الإثنين 01/يوليو/2024

ثمانيني يجتاز الثانوية العامة.. ما علاقة فلسطين بذلك؟

ثمانيني  يجتاز الثانوية العامة.. ما علاقة فلسطين بذلك؟

يحارب الجهل في الثمانين من عمره، تكاد أوداجه تتقطع وهو يحث أحفاده على طلب العلم، لم تنقطع عبارته الاستنكارية “وهل أضاع فلسطين غير الجهل؟” طيلة ساعة من الزمن في حضرته، أصبح حديث فلسطين قاطبة، وهو من تجاوز اختبار الثانوية العامة في عامه الـ(82)، بعد ثلاث محاولات.  

يكرر الحاج عبد القادر محيسن أبو عجمية (أبو حسن)، من مواليد العام 1936م، في مدينة الخليل، عبارة أثيرة لديه “لا تقولوا إن قطار العلم فاتنا، بل في كل مراحل الحياة أبواب العلم والتعلم مفتوحة”.

وتبدأ قصته مع ذاك الهاجس الذي لم يفارقه للحظة، “فلسطين ضاعت بسبب الجهل، ولن أكون أحد أركان هذه المعادلة”، يقول “أبو حسن”: “عندما لم يحالفني الحظ في امتحانات الثانوية العامة في العام 2016، خاطبت أبنائي قبل أن يواسيني أحد منهم: “معلش الدنيا ما بتيجي مرة واحدة”، رافضا أن يرفع الراية البيضاء، متمسكاً بالأمل ومتزوداً بالعزيمة والإصرار لبلوغ النجاح.

تصميم “أبو حسن” على النجاح، ليس له مثيل، يقول، لمراسلنا: “ذهبت لمديرية التربية وسجلت لامتحان الثانوية العامة، للمرة الثالثة للعام 2017م، والتقيت في مكتب التربية مع مديرها الأستاذ عاطف الجمل، وقال لي: “يا أبو حسن ما تعبت من الدراسة؟ فقلت له لا ولن أتعب، حتى أحقق النجاح! فأكبر الجمل في هذه الإرادة والتصميم وشكرني وشجعني، فدرست وتعلمت وركزت، واستعنت ببعض المدرسين، ودخلت الامتحانات وحققت النجاح والحمد لله وحصلت على شهادة الثانوية العامة (الإنجاز)”.


null

لماذا عاد أبو حسن إلى الدراسة؟
ويعزو “أبو حسن” إصراره بالعودة إلى الدراسة، إلى عدة أسباب، يوجزها: “سبب هجرتنا من أراضينا وبيوتنا في العام 1948م، هو الجهل، فلقد كانت العصابات الصهيونية تبث الإشاعات عن المجازر المهولة وانتهاك الأعراض وتنشره بين الفلاحين، الأمر الذي دفعهم للخروج من بلادهم حماية لأعراضهم!، وللأسف كان أجدادنا أميين لا يعرفون أهداف الدعاية الصهيونية ولا غايتها، لذلك طردنا من أرضنا، وضحكوا علينا من خلال حربهم النفسية، حينها، أدركت أن التعليم نعمة لها أهمية كبيرة في حماية الأوطان، فعلمت أبنائي وبناتي وأحفادي، وقررت أخيرا أن أتعلم وأعود إلى مقاعد الدراسة من جديد”.
   
ويضيف الحاج “أبو حسن”: “تركت الدراسة منذ 62 عاما، ولكن عشقي لها أعادني من جديد للبحث عن سبلها، فرجعت إلى مقاعد الدراسة وسجلت طالبا موازيا، وبدأت أحمل كتبي وأذهب إلى مدرسة دورا مساء، أستمع إلى شرح الدروس وأعود إلى البيت أراجعها، وحصلت من المدرسة على جائزة بسبب مثابرتي وإقدامي”.
   
ويستذكر أبرز لحظات التحدي، فلقد واجهته صعوبات في عملية الحفظ، “وخاصة في مادتي التاريخ والجغرافيا”، وعندما تقدم في المرة الأولى لامتحان الثانوية العامة، رسب في العديد من المواد، وقال: “معلش الدنيا ما بتيجي مرة واحدة !!)، لم ييأس أبو حسن، وإنما صمم على إعادة امتحان الثانوية من جديد، كما يقول.
 
كان لزوجته الدور المهم في تشجيعه على المواصلة وتأدية الامتحانات وتهيئة ظروف الدراسة في البيت، تقول الحاجة مريم أبو عجمية: “حينما كنت أراه منشغلاً بشيء غير دراسته أذكره بهدفه، وأحاول تهيئة كل الظروف التي تساعده في التركيز والقدرة على الدراسة”.

ولن ينسى أبو محمد، أن يشكر أصحاب الفضل في هذا النجاح، ومن أبرزهم الأستاذ عبد المنعم قباجة، “الذي شجعني كثيرا على تقديم امتحان الثانوية العامة”، كما يدين بالفضل إلى مدير تربية الجنوب الأستاذ فوزي أبو اهليل، ويقول في حقه، “لقد سهل عودتي إلى المدرسة”، وكذلك الأستاذ عاطف الجمل مدير تربية الخليل الذي شجعني وساعدني وقدم لي كل التسهيلات، والشكر موصول لأم حسن التي كان لها الفضل في تشجيعي نفسيا وكذلك أبنائي وبناتي”.
    
لقد فرح أبناء وبنات وزوجة الحاج أبو حسن في نجاحه في الثانوية العامة، وأقاموا له حفلة خاصة في المنزل، ووزعوا الحلوى، وطالبوه أن يسجل في الجامعة، لكن “أبو حسن” ما زال يفكر ويدرس ويحاور نفسه في الخطوة المستقبلية القادمة، فهل يمكن له أن ينخرط في صفوف طلبة الجامعات في فلسطين، الأيام القادمة ستكشف لنا سر هذا الإصرار على التعليم ومحاربة الجهل ؟!.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات