الجمعة 28/يونيو/2024

بشرى الطويل.. أنين القيد المكبوت خلف القضبان الإسرائيلية

بشرى الطويل.. أنين القيد المكبوت خلف القضبان الإسرائيلية

لم تكن أنّات الأسرى التي عايشتها بشرى الطويل منذ بداية طفولتها ابنةَ أسير محرر أولاً، وأسيرةَ ثانياً، لتمر عابرة على قلبها الصغير، بل كانت كفيلة لدفعها لدراسة الصحافة؛ سعياً لتحويل أوجاع الأسرى وآلام عائلاتهم المكبوتة، إلى صرخات تشق صدى الإعلام لتصل إلى كل مكان، وتجسدها بشرى بمؤسسة إعلامية أسمتها “أنين القيد”.

لكن بشرى تعود اليوم لتعيش وجع القيد بنفسها ثانية، في ثالث اعتقال لها في سجون الاحتلال الصهيوني.

حرمان منذ الطفولة

تفتحت عينا بشرى الطويل المولودة في (25/4/1993) على الدنيا، ووالدها القيادي في حركة حماس الشيخ جمال محمد الطويل، مبعدٌ إلى مرج الزهور، ولم تشعر بدفء الأب إلا بعد خمسة أشهر على ميلادها، بعد عودته من الإبعاد، وقبل أن تتم عامها الأول مع والدها عاد الاحتلال ليعتقله ثانيةً، لتتوالى الاعتقالات على قلب بشرى الصغير، بنزع والدها منها، لأربعة عشر عاماً في ثمانية اعتقالات متفرقة.

ومبكراً وفي ذاكرة غضةٍ، التصقت الكثير من صور قوات الاحتلال وهي تداهم منزل عائلتها في مدينة البيرة مراراً لاعتقال والدها، وما يصاحب ذلك من عمليات التنكيل التي تقوم بها قوات الاحتلال بالأهالي وتخريب محتويات المنزل، وما يتبع ذلك من مرارة الحرمان من حنان الوالد، ولسنوات طويلة.

بيتٌ مثخنٌ بالأسر

عايشت بشرى الأسر وأوجاعه بثلاثة من أفراد عائلتها؛ والدها ووالدتها وهي نفسها، فعلاوة على إبعاد واعتقالات الوالد المتكررة والتي لا تنتهي، اعتقلت والدتها بتاريخ (8/2/2010) وأمضت عاماً كاملاً في سجون الاحتلال، وأفرج عنها في (1/2/2011)، وكانت بشرى فترة غياب والدتها، هي الأم لإخوتها الثلاثة؛لكونها الابنة الوحيدة في المنزل.

ويأتي الدور عليها في (6/7/2011) لتعتقل في سجون الاحتلال، وحكمت بالسجن ستة عشر شهراً بتهمة الانتماء لحركة حماس، وما لبثت أن تحررت بعدها بخمسة أشهر ونصف في صفقة وفاء الأحرار، لكن الاحتلال أعاد اعتقالها في 2/7/2014، وقال لها القاضي في المحكمة وقتها: “يجب أن يفرج عنك اليوم، لكن هناك قرار سياسي بإبقائك في السجن، وأكملت حكمها الماضي، وأمضت عشرة أشهر ونصفًا في السجن، لتخرج في 17/5/2015”.

أنينُ القيد

ما إن تخرجت بشرى الطويل من دراستها للصحافة والإعلام من الكلية العصرية بمدينة رام الله في العام 2013، حتى أطلقت في ‏28 حزيران/ يونيو من العام نفسه، (شبكة أنين القيد)، وهي إطار نقابي إعلامي يُعنى بقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتتكون الشبكة من مجموعة من الأسرى المحررين والصحفيين والحقوقيين والناشطين الشبابيين من الجنسين، ووضعت الشبكة نصب عينيها رؤيتها في العمل؛ وهي أن تبقي قضية الأسرى الفلسطينيين مغروسة في ذاكرة الأمة ووجدانها.

وتسلمت بشرى دور الناطق الرسمي باسم المجموعة، تنقل أخبار الأسرى في سجون الاحتلال، وتجسد معاناة أهاليهم، عبر المؤسسات الإعلامية العربية والمحلية، ابتداءً بقناة الجزيرة مرورا بفضائيات الأقصى والقدس وفلسطين اليوم، والعديد من الإذاعات والمواقع الإخبارية على الانترنت.

وعملت شبكة أنين القيد وعلى رأسها بشرى على تنظيم عشرات الفعاليات الحوارية والميدانية لتحريك ملف الأسرى، وإطلاع المواطنين على آخر مستجدات معاناتهم، إضافة لزيارات دورية لعوائل الأسرى، لتحتل الشبكة مكاناً مميزاً.

الاعتقال الأخير

فيما يقارب الساعة الثانية بعد منتصف ليلة (1/11/2017)، داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة بشرى الطويل في منطقة أم الشرايط بمدينة البيرة، واعتقلتها، وصادرت من منزلها مبلغ 6000 دولار حصلت عليها بشرى في اليوم ذاته قرضًا من هيئة شؤون الأسرى، بفواتير وعقود قانونية.

وخلال محاكمة بشرى في اليوم التالي لاعتقالها، لم يجد المدعي العام أي تهمة يوجهها لبشرى سوى أنها -بحسب ادعائه- خالفت بنود صفقة وفاء الأحرار، فكانت المفاجأة للمدعي العام، أن بشرى أنهت كل فترة اعتقالها، بعد أن أعيد اعتقالها في المرة الثانية.

وهنا أمهل القاضي المدعي العام 72 ساعة لإظهار لائحة اتهام حقيقية تبرر اعتقال بشرى، لكن الاحتلال الصهيوني عدّ أن كونها كريمة القيادي الشيخ جمال الطويل، تهمة بحد ذاتها، فحوّلها في (6/11/2017) للاعتقال الإداري ستة أشهر.

وتشير أم عبدالله، والدة بشرى، إلى أن الاحتلال يسعى لملاحقة وسرقة أموال المواطنين لإبقاء أبناء الشعب الفلسطيني فقراء يبحثون عن لقمة الطعام وحبة الدواء، كما يهدف من اعتقال زوجات وأبناء وبنات القادة الانتقام منهم وتحطيم معنوياتهم”.

وقالت: “في 11/11/2017 وقبل زواج عبد الله النجل البكر للشيخ جمال اقتحم الاحتلال منزلنا، وقدم استدعاء في اليوم نفسه للشيخ جمال، وبعد زواج ابننا بثلاثة أيام في 16/11/2017 أرسلوا استدعاءً آخر”.

مضيفة: “كما أنني ممنوعة من زيارة زوجي وابنتي خلال اعتقالهم منذ العام 2002، وكل فرد من أفراد العائلة يصل لعمر 16 عاماً يمنع من الزيارة”، مؤكدةً: “لكننا جميعا نفهم ما يقوم به الاحتلال والهدف من ذلك، فهؤلاء قتلة الأنبياء، ورغم شعورنا بالألم تبقى معنوياتنا عالية، ويجب أن نتصدى لهذا المحتل بالمزيد من الصبر”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات