الجمعة 09/مايو/2025

الوفود الدبلوماسية.. حراك سياسي بغزة ماذا وراءه؟

الوفود الدبلوماسية.. حراك سياسي بغزة ماذا وراءه؟

في الآونة الأخيرة، باتت غزة قبلة كثير من الوفود الرسمية وغير الرسمية من مختلف دول العالم، عقب توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة، والبدء الفعلي بطي صفحة الانقسام، ما يشير إلى أن الأمور تمهد لرؤية سياسية بشأن القطاع.

ومن المفترض أن مرحلة الاستطلاع لواقع غزة ما بعد الحصار قد انتهت، سيما وأن حماس التي حكمت لعقد مضى، قدمت كل ما في جعبتها من أجل الانفتاح على العالم، والتخفيف من حصار غزة التي حوكمت به بذريعة وجودها، يقول مراقبون.

وزار غزة منذ توقيع اتفاق المصالحة الوطنية برعاية المخابرات المصرية قبل أسابيع وزراء ومسئولون من حكومات ومؤسسات دولية ناقشوا سبل استئناف العمل الحكومي والأهلي، وتبادلوا وجهات النظر حول الممارسة والمشاركة السياسية المحلية والخارجية.

ولعل من أهم الوفود الزائرة حتى اليوم هو الوفد السويسري الذي طرحت بلاده سابقاً وثيقة لحل أزمة موظفي غزة، إضافة إلى وفد أوروبي يناقش الترتيبات لإعادة فتح معبر رفح شريان الحياة الرئيس لقطاع غزة.

السياسة أولاً
ورغم أن التصريحات الإعلامية عقب زيارات الوفود الأجنبية المكثّفة مؤخرا لغزة لا يفرجون فيها عن كثير من التفاصيل إلا أن ثمّة دراسة معمّقة تجهّز للتعامل مع هذا الجزء الصغير المكتظ بالمشاكل والسكان.

والآن يفصلنا يوم واحد عن تسلم السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة كاملة بشكل رسمي، وأهمها معبر رفح الذي عمل سنواتٍ برعاية أوروبية حتى عقد مضى، وجرت مناقشة إعادة فتحه بطرح أوروبي قبل أيام.

يقول المحلل السياسي طلال عوكل: إن الحالة الطبيعية الآن، أن يشرَع في معالجة أزمات غزة في ظل ميلاد انفتاح على المؤسسات الدولية والحكومية مع بدء مصالحة مدعومة هذه المرة من المجتمع الدولي والدول العربية.

ويضيف في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: المواطن حتى الآن لم يشعر بشيء، ولم يحدث تغير في إيقاع الحياة، والمفترض أن تدور العجلة من يوم حل اللجنة الإدارية وترفع عقوبات السلطة عن غزة التي وصلت إليها وفود من دول مختلفة.

أما المحلل السياسي ناجي شراب فيرى أن غزة شهدت وصول شخصيات أجنبية رفيعة مثل “ملادينوف” -منسق عملية السلام في الشرق الأوسط للأمم المتحدة- في زيارة اتسمت بالسرية التامة والسريعة لعدة ساعات.

الوفود الزائرة تأتي ضمن جدول معد مسبقاً؛ فتزور أهدافًا ومؤسسات محددة بإشراف وزارة الداخلية بغزة، وتعمل ضمن قوانين، وقد جرت عدة لقاءات مع رئاسة حماس ومكتبها السياسي والمجتمع المدني، وفق شراب.

المرحلة المقبلة
وليس مصادفةً أن تتوالى زيارات الوفود الأوروبية والأجنبية لقطاع غزة ما قبل وبعد إبرام اتفاق المصالحة؛ فثمة نافذة فرص جديدة بدأت غزة تطل منها على العالم الخارجي.

وأكد شراب لمراسلنا أن الزوار الجدد يدوّنون كثيرا من الملاحظات عن غزة ويعودون لحكوماتهم وملّاك القرارات في دولهم قبل العودة من جديد بمسوّدة رؤية سياسية جديدة على الأرجح أنها ستتغير بإيقاع إيجابي أفضل من السابق.

ويقول المحلل شراب: إن هذا الحراك يؤكد أن غزة أصبحت ذات بعد دولي لا يمكن تجاهله، وإن وصول تلك الوفود تحكمه عوامل منها المعادلة السياسية في المنطقة والحصار ووجود مؤسسات دولية وإنسانية ناشطة أهمها “لأونروا”.

ويتابع: “كل تلك الزيارات واللقاءات تشير إلى أن غزة أضحت موجودة على الأجندة الدولية، وهناك متابعة لهذه الأحداث تعكسها وكالات الأنباء وعواصم مختلفة”.

أما محمد مصلح، الخبير في الشئون الإسرائيلية، فيؤكد أن كل تلك الزيارات لها علاقة ببلورة رؤية سياسية جديدة ووافية ترتبط بجهات سياسية وسيادية وأمنية.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “جلوس تلك الوفود مع شخصيات، والاطّلاع على واقع غزة يحضّر لإعطاء موقف ويترتب عليه لاحقاً سياسات في التعامل، ولا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية فتحت الباب أمام الأوروبيين ليتدخلوا، وهي تأخذ برأيهم”.

والمشهد السياسي في الإقليم متحرك، وأوشك الضباب أن ينجلي عن واقع جديد، وبما أن غزة أثبتت أهميتها وهي تقارع الاحتلال منذ أحد عشر عاما؛ فإن الأضواء الدولية الخضراء عن مضي المصالحة والتي ردت عليها “إسرائيل” بتصريحات دون تدخل تثبت أن العالم يناقش واقع غزة ومستقبلها.

الأمن والاقتصاد
ويُجرى الحديث مؤخراً مع الوفود الأجنبية والعربية في حزمة من القضايا والمشاريع الاقتصادية أهمها إنشاء مناطق صناعية وتوفير طاقة كهربية وموارد غازية ومشاريع للبطالة.

ويقول عمر شعبان، الخبير الاقتصادي بغزة: إن الجانب الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بالجانب السياسي خاصةً أن أزمة الحصار والانقسام أثرت على بنية المجتمع، وخلقت تحديات أهمها البطالة وتدمير القطاع الخاصّ، ومهّدت البيئة لميلاد التطرّف.

ويتابع في حديث لمراسلنا: “كل ما سبق قضايا تهم الإقليم، ويدركون من خلال حديثنا خبراءً أن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة. الوفود لم تنقطع سابقاً لكنها مع المصالحة نالت اهتماما أكبر من المجتمع الدولي، وبدؤوا يفكرون في إحداث حراك اقتصادي وتمكين أفضل لسبل الحياة”.

ويقول المختص الأمني إبراهيم حبيب: إنه حتى الآن لم يجر التطرق لمسألة الأمن بشكل صريح عبر أي طرف زار غزة، وإن كل ما جرى عقب زيارات المسئولين الفلسطينيين لم يتعدّ الصفة البروتوكولية بينما ناقشت الوفود الأوروبية واقع غزة وسبل تحسين الحياة الاقتصادية فيها.

وقطعاً فإن (إسرائيل) مهتمة بهدوء غزة؛ طمعاً في إطالته، وهو ما يدركه الزوار المتلاحقون الذين لم يعد الاحتلال وحده من يزودهم بالرواية بعد أن وطئت أقدامهم غزة وشاهدوا جرائمه فيها عن قرب، حسب الخبير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات