الجمعة 28/يونيو/2024

هل تذكرون قصة الأسير رجب مع نجله المريض.. لقد رحل الحبيب؟

هل تذكرون قصة الأسير رجب مع نجله المريض.. لقد رحل الحبيب؟

نصف ساعة “ملحمية” هل تذكرونها!؟.. قبل أسبوع من الآن، سطرها الأب المكلوم الأسير رجب الطحان، مع نجله المريض مجد، الذي أنهك مرض السرطان جسده الضعيف، وغيّر ملامح وجهه الجميل.

تعانق قلباهما، وكلٌّ منهما “بلّ” شوقه من الآخر.. تحققت الأمنية أخيرا، والتقى الحبيبان؛ الوالد وولده المريض، كانت النصف الساعة الأخيرة.. أعلن عن وفاة مجد مساء اليوم الثلاثاء.


“المركز الفلسطيني للإعلام” كان قد تناول مشهد “النصف ساعة” في تقرير مشوق وتراجيدي، يعيد نشره للأهمية.

“أخذ يتحسس ولده، لم يتعرف عليه من الوهلة الأولى، فجرعات الكيماوي غيرت في ملامحه الكثير، “التبس الأمر على عينيه، لكن نبضات قلبه أسعفته سريعا”، قبّله.. عانقه طويلا.. أخذ كل منها يشد من أزر الآخر.. تعاهدا أن يكسر كل منهما قيده”.   

نصف ساعة ملحمية سطرها أب مكلوم مع ابن عليل، “فحضنك يا والدي هو الترياق والشفاء، أخجل يا والدي من بريق الإرادة في عينيك وأنا المسجَّى على السرير، لن أبالغ يا والدي إن قلت لك إنه أجمل صباح في حياتي”، تمتمات مجد لوالده، يرد الأسير المقدسي رجب الطحان: “انهض يا مجد، فالسرطان لن يصرعك، والدتك بانتظارك، إخوانك يتوقون لمجالستك، قريبا سأصطحبك للصلاة في المسجد الأقصى، عليك بالدعاء، حافظ على الصلاة”.         

هل تذكرون قصة الأسير المقدسي رجب الطحان، المفجوع بسرطان فلذة كبده “مجد”، حينما خاطبه: “كيف أكون بخير، وأنت لست بخير، كنت أتمنى أن أكون معك، أحضنك، أحملك، أخفف عنك، أعطيك من دمي.. ولدي، حرموني منك 16 عاما، واليوم يحرمونني منك، وأنت (الآن) في قمة مرضك وتحتاجني ولا أقدر أن أصلك رغما عني، فاعذرني  يا مهجة قلبي، لا أملك في سجني إلا دعوة في صلاتي أن يشفيك الله ويفرج عني للقياك”، تلك الآهات انتصرت ولو مبدئيا، فكانت “زيارة الحياة” لكل منهما. 
  
لم يكن لقاء ككل لقاء، فلقد أحضروه  مكبلا وبسرية تامة، بحدود الساعة الخامسة فجرا، ودون أن يدري بهم أحد، حضرت مجموعة من إدارة سجون الاحتلال، وكخفافيش الليل، تسللوا إلى مستشفى “هداسا” (عين كارم)، ومعهم الأسير المقدسي رجب الطحان.

مقيدا أحضروه من سجن “نفحة” الصحراوي إلى المستشفى لزيارة ابنه المريض “مجد”، في ظل إجراءات أمنية مشددة، لم يسمحوا له بفك وثاقه، “فهم لا يريدون له أن يرتوي من حب وإرادة نجله”.  

“رجب” المكلوم، أخذ يسأل الشاب المريض، عن اسمه و أسماء إخوانه و أقاربه، فإذا به يحدث “مجد قلبه”، يحدث ابنه، فلذة كبده، “اعتصره الألم في داخله كيف لم أعرفك يا بني”، ولكنه السرطان يا “رجب”، وسنوات السجن اللئام.   

استمر اللقاء قرابة نصف ساعة، ساد فيها حديث العيون والقلوب، أبدى فيها “مجد” رباطة جأش، كان حريصا أشد الحرص على عدم الظهور ضعيفا، بينما حبس “رجب” دموعه، وكان أشد حرصا من ابنه، خاطبه بلغة تحفيزية ترفض الخنوع، أوصاه بأن لا يستسلم، أن يكون مع الله، وأن يحافظ على الصلاة والدعاء.

قبل أن يقفل عائدا إلى زنزانته الظالمة في سجن نفحة، هناك في أقاصي الصحراء، احتضن ابنه طويلا، ليبدأ مشهد الدقيقة الأولى من جديد، (عناق وشوق وعبرات تنتظر الانفجار)، انتزعه الاحتلال من أحضان “مجد”، ولكن قلبه ظل ساكنا هناك، يظلل المكان، يسلي خلوة (مجد)، ويدعو له.

يذكر أن الأسير رجب الطحان أب لخمسة من الأبناء، وكانت محكمة الاحتلال قد ثبتت حكمه السابق (المؤبد) الصادر بحقه، قبل تحرره بصفقة وفاء الأحرار.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات