رياح السلطة ومكاتب العمومي تطيح بـكريم فلسطين

بعد خمسة شهور من بدء عملها في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت شركة “كريم” لحجز السيارات عبر الهاتف الذكي، عن إيقاف جميع خدماتها، وذلك بطلب من السلطة الفلسطينية، مبينة أن هذا يحدث لأول مرة في الوطن العربي.
“أتينا لإيماننا بفلسطين كدولة تدعو للاستثمار والتطور، وكلنا أمل أن ترى السُلطات أثر أمر الإغلاق المفاجئ لخدماتنا على المواطنين والعاملين، وعلى تسويق فلسطين كحاضنة للاستثمارات الأجنبية”، هكذا عبّرت “كريم” عن موقفها عبر صفحتها الخاصة بفلسطين.
وأضافت: “نريد العمل يداً بيد مع جميع الجهات المختصة للنهوض بقطاعي النقل وتكنولوجيا المعلومات لخلق المزيد من فرص العمل”.
“كريم” شركة عربية إقليمية مقرها دبي، تعمل في مجال دمج التكنولوجيا في المواصلات، وهي تعمل في 82 مدينة في 14 دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا وتركيا، وتبلغ قيمتها السوقية مليار دولار.
وتقدم شركة كريم خدمة حجز سيارات الأجرة عبر تطبيق خاص في الهواتف الذكية يسمى بـ”تطبيق كريم”، بهدف توفير خدمة نقل سريعة ومريحة واقتصادية في متناول الجميع.
في الخامس عشر من حزيران/ يونيو من العام الجاري، أطلقت الشركة خدماتها في فلسطين بدءا من رام الله، وبسبب عدم اقتصار أسطولها على السيارات العمومية، ووجود عدد كبيرة من السيارات الخاصة، فإنها واجهت عقبات ومحاولات لمنعها من العمل.
وبعد الصخب المرافق لانطلاق “كريم”، بدأت التصريحات من النيابة العامة ووزارة المواصلات بعدم قانونية الخدمة التي تقدمها.
وأصدر مكتب النائب العام الشهر الماضي، بيانا حذر فيه سائقي وأصحاب السيارات الخاصة من التعامل مع تطبيق “كريم” تحت طائلة المسؤولية، كون ذلك يخالف قانون المرور رقم (5) لعام 2000 ولائحته التنفيذية، وقانون التأمين رقم (20) لسنة 2005 المعمول بهما في فلسطين.
وبرر بيان النائب العام هذا التحذير بما يشكله ذلك من خطر على حياة المواطنين، يترتب عليه عدم وجود تغطية تأمينية في حال حصول حوادث، بعدّه فعلا يعاقب عليه القانون.
كما ضبطت المباحث المرورية بشرطة مرور رام الله أوراقا وصادرت لوحات تسجيل للعديد من المركبات الخاصة، وحررت مخالفات مرورية لسائقي هذه المركبات وغرامات تصل إلى 300 شيكل.
صِدام مع مكاتب التكسي
ونظمت نقابة أصحاب مكاتب التكسي العمومي، اعتصاما أمام رئاسة الوزراء برام الله، للمطالبة بوقف تطبيق “كريم”.
ويقول أمين سر نقابة مكاتب التكسي العمومي جواد عمران لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن تطبيق “كريم” يهدد مكاتب التكسي العمومي وقطاع النقل العام، ويشكل خطرا أخلاقيا خصوصا على الفتيات في حال تنقلهم بمركبات خاصة.
ويضيف أن هذا التطبيق يهدد المال العام الذي تدفعه المركبات العمومية لخزينة الدولة من ضرائب وتراخيص.
وبحسب عمران، يوجد في رام الله وحدها 85 مكتبا للسيارات العمومية تتراوح استثمارات أصحابها ما بين 2-10 مليون شيكل.
ويبين أن قطاع النقل العمومي يعود على الدولة بنحو 150 مليون شيكل سنويا، ولهذا لا يمكن لوزارة المواصلات السماح بعمل “كريم”، لأنها بذلك تكون كمن يقطع يده بنفسه.
وتواجه شركة كريم مشاكل في تقديم خدماتها في معظم الدول العربية التي تحاول تقديم خدماتها فيها، ففي مصر جرت عام 2016 مظاهرات من سائقي المركبات العمومية احتجاجا على خدماتها، وحصلت أحداث مشابهة أيضا في الأردن.
كما واجهت مشاكل قانونية في الحصول على تراخيص للعمل في الدول العربية، وفي الأردن أصدرت الحكومة مهلة مدتها 6 شهور لترخيص خدمات هذه الشركة.
بين مؤيد ومعارض
وقوبل قرار إيقاف خدمات “كريم” في فلسطين بمواقف متباينة من جانب المواطنين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض، وسارع البعض لإطلاق حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الشركة والمطالبة بعودتها.
ويرى المعارضون للشركة، بأن هذه الشركة أوجدت منافسة غير عادلة بين المركبات الخصوصية والعمومية، حيث باتت السيارة الخصوصية تنقل الركاب من دون أن تتحمل التكاليف التي تتحملها السيارة العمومية من ترخيص وتأمين ورسوم وضرائب.
كما أنه في حال وقوع حادث سير، لن توفر شركات التأمين أي تغطية لتكاليف علاج الركاب أو تعويضهم.
أما المؤيدون، فينظرون إلى الفارق الكبير لصالح السيارات العاملة مع “كريم” والمتمثل في حداثة السيارات، وجودة الخدمة وسرعتها، ومعاملة السائق، وسعر التعرفة، حيث يلتزم سائقو “كريم” بتشغيل العداد، في حين لا يلتزم به سائقو العمومي رغم إلزاميته بالقانون.
ويرى المؤيدون لوجود مثل هذه الشركة، أن هناك تقاطعا للمصالح الشخصية من أصحاب مكاتب العمومي، وشخصيات في السلطة في الإبقاء على حالة احتكار السوق الفلسطيني، وبالتالي هم يرفضون أي محاولات استثمارية لا تصب في صالحهم، وهذا تكرر مع كثير من الاستثمارات.
قوانين لا تواكب التكنولوجيا
إبراهيم المناع مدير عام الأسواق الناشئة في شركة كريم قال لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن الشركة توجهت منذ البداية إلى وزارة المواصلات، وعقدت معها أربع جلسات للتفاهم معها.
وأضاف أن الشركة توجهت كذلك إلى نقابة أصحاب مكاتب التكسي العمومي، لكنها لم تجد أي تعاون منهم، ولهذا قررت التواصل مع العديد من أصحاب المركبات العمومية، واستطاعت ضم المئات منهم للتطبيق بعد تدريبهم وتأهيلهم وإبداء استعدادهم للالتزام بمعايير وشروط “كريم”.
ويؤكد مناع بأن على وزارة المواصلات أن تقوم بواجبها في إلزام سائقي المركبات العمومية بتشغيل العداد، ومن غير المعقول أن تطلب من طرف دون آخر الالتزام بالقانون.
ويرى بأن على الجهات المسؤولة أن تعمل على تحديث القوانين الحالية التي لا تستوعب التكنولوجيا الحديثة.
ويضيف: “لا مفر من مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع بالعالم، فالعالم بات قرية صغيرة، ويجب توظيف التكنولوجيا لتسهيل حياتنا اليومية”.
ويقول إنه كان على السلطة أن تنتهز فرصة دخول “كريم” إلى السوق الفلسطيني، لتعود الفائدة على المواطن، وليس على فئة ضيقة.
ويشير إلى أن دخول شركة كبيرة بحجم “كريم” إلى السوق الفلسطيني، كسر حاجز الخوف لدى الكثير من الشركات العربية لدخول هذا السوق.
وزارة المواصلات: تطبيق جيد للعمومي
أما محمد حمدان الناطق باسم وزارة المواصلات، فيقول إن القانون يمنع نقل الركاب بمركبات خاصة مقابل أجر.
ويبين أن الوزارة عقدت عددا من الاجتماعات مع ممثلي الشركة، وتم توجيههم إلى ضرورة العمل مع المركبات العمومية فقط، وليس في ذلك أي تعارض مع القانون.
وأضاف أن هذا التطبيق جيد، وهو محل ترحيب وتشجيع الوزارة، ما دام استخدامه يتفق مع القانون، عادًّا أن عمل التطبيق مع المركبات العمومية من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية ويرتقي بمستوى الخدمة المقدمة للمواطن.
وفي المقابل، يرى بأن الضجة التي أثارها تطبيق كريم كان لها جانب إيجابي، يتمثل بتسليط الضوء على ملاحظات وشكاوي المواطنين، داعيا نقابة أصحاب مكاتب التكسي إلى الانتباه لتلك الملاحظات، والعمل على معالجتها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...