الخميس 08/مايو/2025

حرب قادمة في البلقان.. متى ولماذا؟

حرب قادمة في البلقان.. متى ولماذا؟

عانت منظقة البلقان، جنوب شرقي القارة الأوروبية، من عدة حروب طاحنة على مدار القرن الماضي، كان آخرها الحرب بين الحكومة الصربية ومجموعات ألبانية، في إقليم كوسوفو (جنوب)، بين عامي 1998 و1999.

ولطالما أنتج التباين العرقي والديني في المنطقة قنابل موقوتة فيها، حيث يعيش في المنطقة الصرب والبلغار (سلافيون أرثوذوكس)، والكروات والسلوفينيون (سلافيون كاثوليك)، والبوشناق (سلافيون مسلمون)، إضافة إلى الألبان (مسلمون) واليونانيون (أرثوذوكس)، علاوة على أقليات أخرى عديدة، كالأتراك واليهود والغجر وغيرهم.

وإضافة إلى ما يوفره ذلك المشهد من ظروف لاشتعال الحروب والنزاعات، فإن القوى الخارجية تتهم إما بإشعالها أو تأجيجها، لتحقيق مصالح استراتيجية، كما أشار تقرير لمجلة “فورين أفيرز” في سبتمبر/أيلول الماضي.

وحذر التقرير من نشوب حرب جديدة في المنطقة، وخصوصًا بين الصرب والألبان في إقليم كوسوفو (جنوب)، وبين البوشناق والصرب في البوسنة والهرسك، وبقدر أقل في مقدونيا، بين ذوي الأصول الصربية والألبان.

فقد أدى عمل حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في السنوات الأخيرة، على استقطاب الجبل الأسود ومقدونيا، اللتين كانتا جزءًا من الاتحاد اليوغوسلافي، ويشكل الصرب أغلبية فيهما، إلى إثارة غضب موسكو، التي رأت في ذلك توسعًا للغرب في نطاقها الحيوي، واستمرارًا لسياسات الحرب الباردة، بالرغم من مرور عقود على الإعلان الرسمي عن انتهائها.

علاوة على ذلك، مارس الحلف الغربي ضغوطًا كبيرة على صربيا للاعتراف باستقلال إقليم كوسوفو، الذي أعلنه عام 2008، وعلى صرب البوسنة للتوقف عن التهديد بالاستقلال عن سراييفو، الأمر الذي رأت فيه موسكو تدخلًا “غير مسموح”، و”ازدواجية في المعايير”، كما نقلت “الأبزورفر” عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مطلع العام الجاري.

وتمثل الرد الروسي على التقدم الغربي في المنطقة بتقديم الدعم لليمين الصربي في مقدونيا، وتشجيعه على رفض الإغراءات الغربية بدخول حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ودفعه لتبني مواقف أكثر تطرفًا، بحسب تقرير لصحيفة “الغاردين”، نشرته في يونيو/حزيران الماضي، ما تسبب بأزمة سياسية واجتماعية في البلاد، لرفض ذلك التيار مطالب المكون الألباني (نحو 30% من السكان)، بعدّ اللغة الألبانية لغة رسمة ثانية، إلى جانب مطالب أخرى.

إلا أن تلك التجاذبات التي استمرت عامين انتهت أخيرًا، في يونيو/حزيران الماضي، بتمكن يسار الوسط من تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب ألباني، معلنين اتخاذ خطوات للانضمام إلى المؤسسات الغربية.

وفي الجبل الأسود، أو “مونتينيغرو”، وقعت أحداث وصفت بـ”الانقلاب” على الحكم، نهاية عام 2015، من أحزاب وتيارات اتهم الغرب روسيا بدعمها، بعضها من داخل الحكومة، ما أدخل البلاد في أزمة سياسية حادة، استمرت حتى نهاية 2016، باستقرار الحكم في يد أنصار التحالف مع الغرب، قبل أن تحصل البلاد بالفعل على حق العضوية بالناتو، في مايو/أيار الماضي.

إلا أن الأخطر يتمثل في الصراع بالبوسنة والهرسك وكوسوفو، حيث تمتلك موسكو أوراق تأثير أقوى، وحيث لم تندمل بعد جراح حروب العقود الماضية، بحسب تقرير “الفورين أفيرز”، المشار إليه سابقًا، فروسيا تقدم دعمًا كبيرًا للحكومة الصربية لمواجهة انفصال كوسوفو، كما تدعم قيادات صرب البوسنة للتوجه نحو الانفصال بإقليمهم، الذي يشكل نصف مساحة البوسنة والهرسك.

وقد دفع هذا المشهد الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، إلى توقع نشوب حرب قريبة، كما نقلت عنه صحيفة “واشنطن بوست” في أبريل/نيسان الماضي، مؤكدًا أن نيرانها ستشمل عدة دول، في إشارة إلى تأكيد ألبانيا استعدادها دخول حرب مع بلاده دفاعًا عن كوسوفو، واستعداد بلاده، في المقابل، خوض حرب جديدة في البوسنة لتحقيق انفصال الصرب عنها.

وبعيدًا عن التقييم السطحي لمواقف كل من روسيا والغرب تجاه أزمات البلقان، فإن الطرفين إنما يسعيان لتحقيق مصالح ومكاسب استراتيجية، كلّ على حساب الآخر، الأمر الذي قد يشهد تصاعدًا بعد خفض التوتر على الجبهة السورية، بحسب مراقبين.

وتحظى المنطقة بأهمية استراتيجية كبرى، حيث تشكل بوابة لأوروبا نحو الشرق الأوسط، وطريقًا إلى آسيا يتجاوز روسيا، وهي بالتالي ممر مهم لموارد الطاقة من مصادر بديلة لموسكو، فيما ترى الأخيرة أن عددًا من دول البلقان مهيأة لأن تشكل موطئ قدم وجبهة دفاع متقدمة لها، في خاصرة أوروبا.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يفرج عن 11 أسيراً من غزة

الاحتلال يفرج عن 11 أسيراً من غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن 11 أسيرا فلسطينيا من غزة، حيث تم نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في...