الأحد 23/يونيو/2024

البنك الدولي: لا انتعاش اقتصادي لفلسطين في ظل قيود الاحتلال

البنك الدولي: لا انتعاش اقتصادي لفلسطين في ظل قيود الاحتلال

أكد البنك الدولي في تقريره حول الآفاق الاقتصادية للأراضي الفلسطينية أنه بعد فترة من التعافي في أعقاب حرب غزة 2014، ھبط معدل النمو في الأراضي الفلسطینیة إلى 0.7% في الربع الأول من عام 2017، إذ انحسرت وتیرة جھود الإعمار وتباطأ معدل الاستھلاك الخاص. ولا تزال البطالة، التي بلغ معدلھا 29%، مرتفعة بشكل كبیر.

ونظرا للقیود المستمرة التي تعوق القدرة التنافسیة للاقتصاد، من المتوقع لمعدل النمو على الأمد المتوسط أن یسجل 3% . وُیُنِذِر انخفاض المعونات إلى ما دون التوقعات وإمكانیة نشوب المزید من الصراعات بمخاطر ذات آثار سلبیة على النمو وفرص العمل.

ووفق التقرير؛ كانت لأحداث حرب غزة تبعات وعواقب اجتماعیة واقتصادیة خطیرة، وتسببت في سقوط الاقتصاد الفلسطیني في ھوة الكساد في 2014. وساعدت جھود إعادة الإعمار على تعافي النمو إلى متوسط سنوي قدره 4-3% في 2015-2016.

وأضاف التقرير إلا أن تدفقات المساعدات من أجل الإعمار انحسرت بشدة في 2017، متسببةً في تدھور حاد لأنشطة إعادة الإعمار. وأدَّى ھذا مع تراجع الاستھلاك الخاص في الضفة الغربیة بسبب التوترات السیاسیة إلى ھبوط معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقیقي إلى 0.7% فحسب في الربع الأول من العام. 

أما معدل البطالة بالأراضي الفلسطینیة، الذي بلغ 29%، فلا یزال مرتفعا بشكل كبیر. وبلغ معدل البطالة في غزة 44% أو أكثر من ضعفي نظیره في الضفة الغربیة، وأكثر من 60% ممن تتراوح أعمارھم بین 15 و29 عاما عاطلون عن العمل. 

وبعد انكماش طفیف نسبته 0.2% في عام 2016، انتعشت اتجاھات الأسعار في الأشھر الأولى من عام 2017 قبل أن تعود إلى الانكماش في منتصف العام. وتراجعت الأسعار بوجه عام بنسبة 0.7% في یونیو/حزیران 2017 (مقارنة بمستواھا قبل عام)، وكان السبب الرئیسي في ذلك ھبوط أسعار الغذاء وانخفاض قیمة الشیقل العملة الرئیسیة المتداولة في الأراضي الفلسطینیة. 

وظل وضع المالیة العامة للسلطة الفلسطینیة یعاني من قلة الموارد في النصف الأول من عام 2017 بسبب انخفاض المساعدات عن الاحتیاجات. وكان أداء العائدات العامة جیدا بفضل تحسن الإدارة الضریبیة للسلطة الفلسطینیة وتحویلات إیرادات لمرة واحدة من جانب الحكومة الإسرائیلیة.

وتمكنت السلطة الفلسطینیة أیضا من خفض إنفاقھا في النصف الأول من عام 2017، وھو ما یرجع في معظمه إلى انخفاض التحویلات والتأثیر الأولي لقرارات خفض الإنفاق في غزة.

ونتیجةً لذلك، انخفض العجز الكلي للمالیة العامة (قبل المنح) بنسبة 16% عما كان علیه قبل عام. وبالتوازي مع ذلك، انخفضت المعونات التي تدخل خزانة السلطة الفلسطینیة بنسبة 19%، وھو ما أدى إلى نشوء فجوة تمویلیة مقدارھا 167 ملیون دولار، وحدوث المزید من تراكم متأخرات الدیون على القطاع الخاص وصنادیق معاشات التقاعد. 

