شيرين وإخوتها.. قصة حنين اللقاء منذ 26 عامًا

بصوت ضعيف كأنه نبضات قلب أضناه التعب لكنه مملوء بالأمل والإرادة، تهادى إلينا صوت والدة الأسيرة شيرين طارق العيساوي عبر الهاتف وهي تحدثنا عن معاناة ابنتها شيرين (38 عاما) والتي ترسف حاليا في سجن الدامون البغيض.

حديث مطول لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” تطرقت خلاله والدة الأسيرة إلى الحديث عن المأساة الحقيقية التي تتعرض لها ابنتها بين سجني الدامون والهشارون خلال فترة اعتقالها التي امتدت لـ 3 سنوات ونصف.

الاعتقال والتهمة 

اعتقلت سلطات الاحتلال المحامية شيرين طارق العيساوي في (3-6) من العام 2014، وحولتها للتحقيق مع شقيقها مدحت طارق العيساوي، وكانت التهم الموجهة إليها تقديم خدمات لوجستية مع شقيقها مدحت لحركة حماس.

وادعت سلطات الاحتلال أن شيرين استخدمت مكتبها للتغطية على نشاطاتها في خدمة ما أسموه “الإرهاب”، وبعد 33 يوما من التحقيق في سجن المسكوبية حكمت عليها محاكم الاحتلال بالسجن 4 سنوات وغرامة مالية، وأغلقت مكتب المحاماة خاصتها في القدس بقرار محكمة، وسحبت قرار الترخيص لمزاولة مهنتها محاميةً في مدينة القدس، كما حكمت على شقيقها مدحت بالحبس الفعلي 8 سنوات.

وضع صحي هزيل

تقول والدة الأسيرة: إن إدارة السجون تنتقم من شرين دون أدنى مخالفة، وفي حال وجود أي إشكالية داخل أقسام السجن، فإن الإدارة تعزل بشكل فوري شيرين، بل وتعتدي عليها كما حصل في مدة العزل الأخيرة، والتي استمرت 55 يومًا متواصلة.

وتشير والدتها التي تمكنت من زيارتها قبل أيام إلى أنها تفاجأت من الوضع الصحي لابنتها، والتي بدا عليها الهزال الشديد والشحوب الواضح.

واستطردت أن إدارة السجن حرمتها من الزيارة شهرين متتاليين، ونقلتها إلى سجن هشارون، ورفضت الإدارة هناك استقبالها، ورفضت الأسيرة أيضا الدخول إلى القسم، ثم أعيدت إلى سجن الدامون.

وتقول والدة شيرين: إنها لم تجتمع مع أبنائها في البيت منذ 26 عامًا.

من جانبه أكد والد شيرين أن إدارة سجن هشارون عزلت شيرين مرتين لفترات خلال عامي 2016-2017، وقد خاضت إضرابا عن الطعام خلال فترة عزلها في المرتين من أجل رفع العزل عنها.

وتابع والدها السيد طارق عيساوي، أن إدارة السجن كانت تتهم ابنته بالوقوف وراء بعض الأعمال داخل السجن دون مساءلة أو تحقيق، و”قد تأكدنا من استهداف الإدارة لها بعد أن وصلتنا معلومات متأخرة عن أن إدارة سجن الدامون عزلتها في سجن الجلمة بعد أن اعتدى عليها أربعة ضباط ومعهم مدير القسم داخل السجن بالضرب المبرح، ما أدى إلى إصابتها بكدمات ورضوض”.

وحسب شهادة أسيرات محررات خرجن من سجني الهشارون والدامون؛ أكدن أن الإدارة تحاول إلصاق أي إشكالية تجرى داخل القسم بشيرين دون تحقيق أو حتى الرجوع إلى ممثلة المعتقل.

عائلة مجاهدة

ويستهدف الاحتلال حياة كل فرد من عائلة المحامية شيرين العيساوي؛ حيث تتكرر الاعتداءات على بيتها وتتواصل المداهمات، كما استشهد فادي طارق العيساوي في العام 1994 خلال الهبة الشعبية التي وقعت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، واعتقل الاحتلال أحد أبناء الأسرة “مدحت” المحكوم 8 سنوات، وأمضى منها 3 سنوات ونصفًا.

واعتقل الاحتلال أيضا سائد وشادي وفراس، وسامر؛ الذي نفذ أطول إضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، وأفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار، ثم أعاد الاحتلال اعتقاله مرتين، وأعاد له فترة حكمه السابقة، ويقضي الآن فترة حكمه بالمؤبد.

سجن ومنفى

لا تفاوت في الخدمات داخل سجون الاحتلال؛ فجميعها تخضع لسيادة وحدات السجون “الشاباص” وتمرر عليها سياسة القبضة الحديدية، ولكن سجون النساء هي عبارة عن سجون ومنافٍ في الوقت ذاته؛ لأنها تقع على مسافات بعيدة من أماكن سكن عائلات الأسيرات في منطقتي حيفا وتل أبيب داخل فلسطين المحتلة عام 48.

ويقع سجن الهشارون في “تل أبيب”، حيث تجرى محاكمة الأسيرات بين محكمة الاحتلال بالقدس ومحكمة عوفر، ويُنقلن عبر البوسطات لعدة ساعات، ما يشكل معاناة حقيقية محفوفة بالمخاطر والأذى النفسي الناتج عن التفتيش العاري وبذاءة المعتقلين المدنيين خلال أعمال النقل.

ويحتوي سجن الهشارون بالإضافة إلى سجن النساء قسمًا صغيرًا للمعتقلات المدنيات الصهيونيات، و41 قسمًا آخر للسجناء المدنيين، وهو سجن مغلق يمتد تاريخة إلى فترة الانتداب البريطاني.

أما سجن الدامون فيقع على بعد أقل من كيلومتر من جبل الكرمل في حيفا، وهو عبارة عن سجن مغلق من جميع الجوانب، ويحتوي على عدة أقسام للسجناء المدنيين وقسم واحد للنساء الأمنيات، وهو مكون من غرفتين فقط مفتوحتين على مكان صغير للفورة.

ويوجد حاليا في سجون الاحتلال 62 أسيرة، وفي سجن الدامون 24 أسيرة، فيما يوجد في الهشارون 38 أسيرة.