع الأطفال، ويؤثر إيجابياً عليهم”.

وكان 13 متقدما فازوا من بين أكثر من (700) على مستوى محافظات فلسطين، ثلاثة منهم من قطاع غزة، ومرت المبادرات بثلاث مراحل؛ الأولى هي التقييم الأولي واعتماد معايير مؤسسة (إلهام)، والثانية العمل الميداني يتخللها لجنة تحكيم، والثالثة تقييم ختامي وعرض التجربة عملياً.

ويأمل هاني أن تتطوّر مبادرته لتكون في كامل مدارس فلسطين، وأن يتقدم الطلبة في قطاع غزة الذين عاشوا تحت الحصار والاحتلال.