بدران جابر .. شيخوخة لم تهرم في ساحات النضال

رغم كبر سنه وأمراضه المتراكمة، إلا أنه حاضر في ميادين النضال كافة، لم تنهكه الاعتقالات وأحكام السجن التي زادت عن العشرين عاما، ولم يحبطه تغييب أبنائه جميعا في سجون الاحتلال، ففي كل نشاط وطني يكون حاضرا ومناقشا، وفي وقفات الأسرى ومسيرات التضامن يكون في الصف الأول دوما، إنه المناضل والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بدران بدر محمد جابر (أبو غسان).
   
تشرب أبو غسان (69 عاماً)، النضال في شبابه، حيث كان يسكن في البلدة القديمة من الخليل، عاصر آثار النكبة وعايش النكسة وتدرج في النضال الفلسطيني، فانضم إلى الجبهة الشعبية مقاتلا ومناضلا وسياسيا، ولعب دورا في الحركة الطلابية الفلسطينية، على الساحتين الفلسطينية والأردنية، (عندما كان طالبا في قسم الجغرافيا بالجامعة الأردنية، التي تخرج منها).

انتقل بعدها إلى الساحة اللبنانية متدرجا في مواقع ومناصب نضالية عديدة، حتى عاد إلى الأرض المحتلة ليشارك في مسيرة النضال الفلسطيني، فاعتقل وعذب وأصبح مطاردا للاحتلال أكثر من مرة، ونالت أسرته قسطا من المحنة، فاعتقلت سلطات الاحتلال جميع أبنائه عدة مرات، وقضوا سنوات في سجون الاحتلال، دون أن تلين له قناة.
 
 كان أبو غسان ولا يزال جريئا في مواقفه السياسية، وخاصة ضد التنازلات والتطبيع واتفاقيات التنازل والمساومة، لا بل كان لاذعا في انتقاداته لمواقف السلطة، بكل ما يتعلق بالتنسيق الأمني وتجريم المقاومة، لذلك عادت سلطات الاحتلال من جديد لملاحقته واعتقلته ليلة (9-8-2017)، وحولته للاعتقال الإداري.
     
جميع الأبناء بالسجن
“أم غسان”، التي عاصرت حياته النضالية وعايشته في مسيرته الطويلة، تقول: “زوجي لا يزال يعيش نفس الشباب في النضال، فرغم كبر سنه وأمراضه المتعددة، إلا أنه حاضر في كل قضية تتعلق بالوطن ومسيرته ومستقبله”.
     
وتضيف (أم غسان) في حديث خاص، لمراسلنا: “زوجي أبو غسان يحب وطنه وشعبه ويحقد على المتآمرين والمتنازلين عن القضية، ما عهدت في نفسيته الانهزام، لا بل صنع من بيته ومنا جميعا بوتقة ثورة ملتهبة”.

وتتابع: “لن أنسى بتاتا عندما كان أبو غسان في معتقل النقب، وابني غسان في نفحة، وابني وديع في عوفر، وابني فادي في سجن ايشل، وأنا أزورهم جميعا، كل في سجنه طوال الشهر دون كلل أو ملل!! ، وعندما كنت أتحدث لأبي غسان عن أبنائه ومحنتهم في السجون ومحنة تنقلاتي كامرأة، يجيبني بكل هدوء: هكذا هو النضال، وهذا أقل القليل الذي نقدمه للوطن، الوطن عزيز وغالي يا أم غسان، غيرنا قدم روحه وروح أبنائه؟!”.
     
نموذج فريد
رفيق دربه في النضال والسجن، القيادي المناضل عبد العليم دعنا (66 عاما)، يرى أن بدران جابر، يمثل نموذجا فريدا في الإقدام والصبر والمواجهة، ويقول لمراسلنا: “أبو غسان مناضل صلب، وإنسان مميز في انتمائه وعطائه، عايشته في الجبهة الشعبية وعملنا معا في الداخل والخارج، وكذلك داخل السجن فكان مثالا للمناضل الوفي، جريئا يجهر بموقفه مهما كانت انعكاساته”.
   
ويضيف دعنا: “أبو غسان عدو للتطبيع والتنسيق الأمني والتنازل ومواقف السلطة السلبية، وكذلك نشيط في فعاليات شعبنا التضامنية مع الأسرى وضد الاستيطان ومصادرة الأراضي”.
     
ولم يختلف الموقف تجاه “جابر”، عند صديق آخر عاصره وعايشه في التنسيق الفصائلي، يقول المناضل فهمي شاهين القيادي في حزب الشعب الفلسطيني، لمراسلنا: “أبو غسان قيادي يستحق التقدير والإكبار على مسيرة نضاله الطويلة، عايشته وعاصرته في المكتب الدائم للقوى الوطنية والإسلامية، واشتركنا معا في العديد من الفعاليات الشعبية، فكان دوما في المقدمة، مقداما يحب العمل المشترك، ولا يستطيع أحد أن يحبطه عن العمل والمشاركة الوطنية، كان وحدويا يكره التفرد والانقسام والتشرذم، ورغم مرضه وشيخوخته إلا أنه أصر على المشاركة دوما في خدمة النضال الفلسطيني والدفاع عن قضايا شعبه ووطنه”.