وتشیر التقدیرات إلى أن عجز حساب المعاملات الجاریة (شاملا التحویلات الرسمیة) انخفض في عام 2016 إلى 10.4% مع انخفاض عجز المیزان التجاري وزیادة التحویلات الخاصة. ووصل عجز المیزان التجاري إلى 38.6% من إجمالي الناتج المحلي في 2016 منخفضا من 41% في 2015 بعد ھبوط الواردات من “إسرائیل” -الشریك التجاري الرئیسي للأراضي الفلسطینیة- بسبب أسعار الوقود المنخفضة واتجاه المستھلكین الفلسطینیین لمقاطعة المنتجات الإسرائیلیة.

وما زالت الصادرات تواجه معوقات بسبب استمرار القیود التجاریة، وظلت منخفضة وراكدة عند نحو 18% من إجمالي الناتج المحلي. وتضاعفت التحویلات الخاصة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 لتصل إلى 12.1% بسبب زیادة تحویلات الفلسطینیین العاملین في الخارج.

ويشير التقرير إلى أنه لا تزال آفاق المستقبل الاقتصادي للأراضي الفلسطینیة غیر مواتیة. وعلى افتراض أن القیود الحالیة ستبقى، وأن الوضع الأمني سیظل ھادئا نسبیا، وأن تدفقات لمساعدات ستتسارع وتیرتھا خلال العام لتصل إلى مستویاتھا المتوقعة، فإن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقیقي للاقتصاد الفلسطیني في 2017 من المتوقع أن یبلغ 3% : وذلك بواقع 2.7% في الضفة الغربیة و4.0 % في قطاع غزة. وینبئ ھذا النمو الضعیف بركود نصیب الفرد من الدخل الحقیقي وحدوث زیادة في البطالة. 

ومن المتوقع أن یصل عجز الموازنة (عدا المنح) إلى 3.8% من إجمالي الناتج المحلي (1.2 ملیار دولار) في 2017. وفي الوقت نفسه قد تتراجع المساعدات الخارجیة في 2017 إلى نحو 666 ملیون دولار.

وبعد حساب سداد مستحقات الدین الخارجي، یؤدي ھذا إلى فجوة تمویل تزید على 580 ملیون دولار( 4% من إجمالي الناتج المحلي). ولن تكفي إجراءات السلطة الفلسطینیة وحدھا في سد فجوة التمویل بالكامل. وما لم یتم الارتقاء كثیرا بحجم مساعدات المانحین، فإنه سیجري تمویل الفجوة في معظمھا من خلال متأخرات الدیون للقطاع الخاص والاقتراض من البنوك المحلیة. 

ومن المتوقع أن یظل حساب المعاملات الجاریة للأراضي الفلسطینیة في وضع غیر مواتٍ في السنوات المقبلة بسبب استمرار العجز الكبیر في المیزان التجاري. وتشیر التوقعات إلى أن حصة الصادرات الفلسطینیة في الاقتصاد قد تظل راكدة عند نحو 17-18% في الأمد المتوسط بسبب استمرار القیود التي تفرضھا الحكومة الإسرائیلیة على التجارة.

ومع الاعتماد الشدید على الواردات في تلبیة حتى بعض الاحتیاجات الأساسیة للأراضي الفلسطینیة، ستتراوح حصة الواردات في الاقتصاد حول 55%. ومن ثم، من المتوقع أن یظل عجز حساب المعاملات الجاریة مرتفعا في السنوات القادمة عند نحو 13% من إجمالي الناتج المحلي.

من غیر الممكن تحقیق انتعاش اقتصادي مستدام في الأراضي الفلسطینیة بالنظر إلى المأزق الذي وصلت إلیه عملیة السلام، واستمرار القیود التي تفرضھا “إسرائیل” على التجارة والتنقل والحصول على الموارد بالإضافة إلى الانقسامات السیاسیة الداخلیة والتحدیات التي تشوب بیئة ممارسة الأعمال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات