سوريا.. شرق الفرات على أعتاب صراع أمريكي روسي كبير

قبل أيام، تناقلت وسائل إعلام روسية اتهام موسكو لواشنطن بتزويد تنظيم “داعش” الإرهابي، بمدينة دير الزور، الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات، شرقي سوريا، بمعلومات حول مواقع تواجد القوات الروسية بمحيط المدينة، ما أدى إلى استهدافها وسقوط قتلى، أبرزهم الجنرال “فاليري أسابوف” كبير المستشارين العسكريين الروس في سوريا، وهو أهم عسكري خسرته روسيا في الحرب السورية.

وفي تلك الأثناء، اتهمت الميليشيات الكردية المدعومة أمريكيا، الطيران الروسي باستهدافها في حقل “كونيكو” النفطي، شرق دير الزور، الأمر الذي نفته موسكو، متهمة تلك الميليشيات بدخول مناطق سيطرة داعش دون مقاومة.

لم يتوقف زخم الأحداث والاتهامات المتبادلة في المنطقة عند ذلك الحد؛ فقد شهدت الأيام الأخيرة لشهر أيلول الماضي كذلك اتهامات روسية لواشنطن وحلفائها بالتخلي عن مساعي إنهاء وجود داعش بمدينة الرقة (شمال) لصالح السيطرة على آبار النفط والغاز في عموم منطقة شرق الفرات، وصولًا للحدود مع العراق، لاستباق استعادة النظام السوري سيطرته عليها.

وتشير تقارير إلى قرب اصطدام قوات النظام السوري مع تلك المدعومة أمريكيا في المنطقة، خصوصًا بعد تمكن النظام، ولأول مرة منذ سنوات، من تجاوز نهر الفرات، في 18 سبتمبر الماضي، من خلال جسور متحركة، جهزها سلاح الهندسة الروسي.

ومع تزايد التوتر واحتدام التنافس على الأرض، فإن أجواء المنطقة ستكتظ بالمقاتلات الروسية والأمريكية، ما سيزيد فرص وقوع حوادث اشتباك مباشر بين الجانبين، علاوة على حوادث قصف القوات على الأرض من الجانبين.

مصالح استراتيجية
وإضافة إلى موارد النفط والغاز، التي يسعى كل طرف للسيطرة عليها واستثمار عائداتها في مشروعه الخاص، فإن للمنطقة أهمية استراتيجية كبيرة.

وأمس الجمعة، نقلت قناة “روسيا اليوم” عن مسؤولين عسكريين في موسكو، اتهامهم واشنطن بعرقلة جهود “مكافحة الإرهاب” من خلال قاعدتها العسكرية بمنطقة التنف، جنوبي سوريا.

والواقع أن تلك القاعدة تشكل نقطة البداية الجنوبية للمنطقة التي تسعى واشنطن لبسط نفوذها عليها، أو على الأقل إخراجها من نطاق النفوذ الروسي-الإيراني، وتمتد على طول الحدود السورية العراقية وصولًا إلى حدود البلدين مع تركيا، في توجه واضح لقطع التواصل البري المباشر بين إيران والعراق من جهة، وسوريا من جهة أخرى.

كما أن تلك المنطقة من سوريا تشكل امتدادًا طبيعيا، جغرافيا وديموغرافيا، للطرف العراقي من الحدود (محافظتي الأنبار ونينوى)، حيث تعد منطقة شبه صحراوية يسكنها بالأساس العرب السنة، وإن كانت ميليشيات كردية استطاعت بسط نفوذها على مساحات منها، فإن ذلك لا يعني أنها ستتمكن من البقاء فيها.

وشكلت تلك المنطقة، بامتدادها العراقي، ساحة تشكّل وإيواء العديد من الجماعات المسلحة التي قاومت الاحتلال الأمريكي للعراق إلى اليوم، فهي شاسعة وتصعب السيطرة عليها، إلا ربما من خلال حصارها بقعة واحدة، بشقيها السوري والعراقي.

وينذر ذلك المشهد بتوتر كبير في الأيام القادمة، قد تزيد من تعقيده حسابات أخرى، كالموقف التركي الرافض لدعم واشنطن الميليشيات الكردية، وسعيها لاتخاذ خطوات لمواجهة تعاظم نفوذها.