عرب يقتلون عرباً

خمسة وثلاثون عاماً على مذبحة صبرا وشاتيلا، قد تكون العبارة الأكثر إيلاماً هي تلك التي قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقتها، مناحيم بيغن: “إنهم عرب يذبحون عرباً”. أراد أن يغسل يدي كيانه من ذبح 1390 فلسطينياً ولبنانياً (هؤلاء ممن عُرفت هوياتهم فقط)، وليقول إن جيشه بريء من همجية لا يقترفها “سوى العرب”، كما كان يتردد في الكيان الغاصب.

نعم، إن ميليشيات لبنانية كان لها الدور الأساسي في التنفيذ، لكن دور جيش الاحتلال كان بادياً جداً. وقد تجاهل بيغن تماماً تمهيد كيانه لتلك المذبحة، وهو ما رآه صحافيون وشهود عيان، وما كشف عنه الناجون من المذبحة. هو تجاهل تماماً نقض حكومته لتعهداتها بحماية المدنيين الفلسطينيين، وكذلك أغمض عينيه عن حصار جيشه يوم 15-9 للمنطقة التي وقعت فيها المذبحة بعد ذلك بيوم واحد، وإطلاقه قنابل مضيئة خلال المذبحة لإضاءة الطريق للقتلة. 

ولا ننسى انسحاب الجيش الصهيوني من المواقع القريبة لإفساح المجال أمام الميليشيات لدخول مسرح الجريمة، أما السكان الذين أرعبهم القصف الإسرائيلي قبل أيام من المذبحة، فقد تفاجؤوا بتوقف هذا القصف تماماً، وذلك لإتاحة المجال للقتلة لدخول المنطقة، وارتكاب جريمتهم بالفؤوس وهم مطمئنون إلى أنه ليس هناك مقاتلون يمكن أن يواجهوهم. 

وتتواتر الأحاديث بعد ذلك عن مشاهدة وزير الحرب الصهيوني أرييل شارون وهو يراقب العملية من على سطح مبنى قريب من المذبحة. هذه الروايات عاد وأكدها “كوبرا” في مذكراته، وهو مرافق إيلي حبيقة؛ قائد منفّذي المذبحة، حيث شرح كوبرا بالتفصيل كيف كان شارون يشاهد سير العمليات من شرفة منزل.

إن عبارة بيغن: “عرب يقتلون عرباً”، يعبّر من خلالها، بما يبطنه من سعادة عندما يرى حرباً أهلية في وطن عربي، لأنه لا أمن للكيان الصهيوني دون إشغال الشعوب العربية بحروب بينية. لذا كان التدخل الصهيوني الدائم في كل حرب أهلية عربية من جنوب السودان إلى شمال العراق وغير ذلك، ليتبجح بعدها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بأن عدد العرب الذي قُتلوا في حروب عربية عربية يفوق عدد القتلى العرب الذين سقطوا في حروب مع كيانه. 

“عرب يقتلون عرباً”.. إن تطبيق تلك المقولة هدف إسرائيلي دائم، لذلك لم تكن مفاجئة تلك الوثائق والاعترافات التي كشفت عن تحريض أرييل شارون للميليشيات بالانتقام خلال تعزيته بالرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل.