السبت 10/مايو/2025

الغاز .. ورقة في يد دول المنطقة ضد الاحتلال .. هل تستثمرها؟

الغاز .. ورقة في يد دول المنطقة ضد الاحتلال .. هل تستثمرها؟

بالرغم من توصل الكيان الصهيوني لاتفاق مع قبرص واليونان وإيطاليا، في أبريل/نيسان الماضي، على مد أنبوب أسفل مياه البحر المتوسط، لنقل الغاز القبرصي، والفلسطيني الذي تستخرجه سلطات الاحتلال، إلى أوروبا، وإظهار عدة دول حول العالم اهتمامًا بالاستثمار في هذا المشروع، إلا أن إمكانية تصديره إلى خارج المنطقة تبقى مثار شك، بالنظر إلى عدة عوامل اقتصادية وسياسية.

التكلفة والمنافسة
فتكلفة المشروع المرتفعة جدًا، بعدّه أطول أنبوب تحت الماء في العالم، مقارنة بكميات الغاز المتوفرة، وتعدد الدول المشاركة، وضعف البنية التحتية والإمكانات اللوجستية، قد يقضي على حلم الاحتلال بتصدير الغاز إلى الأسواق العالمية، بحسب تقارير دولية، أبرزها تقرير مجلة “ذي إكونوميست” الاقتصادية، الصادر منتصف أغسطس/آب الماضي.

فالأنبوب المتفق عليه يمتد لـ2200 كيلومتر، على عمق 3 كيلومترات، بتكلفة تتجاوز 7 مليار دولار، ويحتاج لـ8 أعوام من العمل لإنجازه، بحسب التقرير، فيما أن وصول الغاز “الإسرائيلي” إلى أوروبا عبر البر يتطلب عبور الأراضي اللبنانية أو سوريا التي مزقتها الحرب الأهلية، وكلا الدولتين لا تعترف بـ”إسرائيل”.

من جانب آخر، فإن الغاز الروسي، الذي تعتمد عليه أوروبا بشكل كبير، يصل دول القارة بأسعار منافسة جدًا، يصعب معها تحقيق جدوى اقتصادية للمشروع.

غاز فلسطين في قبضة الاحتلال
وتحولت “إسرائيل” من كيان يشتري الغاز إلى مصدرٍ له، بعد اكتشافها العديد من الحقول في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ تسيطر على عدد من حقول الغاز، منها “تمار 1″ و”تمار 2″ غرب حيفا، و”سارة وميرا” غرب “نتانيا”، و”ماري” قرب غزة، و”شمن” قرب أسدود و”كاريش” غرب حيفا، وحقل “لفيتان” العملاق للغاز، في جبل إراتوستينس، باحتياطي 16 تريليون قدم مكعب، الذي اكتشف عام 2010، إضافة إلى حقل “يشاي” المكتشف عام 2016 في المياه الإقليمية الفلسطينية والقبرصية المشتركة.

واضح أن الكيان الصهيوني لا يريد الاعتماد كليًّا على الأسواق الإقليمية في مصر والأردن وتركيا، التي أبدت اهتمامًا باستيراد الغاز منه؛ لتجنب السقوط في فخ الاعتماد على تلك الدول، التي قد تستخدم الغاز ورقة للضغط عليها في مرحلة ما.

إلا أن الحسابات الاقتصادية المشار إليها قد تجبر الاحتلال على البقاء في المنطقة، وهو ما سيأتي وزير الطاقة التركي، برات البيرق، لمناقشته، نهاية العام الجاري، بحسب ما نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن وزير الطاقة “الإسرائيلي”، يوفال شتاينتز، الأربعاء الماضي.

الاتفاقات مع الأردن ومصر
وتشهد الأردن احتجاجات دائمة على اتفاقية الغاز مع الاحتلال الموقعة عام 2016، من شركة الكهرباء الأردنية اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من “إسرائيل”، مقابل عشرة مليارات دولار.

وتقضي الاتفاقية بتزويد الشركة الأردنية بـ40% من حاجتها من الغاز الذي تسيطر عليه “إسرائيل” من حقل “لفيتان البحري”، لتوليد الكهرباء على مدى 15 عاما، وتبلغ الكميات التي ستستوردها الشركة بدءا من عام 2019 نحو 225 مليون قدم مكعب يوميا.

وبعد أن كانت مصر تبيع الغاز إلى “إسرائيل” بموجب عقد مدته 20 عاما، في اتفاق انهار في 2012 إثر هجمات متكررة على الخط في شبه جزيرة سيناء المصرية، ليتوقف العمل به منذ ذلك الحين، باتت مؤخرًا تشتري منها الغاز، ففي مارس / آذار 2017، وقّعت شركة “دولفينز” للغاز الطبيعي المصرية ومجموعة تمار “الإسرائيلية” للغاز، اتفاقية لاستيراد الغاز بقيمة 20 مليار دولار على مدى 15 عاماً.

البديل الروسي
ووفق الخبراء؛ فإن البديل المتاح لـ”إسرائيل”، فهو الاتفاق مع روسيا على توفير منشآت لإسالة الغاز، وهو بالفعل ما اقترحته موسكو قبل سنوات، فيما فضل الاحتلال التفاهم مع الأوروبيين ضد المصالح الروسية.

وإلى جانب ذلك الموقف، الذي قد يدفع الروس لغض النظر عن العودة للحديث مع الاحتلال، فإن تكلفة المشروع، ووجود كميات أكبر من الغاز لدى مصر المجاورة، التي أيضًا تمتلك بالفعل منشأتين لإسالة الغاز، قد يحرم “تل أبيب” من ذلك الخيار أيضًا، أو قد يعيدها إلى مربع الاعتماد على المنطقة من خلال إرسال الغاز إلى مصر ومنها إلى الأسواق العالمية.

وبعيدًا عن المخاوف “الإسرائيلية”، فإن قدرة دول المنطقة، أو رغبتها، في الضغط على “تل أبيب”، باستخدام هذه الورقة أو تلك، في سياق الملف الفلسطيني، أو غيره، مشكوك فيها، في الوقت الراهن على الأقل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات