السبت 27/يوليو/2024

بالرغم من تحالفهما.. صراع صامت بين روسيا والصين في وسط آسيا

بالرغم من تحالفهما.. صراع صامت بين روسيا والصين في وسط آسيا

يُنظر إلى روسيا والصين، على الساحة الدولية، باعتبارهما حليفين وثيقين، وذلك في الكثير من الملفات، سواءً الاقتصادية أو السياسية، ابتداءً بملف كوريا الشمالية وليس انتهاءً بالأزمة السورية.

وقد جمعت العملاقين، تاريخيًا، الكثير من مساحات الاتفاق، منذ قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، أهمها بالطبع الأيديولوجيا الشيوعية المشتركة.

إلا أن الجانبين بالرغم من ذلك المشترك المهم، لم يتخلصا من خلافات الماضي والصراع على النفوذ، ما قادهما إلى حرب مباشرة غير معلنة استمرت 7 أشهر، عام 1969، وأخرى غير مباشرة عام 1979، في إطار النزاع الصيني الفيتنامي.

وبعكس المتوقع، فإن انهيار الاتحاد السوفييتي، نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات مهّد لعلاقات أكثر هدوءًا وانسجامًا بين الجانبين، على أساس توافق ضمني على تأجيل الملفات الخلافية لصالح المنافع الاقتصادية والاستراتيجية المشتركة.

أحد أهم تلك الملفات هو النفوذ في منطقة وسط آسيا، ذات الثروات الهائلة والمساحات الكبيرة غير المستغلة والأهمية الاستراتيجية الكبرى والأسواق الناشئة.

ومما يعجل بفتح ذلك الملف، بحسب تقارير، وبالتالي عودة الصراع بين الجانبين، الزحف الغربي، وخصوصًا الأمريكي، لبسط النفوذ في تلك المنطقة، وهو ما بدأ بمساعي اجتذاب دولها إلى المعسكر الغربي، منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي مع انهياره، وصولًا إلى الغزو الغربي لأفغانستان، عام 2001، وإعلان واشنطن أخيرًا بقاءها هناك “ما دام خطر الإرهاب قائمًا”.

وبالرغم من وجود تنسيق بين بكين وموسكو ضد النفوذ الأمريكي في أفغانستان، كما أشار المحلل السياسي البرتغالي “باولو كاساكا” في تقرير نشره موقع شبكة “دوتشه فيللي” الألمانية في يونيو/حزيران الماضي، إلا أن تقريرًا لمجلة “ذي ديبلومات”، نشرته نهاية أغسطس/آب الماضي، شكك في صدقية رغبة روسيا بخروج الولايات المتحدة.

فالولايات المتحدة لن تتمكن، كما لم تتمكن على مدار 16 عامًا الماضية، من السيطرة على أفغانستان، ووجودها هناك سيؤجل في المقابل تسلل الصين إلى المنطقة عبر تلك الجبهة.

على الجبهات الأخرى في آسيا الوسطى، ما تزال موسكو تحتفظ بسيطرة كبيرة، تمكنها من مواجهة المحاولة الصينية الحذرة لاختراقها.

وتمثلت أبرز تلك المواجهات الصامتة، بحسب تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية، في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في كازاخستان، ضد قانون جديد يبيح للأجانب (وخصوصًا الصينيين) بشراء الأراضي، في ربيع عام 2016، ما خلق حالة رفض عامة لتلك السياسة، بتحريك من موسكو، في عموم المنطقة، وسط ترهيب واسع النطاق من “التنين” القادم من الشرق.

وفي قرغيزستان، التي تعد علاقاتها مع الصين هي الأوطد بين دول المنطقة، أطاحت تلك الموجة، في نفس تلك الفترة، برئيس الوزراء، تايمر سارييف، على خلفية تهم فساد في مشاريع صينية، متعلقة بمشروع “طريق الحرير” الجديد، الذي تسعى روسيا إلى فرض مروره بها حصرًا دون الاقتراب من وسط آسيا، وإن لم تصرح بذلك، بحسب تقرير آخر لـ”ذي ديبلومات” نشر نهاية يوليو/تموز الماضي.

يحذر التقرير من انعكاسات خطيرة لانتقال ذلك الصراع إلى سطح طاولة العلاقات بين الجانبين، ستكون ضحيته شعوب المنطقة بالدرجة الأولى، خصوصًا إذا تمثل في إحداث قلاقل داخل تلك الدول وبينها، وهي التي تفرق بينها العديد من الخلافات الحادة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات