الأحد 23/يونيو/2024

قضاء السلطة.. محاكم تفتيش تلاحق الألسن والعقول

قضاء السلطة.. محاكم تفتيش تلاحق الألسن والعقول

في منطقة بئر المحجر على مشارف مدينة الخليل، وفي عمارة مستأجرة ثبتت لوحة على واجهتها كتب عليها “محكمة صلح الخليل”، وصور تحتها ميزان العدل الذي كادت صورته تتلاشى، فيما وقفت العديد من سيارات الأمن الوقائي والمخابرات والشرطة الخاصة والأمن الوطني على المدخل الرئيس للمحكمة، حيث انتشرت قوات التدخل السريع المقنّعون الذين امتشقوا بنادق الكلاشنكوف على جنبات المحكمة.

في وسط الشارع تجمع شباب “تجمع ضد الاستيطان”، وهم يحملون يافطات وشعارات تندد باعتقال ومحاكمة زميلهم الناشط الحقوقي عيسى إسماعيل حسن  عمرو (39 عامًا) رئيس التجمع، الذي كان يمثل أمام المحكمة في ظل أجواء من الحراسة الأمنية المشددة بتهم خطيرة جدا في عرف السلطة الفلسطينية العتيدة.

التعرض للتعذيب

تهم عمرو تلك لا تتعدى ما وصفوه بـ”إطالة اللسان”، حسب المادة 29 من قانون الجرائم الالكترونية المثير للجدل، وتهمة “إثارة النعرات الطائفية”، وفقا للمادة 150 من قانون العقوبات لعام 1960.

على الطرف الآخر من الشارع وقف العشرات من ممثلي البعثات الدبلوماسية والحقوقية الدولية الأجانب والإعلاميين الذين رفض قاضي المحكمة السماح لهم بحضور محاكمة الناشط عمرو بحجة أنها “محاكمة سرية مغلقة”.

بنيما سمح لمؤسسات حقوقية فلسطينية بحضور المحاكمة مثل: مؤسسة الضمير، ومؤسسة الحق، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، الذين وجدوا أنفسهم وكأنهم أمام محكمة من محاكم التفتيش في العصور الأوروبية الوسطى تحاكم قَسًّا على كلامه؟!.

الناشط الحقوقي والمعتقل عيسى عمرو بدا داخل المحكمة منهكا، مصفر الوجه يجلس على الكرسي ويقوم عنه وكأن على ظهره الجبال.

رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الناشط فريد الأطرش، ونقلا عن شقيق المعتقل عمرو، قال في تصريحات صحفية: إن عيسى عمرو ضربه على كتفه وظهره محققو جهاز الأمن الوقائي، وهو محتجز داخل مرحاض، ومضرب عن الطعام وعن تناول الدواء، وتوجَّه له الشتائم والإهانات.

وكانت محكمة صلح الخليل قد مددت اعتقال الناشط عمرو ظهر الخميس الماضي أربعة أيام أخرى لاستكمال التحقيق بحسب طلب النيابة العامة، علما بأنه معتقل لدى جهاز الأمن الوقائي منذ يوم (3-9)، وذلك بسبب التعبير عن رأيه على شبكة التواصل الاجتماعي حول انتهاك الحريات في السلطة الفلسطينية، والذي يخالف القواعد السامية لحقوق الإنسان بحسب القانون الدولي الإنساني.

حملة ممنهجة

واستنكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استمرار احتجاز الناشط الحقوقي عمرو، وأكد أن ما نشره يدخل في إطار حرية الرأي والتعبير، وفق المعايير الدولية الملزمة للسلطة الفلسطينية.

وأكد بيان المركز أن “اعتقال المواطن عمرو يأتي في إطار حملة ممنهجة تقوم بها السلطة الفلسطينية لإخراس الرأي الآخر، تضمنت اعتقالات طالت عددًا من الصحفيين وأصحاب الرأي، وسن قانون تعسفي للجرائم الإلكترونية ينتهك ويقوض ليس فقط حرية التعبير، بل أبسط معايير العدالة وحقوق الإنسان”.

واستهجن المركز تدني الوضع الحقوقي في الضفة الغربية والقيود التي باتت مفروضة على حرية الرأي، حيث أصبحت المطالبة باحترام القانون جريمة تؤدي إلى الاعتقال.!

وطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بإطلاق سراح الناشط عمرو، وحث السلطة على احترام القانون والتزامها بالقانون الأساسي الفلسطيني والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وناشد الجهات المحلية والدولية التدخل من أجل وقف الهجمة الشرسة التي تتعرض لها حرية التعبير، والتي تهدف إلى إخراس كل معارض أو ناقد.

واستهجن المحامي فهيم اجبارات، ممثل لجنة الدفاع عن الحريات في الأراضي الفلسطينية، محاكمة الناشط عمرو التي لا مبرر لها، بحسب رأيه.

وكان جبارات من المحامين الذين حضروا المحاكمة، وترافعوا عن الناشط عمرو.

إجراءات وتشديدات

وقال جبارات في حديث خاص لمراسلنا: “نحن تتبعنا ما كتبه الناشط عمرو عبر صفحته على الفيس بوك فوجدنا أنه لم يخالف بتاتا أي نص قانوني.. فهو تعبير عن الرأي ولا يوجد فيه تجريح ولا تشهير بأحد”.

واستغرب جبارات هذه الإجراءات والتشديدات داخل المحكمة وخارجها، و”كأننا أمام جريمة حرب”.

وعدّ الناشط الحقوقي والقيادي في حزب الشعب فهمي شاهين أن اعتقال عيسى عمرو “لا مبرر له”.

وقال شاهين في حديث خاص لمراسلنا: “نحن ضد الاعتقال السياسي، وضد الملاحقة على خلفية التعبير عن الرأي مهما كان الأمر، فلسنا في دولة بوليسية، ومن حق الفلسطيني داخل سلطته أن ينتقد ويعبر عن رأيه وفق القانون، والقانون الأساسي الفلسطيني لا يمنع ذلك”.

وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد العليم دعنا: “إن السلطة الفلسطينية لا تحترم حقوق الإنسان، وتنتهكها يوميا، فاعتقال الصحفيين على خلفية آرائهم جريمة، واعتقال السياسيين على خلفية نشاطاتهم الوطنية جريمة أكبر.. فلا نعيش في ظل نظام فاشي”.

وأضاف القيادي دعنا: “نحن ناضلنا واعتقلنا عشرات السنين من أجل حرية شعبنا واستقلاله، ولا يعقل بتاتا أن نقبل بانتهاك الحريات ومخالفة القانون، فاعتقال الإعلاميين والسياسيين جريمة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 54 مواطنًا وأصيب العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء، في ثلاثة مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، السبت،...