أوسلو وأكذوبة السلام الاقتصادي

صادف هذا الشهر ذكرى مرور أربع وعشرين عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل كاتفاق مرحلي لمدة خمس سنوات وأنعش توقيع الاتفاق آمال كبيرة للفلسطينيين لتحقيق حلم دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وتبع توقيع اتفاق أوسلو توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية، بتاريخ 29/4/1994م في مدينة باريس كأحد الملاحق الهامة لاتفاقية أوسلو وكان من المفترض أن تكون فترة تلك الاتفاقية للمرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات، لكن للأسف الشديد استمرت حتى يومنا هذا.
وبعد مرور أربع وعشرين عاما على توقيع اتفاقية أوسلو أصبحت من الزمن الماضي، حيث إن هذه الاتفاقية لم تعط أي فائدة أو تضيف أي شيء على الصعيد السياسي والاقتصادي، وما نتج عنها فقط سوى سلطة فلسطينية ضعيفة لا حول ولا قوة لها، ولا تمتلك أو تسيطر على أي شيء على أرض الواقع، حيث إن قطاع غزة والضفة الغربية ما زالا يعانيان من إجراءات وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، ففي قطاع غزة وبالرغم من الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، إلا أن “إسرائيل” أبقت سيطرتها على معابره ومنافذه البرية والبحرية والجوية، وفرضت حصاراً مطبقاً منذ أكثر من عشر سنوات، وفي الضفة الغربية ما تزال “إسرائيل” تسيطر أمنياً وإدارياً على نحو 60% من أراضيها وتتحكم بمنافذها، كما تتحكم “إسرائيل” بحركة الأفراد والبضائع وتضع المئات من الحواجز داخل الضفة الغربية، وعززت ذلك ببناء الجدار العنصري العازل الذي أضر بشكل هائل بالحياة الاقتصادية والاجتماعية لمئات الآلاف من الفلسطينيين، ويسيطر الاحتلال الإسرائيلي على نحو 85% من مصادر المياه في الضفة الغربية.
وكثر الحديث خلال السنوات الماضية عن المبادرات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الفلسطيني، فتارة تسمى مبادرة، وتارة يطلق عليها السلام الاقتصادي، وكلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتطويره وتنميته، لكن للأسف الشديد لم تتحقق أي نتائج مرجوة من تلك المبادرات، وهذا على الرغم من تخصيص ما يزيد عن 30 مليار دولار من المساعدات التنموية الدولية للأراضي الفلسطينية المحتلة في الفترة ما بين عامي 1993 و2014، وما زال الاقتصاد الفلسطيني يعاني من ضعف في كافة الأنشطة الاقتصادية وارتفاع في معدلات البطالة والفقر وانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض في مستوى الدخل وارتفاع في مستوى المعيشة.
وشهدت البطالة في فلسطين ارتفاعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة حيث ارتفعت من 18.2% في العام 1995 إلى 26.9% في العام 2016 ، وارتفع المعدل في الضفة الغربية من 13.9% عام 1995 إلى 18.2% في عام 2016، كما ارتفع في قطاع غزة من 29.4% عام 1995 إلى 41.7% عام 2016.
كما شهدت السنوات الأخيرة نموًّا بطيئاً في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة والضفة الغربية، حيث أشارت التقديرات الأولية بالأسعار الثابتة، إلى أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة والضفة الغربية قد بلغت 3080 مليون دولار خلال عام 1994 وارتفعت إلى 8058 مليون دولار خلال العام 2016.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة بنسبة 80% خلال تلك الفترة، حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة خلال العام 1994 بالأسعار الثابتة 10995 مليون دولار أمريكي، مقارنة مع قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016 والذي بلغ 19759مليون دولار أمريكي.
وبحسب تقرير للبنك الدولي صادر في العام 2014، أكد على أن الناتج المحلي الإجمالي لغزة حالياً أعلى مما كان عليه قبل 20 عاماً، وتقدر نسبة النمو السكاني في القطاع بـ 230%، وبالتالي أصبح دخل الفرد في غزة أقل بنسبة 31% مما كان عليه في العام 1994.
وفي المقابل ارتفع النمو في الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية بشكل كبير وملحوظ، حيث أشارت التقديرات الأولية بالأسعار الثابتة إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية بنسبة 307% خلال تلك الفترة، حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية خلال العام 1994 بالأسعار الثابتة 19812 مليون دولار أمريكي، مقارنة مع قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016 والتي بلغت 608210 مليون دولار أمريكي، وهو عبارة عن ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة.
وثبت بالدليل القاطع أن المبادرات والخطط الاقتصادية كافة التي تطرح في الوقت والوضع الراهن سوف تبقى حبراً على ورق دون الوصول إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية يمهد لاستقرار سياسي واقتصادي في المنطقة لعده سنوات قادمة، ويهيئ الفرصة لاجتذاب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية من خلال مشاريع اقتصادية ذات تنمية حقيقية ومستدامة تساهم في رفع حقيقي لمعدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني وخفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة، وتحسين الأوضاع المعيشية في فلسطين.
ويبقى التساؤل الهام الذي يحتاج إلى وقفه حقيقية: ما هي الإنجازات التي تحققت بعد مرور أربع وعشرين عاماً على إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية؟
……………………………………………………………………..
* مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

45 شهيدًا بمجازر إسرائيلية دامية في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 45 مواطنًا على الأقل وأصيب وفقد العشرات - فجر اليوم- في مجازر دامية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما...

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...