الثلاثاء 01/أكتوبر/2024

الولجة .. الجنَّة المسلوبة!

الولجة .. الجنَّة المسلوبة!

على تلة مرتفعة غربي جنوبي القدس المحتلة تطل بلدة (الولجة) بأشجارها وبساتينها وبيوتها العتيقة شامخة تتحدى عنفوان المحتل الذي جزأها وقسمها منذ عام 1948م وحتى اليوم .

ثمانية كيلو مترات فقط هي ما يفصل الولجة عن مدينة القدس المحتلة، لتطل على واد جميل غني بأشجار الجوز واللوز والزيتون والتين والعنب.

واد مفعم بالحياة .. إنه وادي الصرار الذي كانت تعبره ولا زالت سكة حديد تصل القدس بيافا حيث يتفرع عن هذا الوادي طريق فرعية تصل القرية بمدينة القدس، ولعل اسمها (الولجة) مشتق من الولوج الذي يشير إلى مدخلها الطبيعي بين الجبال وعبر الأودية السحيقة.

جنة الله في الأرض
جمال مدرجاتها الزراعية وأشجارها الباسقة وعيونها العذبة جعل منها جنة الله في أرضه، حيث كانت الولجة تتزود بالمياه من خمسة عيون وينابيع أنعشت بساتينها التي أنتجت الخضار والفواكه بكل أشكالها والتي كان ينتهي بها المطاف إلى أسواق القدس ويافا وحيفا، وبعضها يصدره التجار إلى الرياض والكويت وبيروت قبل أن يحُول الاحتلال وإجراءاته دون استمرار ذلك.

جمالها الرباني بطبيعتها المنتشره على جبالها وأوديتها، يتكامل مع جمال موقعها الجغرافي، حيث تبعد فقط 8 كيلومتر غربا عن مدينة القدس المحتلة، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر 750 مترا، فيما يبلغ إجمالي مساحة أراضيها 17708 دونما قبل النكبة.

 

معظم سكان البلدة مسلمون يجمعهم مسجد كبير يطلق عليه مسجد الأربعين، ويبلغ عدد سكانها اليوم نحو 3000 نسمة فيما لم يتبق من أراضيها المسموح لهم فيها بالبناء سوى 50 دونما فقط والباقي تعد أراض مصنفة (c) وفقا لاتفاق أوسلو ما بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير، أي لا يسمح البناء فيها إلا بقرار من سلطات لجنة التنظيم الصهيونية العليا التي في الغالب لا تسمع لأحد بالبناء ومن يقوم ببناء منشأة بغير ترخيص تهدم.

 

في 21 تشرين أول1948، وقعت البلدة تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث هاجمتها عصابات الأرغون واشتيرن والهاجناه في بداية الأمر، إلا أنها باءت بالفشل ولم تتمكن من السيطرة عليها بعد أن تصدى لهم مقاتلون مصريون غير نظاميين، وبعد ذلك سيطر الاحتلال على بعض أراضيها، وفق اتفاقية الهدنة في رودس في 3 نيسان 1949م، والتي دخلت قوات الاحتلال بموجبها أربعة قرى غربي القدس كانت الولجة من بينها إضافة إلى قرى بيت صفافا والقبو وبتير.

قسم خط الهدنة أراضي الولجة التي بات جزء  كبير منها وفق أراضي الخط الأخضر أي تحت السيطرة الصهيونية منذ نكبة 48 في منطقة وادي الغرب حيث العيون الجميلة، والجزء الآخر بقي تحت السيطرة الأردنية حتى نكسة عام 67م، وقد أنشأ الاحتلال مستوطنة (عمينداف)على أراضيها عام 1950م .


null

استيطان يبتلعهابحسب مخطط تنظيمي “إٍسرائيلي” جديد فقد قررت بلدية الاحتلال زيادة امتداداتها في أراضي الولجة ونقل حاجزها العسكري المسمى (حاجز يالو) الفاصل بين أراضي عام 48 وأراضي عام 67 إلى عمق أراضي بلدة الولجه الذي سيحول دون وصول سكان القرية إلى مئات الدونمات من أراضيهم الخصبة.

وزعت قوات الاحتلال مؤخرا مخططا يدخل بعمق 2 كيلو متر داخل أراضي الولجة بحيث تصبح جل الأراضي خلف حاجز يالو، وهو ما يعني أنه ضمها أمنيا وعسكريا وهيكليا إلى محافظة القدس المحتلة وبالتالي مصادرة نحو ألفي دونما من أراضيها بما فيها عين ( الحنية ) ومنطقتها الأثرية الجميلة التي يعتز بها أهل القرية.

ويعدّ رئيس بلدية الولجة، علاء دراس أن ما يخطط له الاحتلال هو استيطان كثيف جديد للولجة ومصادرة لآلاف الدونمات من أراضيها الخصبة الجميلة.

ويضيف في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: فوجئنا بأن البيان يشير إلى أن لجنة التخطيط التابعة لبلدية القدس المحتلة طلبت من لجنة المنشآت العسكرية الصهيونية والأمنية بنقل الحجز العسكري المسمى بحاجز (يالو) غربي القدس المحتلة إلى عمق أراضي بلدة الولجة!! وهذا يعني مصادرة 1500 دونم ستكون خلف الحاجز باتجاه القدس، وكلها أراض زراعية غنية بالمزروعات والمحاصيل الأرضية المثمرة، ومصادرة عيون ماء هامة وتاريخية مثل (عين الحنية) الأثرية، العين الوحيدة المتبقية للقرية، إضافة إلى مصادرة نحو 500 دونم حول الحاجز وأمامه وعدّها منطقة عسكرية لا يسمح للفلسطينيين الاقتراب منها.


null

القدس الكبرى
بدوره، عدّ خليل التفكجي خبير الخرائط والاستيطان المقدسي أن مصادرة أراضي الولجة يعدّ جزءا من مخطط القدس الكبرى الذي يعمل الاحتلال على بنائه منذ عشرات السنوات.

وأوضح في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أن نقل حاجز (يالو) ليس نقلا أمنيا بقدر ما هو مخطط استيطاني تهويدي يدفع لمصادرة نحو 2000-3000 دونم ستضم إلى مدينة القدس الكبرى.

وتابع بالقول: الاحتلال يقوم بامتدادات مبرمجة حول القدس، حيث صادر شرقا جبل أبو اغنيم من أراضي بيت لحم، وصنع توسعا شرقيا، ويعمل جنوبا على ضم تجمع مستوطنات عتصيون وتقوع، وبنى شمال القدس مستوطنة جفعات زئيف من أراضي رام الله ويحاول ضمها للقدس الغربية، واليوم يعمل على سيطرة ومصادرة الآلاف من أراضي الولجة غربي القدس؛ كي يكتمل المخطط القاضي ببناء القدس الكبرى!.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات