بعد إعادة انتخاب شي وميركل.. هل تخشى الدول الكبرى تغيير قادتها؟

فلاديمير بوتين في روسيا، أنجيلا ميركل في ألمانيا، رجب طيب أردوغان في تركيا، والآن شي جينبينغ في الصين، وربما ناريندرا مودي في الهند؛ قادة لدول كبرى في العالم حكموا لسنوات ويبدو أنهم سيستمرون في مواقعهم لسنوات أخرى عديدة، وسط تساؤلات عن أسباب انتشار هذه الظاهرة في دول ديمقراطية تمتلك مؤسسات حكم قوية، وإن بمستويات متفاوتة.

فبالرغم من امتلاكها أعلى مستوى للديموقراطية والمؤسساتية بين الدول المشار إليها، إلا أن ألمانيا أعادت انتخاب ميركل، للمرة الرابعة، مستشارةً للدولة (رئيس الحكومة)، في سبتمبر/أيلول الماضي، وسط مخاوف من تجريب قادة آخرين للتعامل مع أزمات حادة، بحسب عدة تقارير، أبرزها صعود اليمين المتطرف والضغوط الاقتصادية الكبيرة والاضطرابات في الاتحاد الأوروبي ومعضلة التعامل مع روسيا، وغيرها.

ويظهر تقرير لـ”نيويورك تايمز” تفوق الزعيمة الألمانية في عدد سنوات الحكم على نظرائها في الاتحاد الأوروبي، ولكن دولًا أخرى في الاتحاد احتفظت كذلك بقادتها لعدة سنوات، مثل المجر، التي يقودها رئيس الوزراء فيكتور أوربان، منذ 11 عامًا، وسلوفاكيا، التي يقودها رئيس الوزراء روبرت فيتسو، منذ 10 أعوام.

واللافت هنا أن الرأي العام في البلدين، المجر وسلوفاكيا، سجل قلقًا كبيرًا إزاء أزمة اللجوء من الشرق الأوسط وإفريقيا، التي تفجرت قبل سنوات، ولقيت النزعة المتطرفة ضد قدوم المسلمين رواجًا واسعًا، وانتشر الخوف، أو ربما التخويف، من تزايد نسبة المسلمين في البلدين، وقد اتخذ الزعيمان “أوربان” و”فيتسو”، سياسات رافضة لاستقبال اللاجئين أو تقاسمهم مع بقية دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي شجع الناخبين على التصويت لهما مرة أخرى.

وفي روسيا، يتجه الناخبون ربيع العام المقبل، 2018، لانتخابات رئاسية، وقد توقع تقرير لـ”الإكونومست”، بل أكد، أن بوتين سيفوز بفترة رئاسية جديدة من 6 سنوات، تضاف إلى 18 عامًا سابقة.

ويتهم التقرير بوتين بممارسة أشكال من الاستبداد وتخويف الشارع الروسي، تحفظ له البقاء في السلطة، إلا أنه في المقابل يؤكد أنه يحظى بالفعل بتأييد واسع، قد يناهز 80%، يحركه آمال باستعادة “أمجاد” بلادهم، ومخاوف عميقة من نوايا الغرب تجاهها.

وبعيدًا عن القارة الأوروبية، تمكن الرئيس الصيني، شي جينبينغ، قبل أيام، من الحصول على تمديد لفترة رئاسية ثانية، في اجتماع للحزب الشيوعي.

ومع أن الرجل لم يحكم سوى خمس سنوات، إلا أنه تمكن من السيطرة على مفاصل الحزب الشيوعي في وقت قياسي، وهو ما يشير إلى أن حكمه للبلد الأكبر في العالم سيستمر ربما لما بعد السنوات الخمس القادمة، فالرجل نال منذ سنواته الأولى لقب الرئيس الأقوى منذ الزعيم “ماو”، وتشير تقارير إلى قيامه بتسريح واعتقال الآلاف من أعضاء الحزب بتهم الفساد، وتمكنه بالمقابل من تعيين أشخاص موالين له في أهم مفاصل الحزب والدولة، كما أشار تقرير لرويترز، الأحد الماضي.

وبالرغم من أن الحزب الشيوعي يعد مؤسسة متماسكة لها تقاليدها، وهي بالتالي غير عاجزة عن إفراز قادة جدد، إلا أن الوضع العالمي يبدو أنه يستدعي التمسك بقائد قوي، وإن استأثر بالحكم، إلى حين اجتياز المرحلة الحالية.

فالصين ترى، بحسب مراقبين، أنها في طور استلام عجلة القيادة العالمية من الولايات المتحدة، وأن هذه المرحلة يصاحبها مخاض صعب، بل إن تقارير تتخوف من اندلاع حرب بين الجانبين قريبًا، في إطار ذلك الصراع، الأمر الذي يلقي بظلال ثقيلة على السياسات الداخلية للبلدين.