السبت 10/مايو/2025

الأحذية المحلية.. كيف انهارت في السوق الفلسطينية؟

الأحذية المحلية.. كيف انهارت في السوق الفلسطينية؟

على مدار السنوات الأخيرة شهدت صناعة الأحذية المحلية تراجعًا ملموسًا أثّر على ديمومة وقوة وشكل هذه الصناعة وتأثيرها في الأسواق المحلية إلى درجة هددت وجودها وصولاً إلى تلاشيها من النظام الاقتصادي الفلسطيني.

وعاشت تلك المصانع حالة من الازدهار والتطور وكانت أداة فاعلة في السوق الفلسطيني قبل أن تتعرض لانتكاسات متتالية بفعل سياسات السلطة الفلسطينية المالية أولاً، ثم نتيجة غزو البضاعة المستوردة من الأحذية للأسواق الفلسطينية على مر عدة سنوات جعلت هذه الصناعة تواجه خطر التلاشي والاندثار.

أسباب التراجع

ويعدّ “مصنع ملحيس للأحذية” نموذجًا شاهدا على واقع صناعة الأحذية في الأراضي الفلسطينية، وما آلت إليه الأمور بخصوصها؛ فبعد أن كان هذا المصنع  يعج بالحيوية والنشاط والإنتاج بات اليوم يتهدده خطر الإغلاق الحقيقي في ظل تراجع الإنتاج إلى نقطة أقرب ما تكون إلى اللا شيء، إذا ما قورن مع حجم منتجاته قبل عدة سنوات سبقت فتح الأسواق الفلسطينية للبضاعة المستوردة.

المركز الفلسطيني للإعلام” التقى السيد أسامة ملحيس أحد أصحاب شركة ومصنع ملحيس لتجارة الأحذية في مدينة نابلس؛ حيث أكد على أن واقع صناعة الأحذية في الضفة الغربية يمر بأصعب حالاته، بل إنه لم يمر عليه حال كما هو الآن.

وعزى ملحيس تراجع صناعة الأحذية والانتكاسة التي حلت بمصانع الأحذية بشكل عام، إلى عدة أسباب، في صدارتها تخمة الأسواق الفلسطينية بالبضاعة المستوردة التي غزت الأسواق بأشكال وألوان وموديلات مختلفة، أغرت الشباب الذين يهتمون بالشكل دون النظر إلى الجودة، على حد قوله.

وتابع: “رغم قوة ومتانة الصناعات المحلية؛ إلا أن الزبون، ولا سيما الشبان، يسارعون إلى اقتناء الأحذية المستوردة التي تسرق الأنظار في شكلها دون النظر إلى جودة تلك الأحذية، فعلى سبيل المثال الحذاء المحلي يصمد لدى الزبون ما يقارب السنتين، على عكس تلك المستوردة التي في الأغلب لا تدوم أكثر من ثلاثة أشهر”.

التزامات مالية

ومن جانب آخر رأى ملحيس أن حجم الالتزامات المالية التي تترتب على المصانع المحلية إذا ما قورنت مع الإنتاج جعل من هذه الصناعة تتراجع إلى حد كبير، وتابع: “هناك ضرائب كبيرة ومصاريف تشغيلية لا توصف جعلت الكثير من المصانع وأصحابها يعيشون مرحلة الإحباط والتراجع وصولاً إلى الإغلاق أو الاقتصار على بعض خطوط الإنتاج البسيطة التي لا تكاد تذكر”.

وكشف ملحيس أن المصنع كان في فترة زمنية نهاية الثمانينات وبدايات التسعينات من القرن الماضي، كان يسيطر على ما نسبته 55% من الأسواق  المحلية وكان يصدر جزءًا كبيرًا من بضاعته كذلك إلى الخارج وبلغ عدد العمل في فترة ما أكثر من 800 عامل، واحتوى على أحدث الماكينات والمعدات وخطوط الإنتاج، واليوم يقتصر عدد عمال المصنع على قلة لا يزيد عددهم عن عشرين، فيما يقوم إنتاج المصنع على تلبية بعض الأنواع  بناء على طلب مسبق”.
 
وأضاف: “وحتى وزارة الاقتصاد في السلطة الفلسطينية لا تستطيع  منع الاستيراد من الأسواق العالمية كون عملية الاستيراد تلك تدر أرباحًا على ميزانية السلطة أفضل بكثير مما يتم دفعه من المصانع الفلسطينية، وهو أيضا كان سببًا آخر في تراجع عمل المصانع وصناعة الأحذية على وجه التحديد، على حد تعبيره.

أبو خالد طبيلة، صاحب أحد محال بيع الأحذية يقول إن الأحذية محلية الصنع  باتت تقتصر فقط على أنواع وأعداد معينة، كون الزبون يميل لشراء كل ما هو مستورد، مضيفًا: “الأسواق الفلسطينية مليئة بالبضاعة المستوردة التي باتت تنافس الأحذية المحلية التي تواجه صراع البقاء”.

وتابع: “أكثر من محل لصناعة الأحذية سواء في مدينة نابلس أو الخليل أغلق أو تراجع إلى حد كبير نتيجة تراجع صناعة الأحذية، وإن الفترة المقبلة قد تحمل مزيدًا من التراجع لذات الصناعة ما لم يكن هناك دعم حقيقي  للمنتج المحلي”.

ثقافة انتماء

وفي سبيل إعادة الاعتبار لصناعة الأحذية المحلية قال طبيلة: “القضية وطنية بامتياز، ومن ثم هي ثقافة انتماء وقناعة، فإذا استطعنا تغيير النظرة الخاطئة عن المنتج المحلي، وأهميته جودته في نفوس الأجيال؛ فإننا قادرون بالعودة تدريجيًّا إلى الارتقاء بقطاع الأحذية وصناعتها”.

وختم: “المدارس والجامعات والمؤسسات والغرف التجارية ووزارة الصناعة من خلفها مطالبة بدعم المنتج الوطني والارتقاء به، والأحذية واحد من تلك القطاعات التي تحتاج إلى إنعاش، كونها منتجًا عائلاً لكثير من العائلات والأيدي العاملة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات