السبت 09/نوفمبر/2024

القسام.. حكاية الشيخ والكتائب

القسام.. حكاية الشيخ والكتائب

من جبلة السورية التي ولد فيها عام 1883م، كان هذا الشامي يرسم خريطة جديدة للتحولات، فقد أيقن أن الإسلام ثورة وتغيير، وتعلم عبر الأزهر أن الفقه ليس متونا، وأن الإسلام ليس تعاليم فقط، وإنما هو جهاد واستشهاد حتى تعيش الأمة حياة كريمة، إنه شيخ الجهاد ومفجر الثورة الكبرى في فلسطين الشيخ عز الدين القسام.

المدرس والخطيب

تخرج الشيخ القسام من الأزهر عام 1906م، وعاد إلى الشام بهمة وعزيمة الشباب ليعمل مدرسا وخطيبا في جبلة قضاء اللاذقية، لكنه اصطدم بالاحتلال الفرنسي، الذي نهب خيرات بلده، واضطهد أبناء الشام فانتفض القسام هو وتلاميذه.

وأعلن الثورة على الاحتلال الفرنسي وقاومهم بالسلاح فحكم عليه الانتداب الفرنسي بالإعدام غيابا، وأصبح مطاردا؛ فغادر بلده تهريبا إلى دمشق، ومن ثم إلى حيفا التي استقر به المطاف فيها.

ومن على منبر جامع الاستقلال في حيفا بدأ الشيخ القسام يؤسس لمرحلة جهادية جديدة، وبدأ يخاطب المصلين بلغة الثورة والجهاد، ما ألهب الجماهير، وصنع من بين صفوفهم نواة للثورة.

الجهاد بالنار
ويشير سميح حمودة أستاذ التاريخ الفلسطيني في جامعة بير زيت وصاحب كتاب “الوعي والثورة” عن القسام، أن القسام لم يكتف بتثوير المصلين، وجماهيره بالكلام والخطابة النارية فحسب.

وتابع: إنما أظهر مرة وهو على منبر جامع الاستقلال مسدسه الذي استله من جبته، وخاطب المصلين قائلا لهم: إن الثورة على الإنجليز لابد أن تكون بالنار.

وأضاف حمودة لمراسلنا: بدأ القسام يؤسس لثورة عارمة من خلال خطبه المنبرية، وعبر زياراته للقرى المجاورة في حيفا والجليل وجنين، وهو يقوم بإجراء عقود الزواج حيث يحض الناس والمستمعين له على عداء الانتداب البريطاني.

ومضى يقول: وبدأ ينتقي مجموعات ينظمها، ويعدها للدخول في ثورة عارمة على البريطانيين والصهاينة وتمكن من الانطلاق وقنص جنود الانتداب وتفجير سياراتهم العسكرية.

خطاب ثوري

أما تيسير جبارة أستاذ الدراسات الفلسطينية السابق في جامعتي الخليل والنجاح؛ فيؤكد أن خطاب الشيخ القسام الثوري غير التقليدي الذي كان ينطلق من على منبر جامع الاستقلال، أثر في المصلين كثيرا، لا بل بدأ يؤثر في أبناء القرى المجاورة الذين أصبحوا يحضرون من قراهم على مواشيهم، وبعضهم في الحافلات القديمة كل يوم جمعة إلى مدينة حيفا.

ويضيف جبارة لمراسلنا: تفاجأ الشيخ القسام في الكثير من الشباب المتوقدين الذين عرضوا أنفسهم أنهم جاهزين لمحاربة الإنجليز والصهاينة.

كما تفاجأ من حضور المزارعين في نهاية مواسمهم الزراعية وهم يحملون عشرات الجنيهات الفلسطينية ويعرضونها على الشيخ القسام، ويدعونه لشراء سلاح بها لمقومة الاحتلال والظلم، وفق جبارة.

وحسب جبارة؛ فإنه وأمام هذا التجاوب الجماهيري؛ أعد الشيخ القسام العدة، ونظم مجموعات من المزارعين البسطاء، وانطلق بثورته التي زعزعت دولة الانتداب والعصابات الصهيونية.

خلايا عنقودية

كان تنظيم الشيخ عز الدين القسام تنظيما محكما يقوم على الخلايا العنقودية وليس البناء الهرمي، وفق حديث المحلل السياسي عبد الستار قاسم الذي أشار أن ذلك يجعل تفكيك رموزه أمرا صعبا.

وقال قاسم لمراسلنا: القسام كان صاحب فطنة وذكاء، وكان يدرك أن التنظيم الهرمي خطير يمكن القضاء عليه باعتقال أفراد أو مجموعات، لكنه أسس من المزارعين والمصلين والموظفين مجموعات قسامية كل مجموعة في منطقة وبلدة لا يعرفون بعضهم بتاتا، وهذه هي الطريقة العنقودية التي أرهقت الإنجليز في عملياتها وانتشارها.

ويرى قاسم أن هذه الطريقة في البناء التنظيمي استفادت منها ومن شكلها تنظيمات فلسطينية معاصرة ككتائب القسام وسرايا القدس.

تجارب معاصرة
وأكد أن قيادات في كتائب القسام المعاصرة، استفادت من تجربة الشيخ عز الدين القسام، وهذا ما يشير له الأسير محمد أبو عرمانة، منفذ عملية الجامعة العبرية وأحد قيادات كتائب القسام.

وفي كتابه “مهندسو الموت” أشار أبو عرمانة إلى أن مجموعات القسام كانت منتشرة في مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، والتي نظمت بطريقة عنقودية بحيث لا تعرف أي مجموعة المجموعات الأخرى.

ويؤكد أبو عرمانة أن هذه التجربة اقتبستها كتائب القسام من تجربة تنظيم الشيخ عز الدين القسم في بداية الثلاثينات.

وفي ذات السياق أشار الأسير القسامي المحرر محمد ناجي صبحة إلى اجترار كتائب القسام إلى تجربة الشيخ القسام في التنظيم وتكوين الخلايا وطرق التواصل.

وقال صبحة في كتابه المنشور “حرب العصابات بين النظرية العلمية والتطبيق الفلسطيني” الصادر عن مؤسسة فلسطين للثقافة عام 2011م والذي قدمه له الدكتور أحمد نوفل: إن فكرة تأسيس كتائب القسام في بداياتها كانت تقوم على الاستفادة من تجربة تنظيم الشيخ القسام وطريقته المحكمة، وكان لهذه التجربة الأثر الكبير والناجح في عمليات القسام المتعددة والتي أرهقت الاحتلال.

منعطف تاريخي

لقد شكلت ثورة الشيخ عز الدين القسام منعطفا جهاديا تاريخيا على صعيد القضية الفلسطينية، وأرهقت الوجود البريطاني بفلسطين، خاصة أن الشيخ القسام عندما أصبح مطاردا للقوات البريطانية اتخذ من أحراش بلدة يعبد قضاء جنين مستقرا له، وبدأ حرب عصابات مع القوات البريطانية وقطعان المستوطنين.

وخاض عدة معارك وجه خلالها المزيد من الضربات للجيش البريطاني، لكن غيظ البريطانيين ودسائس عملائهم دفعت بهم لمعرفة مكانه، فحوصر الشيخ عز الدين القسام في (خربة الشيخ زيد) على أطراف أحراش قرية يعبد، واشتد الحصار وأحكم، وطلب الضابط البريطاني من الشيخ القسام الاستسلام والنجاة بروحه، فأجاب الشيخ القسام: لن نستسلم، هذا جهاد نصر أو استشهاد، ثم هتف بأصحابه: موتوا شهداء، فصاح المجاهدون: الله أكبر .. الله أكبر، وبدأت معركة استمرت ستة ساعات قتل فيها خمسة عشر جنديا.

واستشهد خلالها الشيخ المجاهد عز الدين القسام وثلاثة من رفاقه، وذلك يوم التاسع عشر من تشرين ثاني 1935م .

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة

14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية 14 عملا مقاوما متنوعا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى". ورصد مركز...

مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان

مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان

لندن- المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في 14 محافظة يمنية بينها العاصمة صنعاء للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضمن...